TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > شعرية الاحتجاج فـي"أبنية الفراغ" لمحمد عز الدين التازي

شعرية الاحتجاج فـي"أبنية الفراغ" لمحمد عز الدين التازي

نشر في: 7 ديسمبر, 2009: 05:08 م

هشام بن الشاوي - المغرب أدباء كثيرون يميلون إلى تقنية تعدد الأصوات، لما تتيح لشخوصهم من إمكانات هائلة للتعبير عن مكنوناتهم، وبالتالي الحفر السيكولوجي في أعماقهم وبضمير المتكلم، بعيدا عن سطوة السارد العليم بكل شيء، وقد استثمرت رواية "أبنية الفراغ" للمبدع محمد عزالدين التازي، الصادرة مؤخرا، هذه التقنية بنجاح، فجاءت الفصول معنونة بأسماء الشخصيات،
مفتتحًا كل فصل بمقطع معين، بخط بارز، إمعانا في تشويق القارئ. - في الفصل الأول المعنون بـ"علي المكاوي"، يسلط الكاتب الضوء على حادث حريق ملهى ليلي، حيث يقدم عبدالرحمن المسكوف على حرق ابنته التي لم تتجاوز ربيعها السادس عشر، بعد أن امتهنت البغاء في أحد الفنادق الفخمة، مغيرة اسمها من ميلودة إلى فاتن، وقد استدرجه والدها إلى مسرح الأحداث، موهما إياه بأنه يريد مصالحتها، مما سيتيح له إحراز سبق صحفي والتقاط صور للضحايا. بيد أن مدير الجريدة ينصحه بأن يسافر إلى طنجة، (هذه المدينة الكوزموبوليتانية، التي نجد الكاتب يتغزل بها عبر عدة مقاطع شعرية، معبّرا عن افتتانه بها)، لإجراء تحقيق عن البغاء هناك، وإنكار تواجده في المكان ساعة وقوع الحادث، مثلما سينكرون مجيئه إلى الجريدة. وعلى متن القطار، يستحضر علاقته المتوترة بزوجته، وعمله في صحيفة، أشبه بمصحة نفسية، يلجأ إليها قرّاء، تفضح اعترافاتهم تصدعات المجتمع و اندثار قيمه الأخلاقية، ويعتبرهم علي ضحايا للجسد، سواء أكانت أجسادهم أم أجساد الآخرين... بيد أنه، ورغم انغماسه في تلك الأجواء الموبوءة، مخلص لزوجته. - في فصل "بديعة الزواوي"، نرى إلى علاقتها بعلي و موقفها من عمله في "جريدة فضائحية"، بمنظور زوجة متدينة، فهي غير مقتنعة به، لأنه يعرّي المجتمع وينشر الغسيل، كما أن عودته كل ليلة متأخرًا، ورائحة الخمر تفوح منه فمه، جعلتها تنفر منها وتهجره في الفراش، بناءً على فتوى فقهية. وكل سلواها العمل الخيري، حيث تدير مؤسسة خيرية لرعاية الأيتام والمعاقين، مع استعدادها للحج، وترفض الانخراط في صفوف حزب العدالة والتنمية، لأن بعض الموظفين، يسرقون قوت الأيتام وهدايا المحسنين. - مع "ادريس الغازي" نصادف إحدى شخصيات الرواية الأكثر ثراء، فهذا المحامي الشهير، الستيني، تنقلب حياته رأسا على عقب بعد أن تزور مكتبه سليمة بوشارب، لاسترداد ميراث ابنها من أعمامه.. يحلق لحيته الغزيرة ويصبغ شعره، ويتخذها عشيقة، تمتد علاقتهما لعشر سنوات، يسهران كل ليلة، دون أن يفكر في الزواج بها، رغم كل محاولاتها، حتى صارت تستلذ بتجريحه وإهانته أمام ندمائه والتشهير بعنّته، وتعتقد أن زوجته سحرت له، حتى لا يخونها مع غيرها. وقد لجأت زوجته إلى المغالاة في إذلاله، فقد هجرته خوفا من السيدا، التي قد يلتقطها من بغايا طنجة، وتتجنب غسل ثيابه المتسخة، وتكوّم حزمها أمام باب غرفة نومه، فاستعان بعشيقته، لكن سرعان ما بدأت الجارات في الاستفسار عن غسيل رجل فوق سطح العمارة وأمها أرمل، وسيكتشف أنها على صلة بشاب ضائع يترقبها، كل ليلة، عند أدراج العمارة، ونراه يتألم لقدرته على الرسم، مثلما بكى للطريقة المخزية، التي مات بها والده يوم ثاني عيد الأضحى، فيختار أن يعتزل الناس في مرسمه أياما. -"سعاد الدردوري"، لها معاناة بديعة نفسها، تصلّي وزوجها مستهتر، لا يعود إلا فجرا، وهي تعرف أنه على علاقة بسليمة، ورغم معاناتها من أزمة منتصف العمر، لا تستسلم لإغراءات مدير البنك، الذي يوقظ فيها أنوثتها بنظراته وغزله. اختارت أن تتحجب حجابا عصريا، ومعها نعرف كيف ينظر المجتمع إلى المرأة المتحجبة، لا سيما أن بعضهن يتخذن الحجاب مظهرا للنفاق الاجتماعي، مثل تلك (البغي) التي ترتديه مكرهة، خوفا من بطش أخيها!.. وفي هذا الفصل نتعرف على والد زوجها، الذي يمقته ولداها، فرغم ثرائه، فهو بخيل، و يتسول-بمظهره الذي يثير الشفقة- أمام باب المحكمة، فأودى به جشعه، وبسبب إلحاحه، لقي مصرعه، بطعنة سكين من أحد المكترين، يوم ثاني عيد الأضحى. - "سليمة بوشارب"، تتحدث المرأة الشابة عن معاناتها الخاصة.. ابنها يستغرب من عملها الليلي، ويشك فيها ويفتش أغراضها، والأم تحذرها من ابنها، حين يكبر ويعرف الحقيقة، فهي ترفض علاقتهما، حتى لو كان سبب رفاهية الأسرة، ولأن علاقتها بإدريس غير متكافئة، تخونه... - أما "مريم حنتات"، سكرتيرة إدريس، فهي لا حول لها ولا قوة، يتجاذبها الزوج والزوجة بإغراءاتهما المادية.. تتجسس لصالح سعاد، وكل همها أن تتزوج ابن خالتها، ويغريها مشغلها بأن يطبع ديوانها، ليعرف نوع المعلومات التي تنقلها إلى زوجته. وفي هذا الفصل، تتطور الأحداث، وتتشابك المصائر.. إدريس الغازي يغادر عزلته، يعود إلى مكتبه بلحيته ومظهره الوقور، وثمة إشارة إلى قبوله المرافعة عن امبراطور المخدرات عباد الطاوسي، بعد اعتقاله، وأيضا اختفاء فارس عنتر وحريق محل زوجته. - "فارس عنتر"، هو أحد ندماء إدريس الغازي، وصديق عباد الطاوسي، وعن طريق لقائه به، يتحدثان عن طفولتهما، وبداية انحرافه، حيث بدأ ببيع الخمر المهربة لأبناء الحي، وكان والده يتاجر في المخدرات وأمه تهرب البضائع، وليقوم بعملية غسيل الأموال، يمنح رشيدة عنتر، زوجة فارس مبلغا كبيرا تفتح به مشروع &quo

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

بغداد/ المدى تنطلق فعاليات الدورة الخامسة من معرض العراق الدولي للكتاب، في الفترة (4 – 14 كانون الأول 2024)، على أرض معرض بغداد الدولي.المعرض السنوي الذي تنظمه مؤسسة (المدى) للإعلام والثقافة والفنون، تشارك فيه...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram