TOP

جريدة المدى > سينما > السبع وصايا .. رؤية صوفية في متاهة واقعية

السبع وصايا .. رؤية صوفية في متاهة واقعية

نشر في: 3 سبتمبر, 2014: 09:01 م

" فـ للهِ قومٌ في الفراديسِ مذ أبتْ قلوبهم أن تسكن الجوَّ و السما" كلمات للشيخ”  محيي الدين ابن عربي”  بدأ ت بها الشارة او التتر للدراما العربية “ السبع وصايا “ للمؤلف " احمد امين راضي"  الذي يطرح قضية الايمان ب

" فـ للهِ قومٌ في الفراديسِ مذ أبتْ قلوبهم أن تسكن الجوَّ و السما" كلمات للشيخ”  محيي الدين ابن عربي”  بدأ ت بها الشارة او التتر للدراما العربية “ السبع وصايا “ للمؤلف " احمد امين راضي"  الذي يطرح قضية الايمان بفلسفة صوفية وجودية جعلتنا نرى التخبط الحقيقي للانسان الذي يسعى خلف مختلف الشهوات من مادة ، وخرافات،  وشهرة ، وما الى ذلك في الحياة . بينما هو  لا يحتاج الا للثقة بالنفس بأسلوب انتقادي لمختلف القضايا الاجتماعية التي يتعرض لها الانسان بشكل عام ، ولكن  المؤلف " احمد امين راضي " فتح قصة  الوصايا نحو مجموعة من القصص الدرامية  المتتابعة المشاهد والمحبوكة  الرؤيا وضمن شخوصه المختلفة حياتيا  ومن مجتمعاتنا العربية. 
ليستنتج المشاهد تحليلاته وقدرته على اكتشاف المغزى الانساني المحير عن القدر، واستدارة الحياة زمنيا ، والكثير من المواضيع الشائكة على الانسان، والتي ما زالت مسار بحث فلسفي، فهل القدر هو من صنع الانسان ام الانسان يرسم أقداره بأفعاله؟.ام هو من يشارك في صنع أقداره التي قد تودي به الى التهلكة ؟.وهل الانسان مخير ام مسير؟.وهل الشك يؤدي الى صنع العدل على الارض؟.وهل من عدل يكتمل في الدنيا؟.ام ان الدراما هي الحياة برمتها، وما نعيشه من احداث يترجمها الزمان بمختلف تجلياته؟ وما عشناه في الماضي سنعيشه في الحاضر وسيؤثر على المستقبل؟.
نسير باتجاه انفسنا بغير وعي منا خوفا من المجهول او من المستقبل الغامض الذي نجهله بحيث يعيد التاريخ نفسه ، ونكتب قصة حياة جديدة بأيدي الحاضر، فالمعرفة تحتاج الى يقين والى الحق الذي يستدير في الحياة، ليحقق ذاته مهما كانت قوى الشر قادرة من حيث السيطرة الفعلية على العقول البشرية او خلق تأثيرات عقائدية لا ترتبط بالدين. انما بالمأثور الشعبي او مما نراه من دجل او سحر، وهو في الحقيقة من صنع الانسان او مما يؤثر على اتجاهات الشعوب من فساد ورشا وحتى الهروب من النفس. لخلق الجنون القادر على تحدي العقل للانسان ليضعه أمام عجزه النفسي في مواجهة الصعوبات. هذا اضافة الى معان كثيرة يستنتجها المشاهد ضمن الحلقات الدرامية التي استطاعت خلق استفزازات حسية عند المشاهد، ليتابع الأحداث في الحلقات كلها بانتظار ظهور الجثة ليدرك في نهاية البداية ان الجثث الحقيقية هي التي ماتت مع تكرار المشهد نفسه عبر الزمن ضمن سيناريو محبوك دراميا ، فهل استطاع مسلسل " السبع وصايا " اعادة حكاية آدم وحواء وقتل قابيل لهابيل والحروب والثورات التي تبدأ من ضعف ايماني لتنتشر باسماء مختلفة ضمن حلقة صراع انساني لا تنتهي؟ 
تقوم مبروكة مع الفنانة سوسن بدر او سماح بتلقين وإيحاء لشعائر معينة لتوليد العقائد الدنيوية المختلفة سعيا وراء هدف مادي هو نفسي بالدرجة الاولى. لهذا تصاب بالجنون في الحلقة الاخيرة . بينما هي في الحقيقة تكتب سيناريو خاصا. لتبتعد عن التمثيل ولكن ضمن سعي آخر لكي تستطيع الوصول الى مبتغاها وهو كتابة سيناريو تخيلي مستمد من الحياة الواقعية لأبناء هي أمهم المجازية حيث تبدأ المتاهة الحقيقية للدراما برؤيتها الحياتية حيث تشهد افعالنا على مسيرة حياتنا المتشابكة مع العقل الباطن والواعي، وضمن رؤية فنية اخرجها بثبات المخرج " خالد مرعي" بكافة العناصر الفنية التي تخدم النص من ديكور ، وموسيقى، وشارة بداية، ومؤثرات ، وتصوير ، وضوء . الا انه اكتفى بتكثيف المشاهد الداخلية وبتعتيم ضوئي. ليحافظ على المؤثرات البصرية بالمستوى المتناسب مع الحركة المرئية التي تترجم الخوف الداخلي من المجهول. لنشعر اننا بحاجة الى الضوء الشديد عند نهاية المسلسل الذي حبكه المخرج بتوأمة جمالية مع المؤلف . لنشعر بالحيرة اكثر بعد الحلقة الاخيرة، وما حملته من رمزية وإيحاء بقى ضمن شيفرات العقل الخاصة لكل مشاهد او لنستطيع تحليل الاحداث، وكأن الحلقة الاخيرة هي بداية الحلقات كلها، وفي هذا استدارة ادبية ودرامية ذات سريالية صوفية، وهذا خلق رغبة عند المشاهد في إعادة رؤية الحلقات مرة اخرى. 
العقل الباطن والسيدة نفيسة وإخفاء العقل الواعي هي جزء من متاهة النفس المتعبة وخباياها الساعية خلف الحياة ، فما هو دور العقل الواعي الذي يتمثل بعدم الظهور كجثة رمزية للسيد نفيسة في دراما السبع وصايا؟ حيث نشهد في الحلقة الاخيرة حكاية الانسان ومحاكاة الحياة في اعادة السيرة او السيناريو المكتوب بيد سماح، ولكن بوجوه جديدة ستحيا في أزمنة وأمكنة مختلفة . الا انها ستروي الحكاية نفسها والوصايا ستبقى كما هي، وستفسر كما يريدها العقل الباطن والعقل الواعي. ليدور الزمن وفق العدل الإلهي او الحق . فالرؤية الصوفية للسبع وصايا نابعة من قلب الحياة، ووفق التنوع الانساني الذي تطلبه الوصايا . لتكون بمثابة وجود يمثل الانسان بكافة مراحله الزمنية المؤثرة على التاريخ او البداية حيث استطاع تتر المسلسل ترجمة ما يسعى اليه المؤلف والمخرج على السواء. 
جمع الملحن" هشام نزيه" نغماته المرنة ليستسيغها السمع بحلاوة الحضرة، وموسيقى معاصرة اندمجت مع الأحداث المتواترة عبر الحلقات لتؤلف بمعانيها سمفونية اختلط فيها الماضي مع الحاضر، وضمن فن موسيقي معاصر ذكرني بسمفونية" كارمينا بورانا " لكارل اورف حيث استطاع تلحين موسيقاه بما يتناسب مع الكلمات والمعنى الصوفي الذي اراد الاحتفاظ به المؤلف " احمد امين راضي" لتبقى الوصايا ضمن النهج القلسفي التصوفي، وايضا ما يريد اظهار جماليته دراميا المخرج" خالد مرعي " حيث احتفظ برؤيته الاخراجية الخاصة، وارتقى بها تصاعديا مع الاحداث . لتتخذ الموسيقى التصويرية مكانها الخاص في خلق مؤثرات تثير حواس المشاهد وتضعه امام منبهات موسيقية تشعل يقظته الدرامية تبعا لسخونة المشهد او برودته او ما يحمله من خوف او هروب باتجاه المشهد الداخلي المبني على مرونة الشخوص او بالاحرى قدرات الممثل في اظهار المكنون الدرامي والتأثيرات النفسية المتأثر بها من تقمص الدور وحسية المشهد وهذا ربط شديد المتانة بين الممثل والمشاهد والواقع الاجتماعي لزمن اشار له في الحلقة الاخيرة انه زمن الثورة حيث رأينا ايضا جهاز اللاب توب مع الفنانة " سوسن بدر" لتكتب السيناريو على جهازها الخاص. 
أداء تمثيلي تميزت به الفنانة " رانيا يوسف " كما تميزت" سوسن بدر" و" ايتن عامر" واسرة المسلسل بكاملها التي اندمجت مع المشاهد بدون أية زخرفة تجميلية . لنشعر اننا أمام رؤية انسانية من الواقع ، ونعيش معها الاحداث لحظة بلحظة ، فاهتمام الممثل بتقمص الدور والإحساس به كان به الدور المهم . لان البعض تجرد حتى من المكياج. ليظهر طبيعيا في مشهد استطاع منح المشاهد درامية الاحساس والتعاطف الوجداني مع كل الاخوة ، وحتى مع الممثلين الاخرين الذين تدرجوا في التفاعل. ان مع الدور او مع الموسيقى والاضاءة ، والقدرة على خلق توازن بين شخصية الممثل والدور الذي يتقمصه باحساس مرهف وفعال ، وهذا ظهر جليا لنشعر بالتآلف المكتمل الأركان فنيا بين الاسرة الدرامية من كافة النواحي نصا ادبيا دراميا وسيناريو استطاع منح الرؤية تباينات تتأقلم مع البيئة العربية ومدى قبولها لهذا النوع من الدراما الفلسفية الصوفية ، واخراجا وموسيقيا وتصويريا واضاءة خطرة . لانها اعتمدت على تعتيم بعض المشاهد ، وهذا قد يتقبله المشاهد وقد يرفضه. الا ان المخرج استطاع الخروج من هذه المغامرة بالضوئية بالمؤثرات الحسية الذكية في المشاهد الدرامية التي احتاجت الى تعتيم بنسبة معينة ليتأقلم المشاهد بصريا على نمط الحلقات واسلوب اخراجها المرن الذي تمكن منه المخرج " خالد مرعي" .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

أوس الخفاجي: إيران سمحت باستهداف نصر الله وسقوط سوريا

عقوبات قانونية "مشددة" لمنع الاعتداء على الأطباء.. غياب الرادع يفاقم المآسي

مدير الكمارك السابق يخرج عن صمته: دخلاء على مهنة الصحافة يحاولون النيل مني

هزة أرضية جنوب أربيل

مسعود بارزاني يوجه رسالة إلى الحكومة السورية الجديدة

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

وفاة ديڤيد لينش فنان الرؤى المميّزة.. وأيقونة السينما الاميركية

السينما كفن كافكاوي

مهرجان الجونة السينمائي يعلن عن مواعيد دورته الثامنة

مقالات ذات صلة

وفاة ديڤيد لينش فنان الرؤى المميّزة.. وأيقونة السينما الاميركية
سينما

وفاة ديڤيد لينش فنان الرؤى المميّزة.. وأيقونة السينما الاميركية

متابعة المدىوديفيد كيث لينش صانع أفلام وفنان تشكيلي وموسيقي وممثل أمريكي. نال استحسانًا لأفلامه، والتي غالبًا ما تتميز بصفاتها السريالية الشبيهة بالأحلام. في مسيرة مهنية امتدت لأكثر من خمسين عامًا، حصل على العديد من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram