TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > في صورة الوزارة الجديدة

في صورة الوزارة الجديدة

نشر في: 6 سبتمبر, 2014: 09:01 م

نسمح لأنفسنا بأن نعمل على تجاوز حدود المصالحة السياسية، التي لم تقم يوما على أساس مصلحة جمهور العراقيين قدر قيامتها لمصلحة نخب سياسية، خَبِرها جمهورُها خلال اكثر من عقد من الزمن وانتهى الأمر، فهي باتت تعرف كيف تسعى لمصالحها الشخصية، من خلال العزف على وتر إرادة الناخب. نسمح لأنفسنا بذلك، ونقول: ماذا لو كانت مصلحة العراق بطوائفه مجتمعة تكمن في تنازل الطرف الغالب(الشيعي)عن مجموعة مواقف أو مناصب، في فعل وطني، غايته خلاص العراق وحقن الدم العراقي، مستميحاً العذر من ناخبيه لمصلحة الطرف الآخر، وكانت نتيجة ذلك كله خروج العراق بشكل نهائي من دائرة العنف؟ نقول : ما الضير في ذلك، إذا كان الفعل الأخلاقي هذا ضامنا لحقوقنا في العيش والعمل والمستقبل .ولنكون عبر ذلك قد قدمنا الإنموذج الحي لمعنى الوطنية والشراكة والمصلحة السياسية.
الجهود التي يبذلها رئيس الوزراء الدكتور حيدر العبادي المكلف ومعه رئاسات الكتل الأخرى جهود لا شك كبيرة، وما الضغوطات التي يتعرضون لها بخافية على احد، ووجدنا في بعض التسريبات تغييرا ملحوظا ومهمّا في الشكل الذي ستكون عليه الوزارة الجديدة، لكن قضية مثل إناطة وزارة الدفاع بشخص مثل زعيم منظمة بدر، مع تقديرنا لجهوده في الدفاع عن البلاد، أو إعادة وجوه كانت معروفة بالفساد والتلكؤ والإضرار بمصلحة البلاد، او إناطة حقائب وزارية بأسماء لا تقدم ولا تؤخر لا لكفاءة فيها، إنما هي مفروضة باستحقاق انتخابي، قضايا ستجعل من الوزارة الجديدة لا قيمة لها، إن لم نقل بانها ستفاقم أزمات العراق وسيذهب الجهد الذي بذل خلال الـ 40 يوما الماضية إدراج الرياح والماء .
معلوم ان قضية تشكيل الوزارة ابتدأت بجملة مصاعب منها ان جماعة القوى السنية تقدمت باشتراطات واسعة لم تتحقق لها في المرحلة السابقة فيما يستثمر الكرد فرصة التشكيل الجديد في الضغط لحل جملة قضايا بينها الموازنة والنفط والمناطق المتنازع عليها، وكذلك يرغب الشيعة بمساحة مشاركة اوسع بناءً على استحقاقات انتخابية، وهذا في حساب الكتل، إما إذا تحدثنا عن حساب المشاركين بالأسماء فسنقع على جملة تباينات ومطالب قد تتجاوز المصلحة الفئوية، الكتلوية إلى ما هو شخصي ضيق، وبذلك تكون مصلحة البلاد ومستقبلها هي الاقل تداولاً داخل القاعات المغلقة. ولا أظن، مثلما لا يظن معي الملايين من أبناء الشعب بأن مصلحة العراق كانت قد تقدمت كل الطاولات يوما، لأننا لو قطعنا بذلك لما كانت أحوالنا على الذي إلّنا إليه، ولما تخرب اقتصادنا وقتل الآلاف منا وأصبحنا فرجة لشعوب الارض.
ولكي نفصح أكثر نقول: سينفق الوزير الجديد، إذا ما اختير على أساس معيار الوطنية والكفاءة والمهنية، في أي وزارة نختارها، أشهراً او ربما سنوات من وقته قبل ان يتمكن من تخليصها من صبغتها السابقة، ولنأخذ وزارة الداخلية او الدفاع او الأمن الوطني او المالية أو أي وزارة طبعت بمواصفات وزيرها السابق، والذي فرض هيمنة حزبه وكتلته عليها، وجعل الاقربين من اخوانه وأهل بيته وابناء عمومته وأبناء حزبه على مفاصل هامة فيها . ترى كيف سيتمكن الوزير الجديد من استرداد الصورة التي يجب أن تكون عليها الوزارة هذه؟ وكيف سنحسب خسارتنا في الزمن الذي سيمضيه الوزير هذا ؟ هنا إذا سلّمنا بقدوم الوزير المهني ذي الكفاءة، العابر للطائفة والكتلة والحزب والعشيرة- مع استحالة وجوده طبعا- اما إذا قدم الوزير السني على خلفية وزير شيعي او كوردي وبالعكس فتلك لعمري واحدة من مصائب العمل، لأن الوزارة ستنقلب رأسا على عقب بذلك، ولن يامن أي موظف محسوب على الوزير السابق بقائه. لأن الرجل سيقدم مع بطانته.
نحن بحاجة لمن يقدم مصلحة العراق على مصلحة حزبه ودينه وطائفته وقوميته وحتى اللحظة هذه لا يلوح في الافق من تجاوز العقد المتشابكة تلك. لكننا لا نعدم وجود المعجزات بكل تأكيد.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. محمد توفيق

