نشرت مجموعة داعش تقريرها السنوي في آذار، موضحة فيه نيتها في استخدام مواردها. ومن المعتقد ان المجموعة قد جمعت أكثـر من مليار دولار من خلال نشاطات محرّمة .الكثير من الخبراء يتفقون مع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون في ان الحكومات الغربية سينتهي
نشرت مجموعة داعش تقريرها السنوي في آذار، موضحة فيه نيتها في استخدام مواردها. ومن المعتقد ان المجموعة قد جمعت أكثـر من مليار دولار من خلال نشاطات محرّمة .
الكثير من الخبراء يتفقون مع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون في ان الحكومات الغربية سينتهي بها الأمر بتمويل الجماعات الإرهابية ذاتها التي تسعى الى قتالها و ذلك من خلال دفع الفدية .
لكن مع ان بريطانيا و الولايات المتحدة قد تتمسكان بمبدأ عدم دفع أية فدية، فان دولا أخرى قد لا تتمسك به. لقد صار دفع الفدية يلعب دورا حيويا في رفع داعش الى مستوى تهديد دولي و الى ان تصبح غنية جدا في غضون ثلاث سنوات .
من المقدّر ان هذه المجموعة قد جمعت ما يقرب من مليون و نصف المليون دولار من أعمال محرّمة بما في ذلك الخطف. يبقى خطف الرهائن – تلك الوسيلة القديمة في الحروب – سلاحا قويا و مرعبا و مربحا جدا .
وذكر تحقيق أجرته صحيفة نيويورك تايمز ان المجاميع الإسلامية المرتبطة بالقاعدة جمعت ما يصل الى 125 مليون دولار منذ عام 2008 من خلال متاجرتها برهائن من أفريقيا الى الشرق الأوسط و آسيا . أكثر من نصف هذا الرقم تم دفعه في العام الماضي لوحده – معظمه من حكومات غربية . ونفت كل من النمسا و فرنسا و المانيا و ايطاليا و سويسرا قيامها بدفع فدية ، الا ان وثائق أحد الصحفيين في مالي كشفت خلال العام الحالي حجم المشكلة . في العقد الماضي ارتفعت " قيمة " الرهينة الواحدة من 200 ألف الى ما يقرب من 10 ملايين دولار ، و هو سخاء يكمّل الحملة الدعائية و الشعور بالرعب عند كل عملية اختطاف . تكشف التقارير ان الحكومات تدفع نقدا ، و يتم نقل الأموال عبر سلسلة من الوكلاء، لكنها تسجّل في سجلات الموازنة الوطنية على انها معونات تطوير .
لكن بالنسبة الى داعش، فان الخطف هو مجرد وسيلة واحدة لجمع الأموال غير الاعتيادية التي ساعدتها في ان تصبح ذاتية التمويل. حجر الأساس للاقتصاد الجديد للإرهاب هو النفط . يصف لؤي الخطيب ، الزميل الضيف على مبادرة أمن الطاقة التي تديرها مؤسسة بروكنغز في الدوحة ، مجموعة داعش بأنها " أغنى مجموعة إرهابية في العالم "، حيث يقول انه بغض النظر عن كونها عصبة من " المتطرفين التافهين " ، فقد أنشأت هذه المجموعة اقتصادا متطورا يعتمد على السوق السوداء في المناطق التي استولت عليها في سوريا و العراق .
كانت المجموعة في السابق تعتمد على أموال المانحين الخارجيين ، حيث كانت تأتيها بضع مئات الملايين من الدولارات من المتبرعين عن طريق وسائل الإعلام الاجتماعية، و داعمين شخصيين من الكويت و ، كما يزعم ، من السعودية . اليوم باستطاعة المجموعة جمع مستويات مذهلة من النقد نتيجة سيطرتها على 60 % من مرافق النفط السورية و سبعة مرافق إنتاج نفطي في العراق . تتم المتاجرة بالنفط مع شبكة من الوسطاء و العصابات الإجرامية ، ما يوفر لها مليوني دولارا في اليوم الواحد. 30 ألف برميل تباع يوميا الى دول الجوار بما فيها الأردن و تركيا .
كما انها تستطيع استخدام الممتلكات الصناعية و الخبرات الفنية التي تسيطر عليها لإنتاج منتجات تكرير و بيعها نقدا . لحسن حظ بقية العالم ، فان معظم الموارد النفطية العراقية تقع اما في مناطق يسيطر عليها الكرد او في جنوب البلاد بعيدا عن سيطرة المجموعة .
الى جانب أعمال الخطف و الابتزاز و التهريب ، فقد سجّلت داعش زيادة مذهلة في خزائنها عندما نظمت ما يمكن وصفها بأكبر عمليات سطو في تاريخ الإجرام بعد سيطرتها على مدينة الموصل، حيث خرجت المجموعة بأكثر من 400 مليون دولار من المصرف المركزي في المدينة رغم تشكيك المسؤولين العراقيين بذلك .
علاوة على ذلك فان المجموعة لم تدّخر وسعا في استغلال الثروة الآثارية غير الاعتيادية في المنطقة. قال أحد الخبراء مؤخرا ان المجموعة جمعت ما يقرب من 36 مليون دولار من التحف القديمة التي سرقتها من جبال القلمون غرب دمشق .
من جانبها ذكرت صحيفة التلغراف انتقاد رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون لبعض حلفائه المقربين بسبب دفعهم الفدية لإرهابيي داعش، محذرا بأنهم يتسببون بالمزيد من العنف و أعمال الخطف ، و قال ان البلدان التي دفعت الفدية قد ساعدت الإرهابيين في ان يعيثوا فسادا و يمكن ان يهددوا الأمن القومي لبريطانيا . من المعتقد ان تكون المانيا و فرنسا و ايطاليا و اسبانيا قد دفعت فدية مقابل الرهائن، و من المؤكد ان ايطاليا و اسبانيا دفعت الفدية مباشرة الى داعش .
في مؤتمر قمة مجموعة الثمانية الذي عقد في بريطانيا العام الماضي، وقعّت الدول على سياسة عدم دفع فدية للإرهابيين أبداً ، و قد استغل السيد كاميرون دعوة عشاء مؤخرا لتوجيه انتقاد لقادة الناتو نتيجة انتهاكهم لذلك التعهّد. من المعتقد ان الفدية دفعت لإطلاق سراح ست رهائن خلال الأشهر الأخيرة .
قال كاميرون " أعرف ان من الصعب على عوائل الرهائن سماع هذا الكلام ، إلا إنني مقتنع تماما بصحة سياسة عدم دفع الفدية للإرهابيين عن أعمال الخطف ". و أضاف مخاطبا الحاضرين " ان المهم هو ليس توقيعكم على تصريح ما ، انما المهم ان لا تدفعوا للخاطفين لأن الأموال ستذهب الى السلاح و الى الأعمال الإرهابية . نحن لا ندفع فدية للإرهابيين عندما يخطفوا مواطنينا، لكني اعتقد ان بعض الحكومات غضت بصرها و دفعت الفدية و هذا أمر مؤسف . من خلال المعلومات التي لدي، لا شك ان هذه الأموال تؤجج الأزمة التي نشهدها في العراق و سوريا. اذن ينبغي لنا ان لا ندفع و ان نتمسك بالكلام الذي نقوله ".