لحرب غزة ذيول ونتائج ستفرض نفسها على المجتمع الإسرائيلي، المفجوع باكتشاف عجز "الجيش الذي لا يُقهر"، عن مواجهة تنظيم بحجم حماس، ما يثير عديد التساؤلات عن جدوى تلك الحرب، وتداعياتها على الأمن القومي الإسرائيلي، ومناعة الجبهة الداخلية، وعلى التركيبة الحاكمة، في ظل محاولات نتنياهو إقناع مواطنيه بالنصر، رغم معرفته بأنه يكذب عليهم، وأن كذبته مفضوحة ومكشوفة، خصوصاً عند دراسة نتائج مواجهة أقوى جيوش المنطقة، لمنظمة لا يزيد عديد أفرادها عن عشرة آلاف مقاتل، يمتلكون في أحسن الأحوال، بضعة آلاف من القذائف الصاروخية، ويعيشون في منطقة محاصرة منذ أكثر من 8 سنوات.
بديهي أن تختلف زوايا النظر إلى نتائج حرب غزة، فحماس تعلن أنها انتصرت، وأن نتيجة ذلك ستكون تعاظم شعبيتها في الشارع الفلسطيني، وحكومة نتنياهو تؤكد انتصارها ولو جزئياً، بتدميرها البنية التحتية لحماس، لكن الكثير من المحللين الإسرائيليين، يؤكدون أن الرابح الأكبر هو محمود عباس، بإشرافه على إعادة إعمار غزة، وتجديد الاعتراف به كشريك شرعي عند العرب والنظام الدولي، والأهم في نظر الرأي العام في إسرائيل، حيث يقول هؤلاء، إن عملية الجرف الصامد، ربما تكون الطبق الذهبي الذي ستقوم فوقه دولة فلسطين، خصوصاً مع ثبوت عجز الجيش الإسرائيلي عن إلحاق هزيمة نهائية بحماس، وأن حرباً من هذا النمط تتطلب أثماناً لم يتوقع الإسرائيليون دفعها، ولا يرغبون بذلك، بعد تبينهم أنهم يعيشون بلا حكومة، أو في ظل سلطة عنوانها الفشل.
وبعد، إن كان التعادل هو النتيجة الأقل إيلاماً لحكومة إسرائيل، بعد حرب استمرت خمسين يوماً، مع منظمة لاتقارن قوتها بما يمتلك حزب الله، وحتى التذرع بقبول التعادل لوقف الحرب، نتيجة للوضع المرتبك في عموم المنطقة، بسبب تعاظم مخاطر داعش، لا يبدو مرضياً للشارع الإسرائيلي الغاضب بعنف، من شلل الحياة في الجنوب طوال أيام الحرب، وإجبار آلاف الأشخاص على الهرب من منازلهم، والشعور مسبقاً بعجز جيش الدفاع عن مواجهة محتملة مع داعش، إن تمكنت من الوصول إلى حدود الدولة العبرية، في مرحلة يسود فيها التطرف كل أنحاء المنطقة، والتيقن أن خسارة حرب محدودة قد تكون محتملة، مع التساؤل المر عن نتائج خسارة حرب استراتيجية، حيث اعتادت إسرائيل أن تلحق الهزيمة بأعدائها، لكن هذه الأيام ولت، ولا يمكن لإسرائيل أن تسمح لنفسها بأن تخسر، لأن خسارتها الأولى ستكون الأخيرة.
حان وقت الحساب، والإسرائيليون يطالبون نتنياهو بتقديم كشف حساب، عن سنوات حكمه التي قضاها مُتبجحاً، ومُهدداً بتوجيه ضربة صاعقة لإيران، وهي عملية رصد لها مليارات الدولارات، ويؤكدون أنه لو خصص لمستوطنتين اثنتين 1% مما خصصه لمفاعل نتانز، لأصبح الإسرائيليون أكثر أمناً، ما يعني عند المراقبين، ضرورة مراجعة النظرية الأمنية لإسرائيل بجدية كاملة، وترجمة ذلك إلى إجراءات سياسية، بينما تتزايد مخاوف الجمهور من جولة ثانية للقتال، يكون مسرحها لبنان أو تعود إلى قطاع غزة، لتؤكد نهائياً فشل كل سياسات اليمين الصهيوني المتطرف، إن لجهة إقامة الدولة الفلسطينية، وإطفاء بؤرة توتر مشتعلة منذ عقود، أو إقامة السلام مع محيطها العربي، كنتيجة مباشرة لحل القضية الفلسطينية.
كنتيجة لحرب "الجرف الصامد" أو "العصف المأكول"، التي أبهجت طهران ودفعتها لوضع قدميها في الماء البارد، يقول الإسرائيليون "من المثير للسخرية التفكير الآن، في أن بعضنا كانوا قبل سنتين مقتنعين بأن نتنياهو كان يعتزم مهاجمة إيران" ونقول لهم إن ذلك كان نكتة سوداء، وحماقة مؤكدة، من حظكم أنه لم ينفذها.
هل تهاجم إسرائيل إيران؟
[post-views]
نشر في: 3 سبتمبر, 2014: 09:01 م