    كنت متفائلاً كالعقابي بتشكيل الوزارة التي صرح العبادي انها ستكون حكومة حرفيين ومهنيين وليست محاصصة طائفية أو سياسية، وأنه سوف لن يقبل اشخاصاً من ذوي السمعة السيئة او ليسوا أكفاء. توقعت مثلاً أن يستدعي العبادي زهى حديد مثلاً ، جواد هاشم ، وغيرهم لياخذوا مك

يحدث الآن

أرنولد: فخور باللاعبين وكأس العرب بطولة رائعة

المنتخب العراقي يودع بطولة كأس العرب من الدور ربع النهائي

الأنواء الجوية تحذر من ضباب كثيف غداً السبت قد يسبب انعدام الرؤية

وزير خارجية لبنان: تحذيرات عربية ودولية من عملية إسرائيلية واسعة

(المدى) تنشر تشكيلة العراق أمام الأردن في كأس العرب

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

العمود الثامن: مطاردة "حرية التعبير"!!

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

العمود الثامن: عاد نجم الجبوري .. استبعد نجم الجبوري !!

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

 علي حسين دائما ما يطرح على جنابي الضعيف سؤال : هل هو مع النظام السياسي الجديد، أم جنابك تحن الى الماضي ؟ ودائما ما اجد نفسي اردد : أنا مع العراقيين بجميع اطيافهم...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان البحر الاحمر فسيفساء تتجاور فيها التجارب

 علاء المفرجي في دورته الخامسة، يتخذ مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي شعار «في حب السينما» منهجًا له، في سعيه لإبراز هذا الشغف الكبير والقيمة العليا التي تعكسها كل تفصيلة وكل خطوة من خطواته...
علاء المفرجي

لمناسبة يومها العالمي.. اللغة العربية.. جمال وبلاغة وبيان

د. قاسم حسين صالح مفارقة تنفرد بها الأمة العربية، هي ان الأدب العربي بدأ بالشعر أولا ثم النثر، وبه اختلفت عن الأمم التي عاصرتها: اليونانية، الفارسية، الرومانية، الهندية، والصينية.. ما يعني ان الشعر كان...
د.قاسم حسين صالح

لماذا نحتاج الى معارض الكتاب في زمن الذكاء الاصطناعي؟

جورج منصور في عالمٍ يتسارع فيه كلُّ شيء، ويكاد الإنسان أن ينسى نفسه تحت وطأة الضجيج الرقمي والركض اليومي، يظلُّ (معرض العراق الدولي للكتاب)، بنسخته السادسة، واحداً من آخر القلاع التي تذكّرنا بأن المعرفة...
جورج منصور
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram