ضعوا ببالكم أن المقصر في كل زمان "لوتي". وأن أغلب الضحايا من البسطاء. و "اللوتي" يجيد الضحك على البسطاء لأنهم بطرك عواطفهم وحرقة قلوبهم التي تغلي على فقدان أحبتهم. لقد استفرد "اللوتية" بأمهات وآباء وأخوات وإخوان ضحايا سبايكر في جلسة البرلمان. كان يجب ان يحضر معهم محامون لحمايتهم من الشطّار والنصّابين.
في البلدان الإنسانية، وأقصد تلك التي يقودها إنسان وحكومة آدمية، عندما تتعرض العوائل لنكبة في أبنائها بفعل تقصير السلطة، يتولى محامون وهيئات دفاعية مخاصمة الحكومة والاقتصاص منها. وفي تلك البلدان أيضا قد لا تحتاج العوائل لكل ذلك إذ يقدم المقصر، وغالبا ما يكون رئيس الحكومة، على الاستقالة هو وحكومته وقد ينتحر أو يذهب طوعا للسجن أو يطأطئ رأسه أمام أهل الضحايا ليتقبل الصفعات والكفخات.
الناطق، الذي حضر جلسة البرلمان بعد ان فرّع شعره المصبوغ بالأسود الفاحم جدا تيمنا بطريقة صبغ المنطوق باسمه، شاهدناه وسمعناه بأم أعيننا وآذاننا يقول بعد أن سمّى بالله "لا يوجد طالب واحد من بين ضحايا سبايكر". مثل هذا أين يجب ان يكون الآن؟
وسيده، الذي هو رئيس الحكومة ووزير الدفاع والداخلية والأمن الوطني والقائد العام للقوات المسلحة .. الخ .. الخ، يقول ببساطة شديدة ان عدد المغدورين في سبايكر 175 فقط! يعني عينك عينك طيّر الصفر من الـ 1750 فصارت 175.
من يشطب دماء 1750 قتيلا ألا يعني انه يريد تخفيف الحمل عن المجرم ويلقيه على المقتول؟ ألم يتشطر علي الفريجي، مثله، برأس المفجعوين ليقول لهم ان أولادكم هم من قتلوا أنفسهم؟!
على نقابة المحامين ان تلبس السواد وتنكس أعلام الحداد. وعلى المحامين أن يهرعوا صوب أهالي الضحايا لينقذوهم من الذين ارتدوا عدة النصب والاحتيال. خذوهم للمحاكم بعد ان تستردوا "شيلة" أم الشهيد من رئيس مجلس النواب. اذهبوا إليه وهوّسوا بباب البرلمان: رد "شيلتنه" احتاجيناها.