لبغداد، أولاً، عاصمة الألم والأمل، شاهداً عدلاً على ما جرى ويجري.
لـ "لكهوة الزغيرة" في البتاوين حيث تعرفت على عبدالرحمن طهمازي.
لاتحاد الأدباء، السبعينات، كان الجواهري في مقدمة من يستمع لي وأنا أقرأ أولى حماقاتي الشعرية.
لذلك السكران الذي استوقفني في الشارع لأوقع له على قصيدة لم أكتبها.
لأبي كاطع (شمران الياسري) الذي تحمس لقصيدتي لينشرها بينما كانت "الثقافة الجديدة" تحت الطبع.
لطالبة الجامعة المستنصرية لأنها خصتني بحب مع وقف التنفيذ.
لأستاذي مدير معهد إعداد المعلمين (الأستاذ غانم) لأنه وقف معي أثناء التحقيق بعد أن "شتمت" الحكومة أثناء محاضرة (كان من أهل الموصل!).
لأستاذتي (حنان) مدرسة التربية في المعهد نفسه.. ناولتني حبة "كلمنتين" قبل التحقيق وأردفت: "كن قوياً!". من الموصل أيضاً.
للدكتور عبداللطيف الراوي، أستاذ النقد الأدبي، الذي أعفاني من الامتحان النهائي لأني فزت بالجائزة الأولى في المهرجان الشعري.
لمفوض الشرطة محسن ريكان الذي ساعدني في العثور على حبيبتي التي اختفت بشكل مفاجئ، ولم يفلح.
لأمي، الحاجة سكنة مزبان، التي خصتني بهدايا ثمينة بعد عودتها من أداء فريضة الحج: حقيبة سامسونايت وقطعة قماش وقلم "شيفرز" ودينار ودرهم لأشتري قنينة عرق.
لجارتي في قطاع 46 مدينة الثورة – داخل - لأنها أغرتني بأجمل ساقين رأيتهما في حياتي.
لصباح صاروخ (صباح حسين الخصاف) السجين الشيوعي من عام 1963 حتى 1970 بينما كان أول من أطلق صاروخاً عراقياً لغزو الفضاء من خلف السدة.
لسامي علوان الذي وضع بين يدي أول كتابين: رواية "الأم" لمكيسم غوركي و "هؤلاء علّموني" لسلامة موسى.
لأختي شهد ناصر "أم حسن" التي خبأت أسلحة شيوعية وتحملت ما تحملت جراء أحلامنا المستحيلة.
لبيتنا الذي ظل بيتنا رغم غارات "الحرس القومي" وما بعد "الحرس القومي".
لمدير مدرسة ابن الأثير الابتدائية للبنين (استاذ ضياء) لأنه أتاح لي، تلميذاً في فرقة المدرسة الغنائية، أن أصافح الزعيم عبد الكريم قاسم.
للسيدة (ب. ع. ي) المسيحية الرائعة التي توقعت لي أن أكون شاعراً ولم تسمح لي حتى بقبلة.
للسيد رضا الكلكاوي، التاجر الكربلائي، على كرمه عندما كنت أعمل في مكتبه خادماً عام 1968 حيث قرأت أهم الكتب.
للملازم الأول محمد غيدان، الضابط الذي حماني من الإعدام، عندما كنت جندياً في الفوج 37- دهوك، عقرة، زاخو، بارزان... إلخ.
للأخوين عبداللطيف وضياء جهاد (من الأعظمية) التاجرين في عمارة غريب جان (الشورجة) لأنهما تدخلا لإعفائي من دفع أجور أقساط المتوسطة والثانوية الجعفرية المسائية لأني مجتهد ويتيم وفقير.
للأخوات النجفيات اللائي حاولن إغوائي ولكني خفت.
لشربت "حجي زبالة" الذي تذوقته، مرة، مع الجبنة ثم تأملته مرات من بعيد لأني مفلس.
لسوق السراي حيث زكمتني رائحة الورق وألوان الأقلام ومهارة تجليد الكتب والظل الذي يسبغه على المارة.
لمطعم كان يقدم الكاهي والقيمر في مدخل سوق دانيال، من جهة شارع المستنصر، البنوك، بصحبة أخي الأكبر، الموظف في البنك العثماني (صار اسمه، لاحقاً، بنك الاعتماد العراقي).
لأستاذي (....) في الثانوية الجعفرية (مدينة الثورة) الذي جلس في مقعدي الدراسي متنازلاً لأدرّس مادة (العروض) الشعري بالإنابة عنه.
أستاذي الآخر عبدالإله أحمد، الناقد المعروف (كان محاضراً في الثانوية الجعفرية) الذي نوه بما كتبت في درس الإنشاء (في معنى السعادة) لأنني قلت: إنها أمر نسبي.
لسامي محمد، اصطفاني نديماً ذات مساء بغدادي، في بار "غاردينيا".
لسيدة، في لندن، أحبتني بشكل شديد اللهجة ثم كرهتني بشكل شديد اللهجة.
لنساء ورجال، صديقات وأصدقاء أحسنت التصرف معهم أو أسأته.
مع أجمل التمنيات
[post-views]
نشر في: 8 سبتمبر, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 1
قيس لطيف
الصدق والشفافية تجعل كتاباتك تدخل الى القلب بدون إستأذان ! أما الذكريات فهي بقدر ما تثير الأسى بقدر ما تُغرِقُنا بالحنين الى تلك الايام ( الجميلة )! مُبدع دائماً أيها العزيز عواد ناصر .