TOP

جريدة المدى > الملحق الاقتصادي > بعد ان كان مصدرا له .. العراق يستورد 90 % من الرز

بعد ان كان مصدرا له .. العراق يستورد 90 % من الرز

نشر في: 7 ديسمبر, 2009: 04:28 م

بغداد/ المدى الاقتصادي تراجعت نسبة إنتاج المحاصيل الستراتيجية بشكل لافت للنظر فيما تستورد وزارة التجارة وتجار الحبوب ما نسبته 90% من الرز الذي كان العراق يعد من اكبر مصدريه الى دول المنطقة. وفقدت "سلة الخبز" العراقية قدرتها على الإنتاج، فيما يشكو المزارعون من قلة الماء في نهري الفرات ودجلة، كنتيجة لسياسات القطع التركية والسورية والإيرانية،
 ومن غياب خطط الدعم الزراعي الحكومية، محذرين من كارثة حقيقية يمكن أن يواجهها البلد، إذا ما استمر "تعطـّل" زراعة المحاصيل الستراتيجية كالرز والحنطة. ونشرت وكالة فرانس برس مؤخرا تقريرا ذكرت فيه أن وجه المزارع العراقي عايد شمخي، بدا مكفهراً، وهو ينظر الى أرضه اليابسة التي تتناثر فيها الأعشاب الضارة، برغم أنها تقع وسط أو في قلب منطقة كانت تُسمّى ذات يوم "سلة الخبز" العراقية. ويقول شمخي بحسب الوكالة ذاتها عن ذلك: "كل شيء أصبح جافاً، لم أقم بزراعة شيء من الرز هذه السنة؛ إنّ حالة مثل هذه تمثل كارثة حقيقية". ويمتلك شمخي 125 هكتاراً من الأراضي الزراعية التي تقع خارج قرية (الغزالي)، في محافظة النجف التي تُعد من المحافظات المنتجة للغذاء العراقي، لكنّ الإنتاج بدأ ينخفض فيها الى مستويات متدنّية، منذ تسعينيات القرن الماضي، برغم أن أراضيها الزراعية قريبة من نهر الفرات. إن النهر الذي كان يجهز حقول زراعة الرز التي تحتاج الى كميات كبيرة من الماء، بات موحلاً، بسبب الانخفاض الدائم في منسوب المياه المتدفقة من تركيا عبر سوريا الى العراق، ولهذا لم يعد يوفر إلا ربع كمية المياه المطلوبة في الأراضي الصالحة للزراعة. ويشير التقرير ذاته إلى أن الهلال الخصيب، تلك الأرض التي تقع على امتداد العراق بين نهري دجلة والفرات، كانت على مدى التواريخ القديمة "سلة الغذاء" الأكبر في منطقة الشرق الأوسط، وإلى الدرجة التي يعتقد أنها كانت في بدء التاريخ "جنة عدن" التي عاش فيها آدم وحواء، طبقاً للرواية التوراتية، لكنّ العراق الآن يستورد نحو 90 بالمئة من الرز الذي يستهلكه، فيما كان قبل قرن من الزمن مصدّراً للرز. وحقل المزارع عايد شمخي، كان ذات يوم يوفـّر له "عائدات مالية مرضية"، إذ كان يبيع محصوله الزراعي إلى جمعية تعاونية بسعر مدعوم من الدولة، لكنّه هذه السنة لم يزرع لا الحنطة ولا الرز، ويصف السنة الحالية بأنها "مروّعة"، لم يكن هناك مطر، ومستويات الماء في نهر الفرات كانت متدنّية جداً، وحتى الطيور المهاجرة لم تتوقف في مناطق العراق التي اعتادت التوقف فيها خلال فصل الشتاء. ويتابع شمخي: "نحن مزارعون لا نحتاج الى النفط، برغم أنه المصدر الطبيعي المهم في البلد، إنه لا يستخدم من أجلنا، لهذا نحن نحتاج الى حصتنا من الماء"، ويوافقه على هذا الرأي أحد شيوخ القرية عباس حمادي الذي يقول: "هذه السنة هي الأكثر سوءا، لقد تحوّل أولادنا بحكم الضرورة الى عمال في المدينة". ويوضح التقرير، بحسب فرانس برس إلى إن البلد الذي يعتمد ثلث سكانه على الزراعة، يعاني من نقص المياه الحاد منذ نحو 15 سنة، وتجهيزات المياه القليلة، تسببت بالجفاف، نتيجة نقص تدفقها إلى نهر دجلة والفرات من تركيا التي بنت شبكة من السدود، كجزء من مشروع ضخم متطور في منطقة جنوب شرق الأناضول. وتقطع سوريا من جهتها الكثير من حصص الماء على نهر الفرات الذي يمر بها، بينما تقوم إيران الجارة الشرقية للعراق، بقطع المياه التي كانت تتدفق في روافد نهر دجلة، أضف الى هذه المشكلة، ارتفاع نسبة الملوحة في التربة، المتسببة عن الفيضانات السابقة، والاستخدام التقليدي لتقنيات الرّي التي تتشابه في العراق ومصر، ونتج عن كل ذلك هبوط ملحوظ في توفر الأراضي الصالحة للزراعة. وحسب آخر تقرير لمنظمة الزراعة والتغذية التابعة للأمم المتحدة، فإن الزراعة العراقية التي كانت المساهم الأكبر الثاني في الناتج الوطني الإجمالي، قد انحدرت مساهمتها من 9 بالمئة تقريباً سنة 2002 إلى 4 بالمئة سنة 2008". وفي هذا السياق، يؤكد زهير علي عبد الرزاق، مدير الزراعة في محافظة النجف، أنّ أراضي زراعة الرز، كانت في السابق تغطـّي نحو 50,000 هكتار من الأراضي، لكن هذا الرقم تدنّى الى 17,250 في السنوات الأخيرة، وأضاف قوله: "لقد تصاعدت استيرادات الرز ومحاصيل الحبوب الأخرى في السنوات الأخيرة". وطبقاً لوزارة الزراعة، فإن العراق أنتج 120,000 طن من الرز سنة 2008، لكنه استورد عشرة أضعافها من الخارج، وهذا يكلف الدولة نحو 600 مليون دولار. ويقول الوكيل الأقدم لوزارة الزراعة صبحي الجميلي: "اليوم يزوّد الإنتاج الزراعي فقط 30 بالمئة من احتياجات البلد"، وبالنسبة للحنطة التي تعد منتجاً رئيساً بالنسبة للعراق، فإن 3.5 مليون طن، أو ما يعادل ثلاثة أرباع الاستهلاك الإجمالي، استورد من الخارج خلال السنة الماضية. وفي محاولة لرفع مستويات الإنتاج المحلي الزراعي، شرعت وزارة الزراعة بتنفيذ ما تسمّيه برنامجاً ضخماً لتحديث ممارسات الري. ويؤكد الجميلي بهذا الصدد: "لدينا مشروع لإرواء 750,000 هكتار من الأراضي من خلال استخدام الرشاشات الآلية التي تعطي الكميات المناسبة من الماء، وتخف

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

العراقيون ضحايا فكين مفترسين: غلاء العقار وإهمال الدولة

العراقيون ضحايا فكين مفترسين: غلاء العقار وإهمال الدولة

  بغداد/ نوري صباح كما تتوالد الحكايات في ألف ليلة وليلة، الواحدة من جوف الأخرى، بالنسق ذاته، تتوالد الأزمات في العراق، ولا تشذ عن ذلك أزمة العقارات والسكن التي يقاسيها العراقيون منذ سنين عديدة، فليست...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram