TOP

جريدة المدى > تحقيقات > منطقة السبع قصور.. الأهالي يبنون مدارسها وأطفالها يموتون بين أحضان أمهاتهم!

منطقة السبع قصور.. الأهالي يبنون مدارسها وأطفالها يموتون بين أحضان أمهاتهم!

نشر في: 7 ديسمبر, 2009: 05:10 م

بغداد / شاكر المياح تصوير / سعد الله الخالدي قبل قرنين ونيف كانت سجنا انشأه العثمانيون واحاطوه بسبعة مقرات بنيت بالطابوق والآجر للجند والحراس في ذلك الزمن الذي اندرج في سجلات الماضي، يوم كان العراقيون يشيدون بيوتهم بالطين لوحده وينظرون لأي مبنى يشيد بالطابوق على انه قصر منيف، وبعد تعاقب الأزمنة والاقوام ، تحولت تدريجيا الى مرابع خضر زاهية تؤتي اكلها كل عام من شتى الثمار اليانعة وحتى رغيف الخبز .
وبعد الفيضانات الموسمية لنهر دجلة، طرأت عليها تغييرات طوبوغرافية وبيئية وبايلوجية عديدة، حتى اذا ما حل عقد السبعينيات من القرن الماضي تحولت من ارض منتجة الى ارض ذات أديم متعفن بعد سلسلة الزحوف العمرانية العشوائية عليها والهجرات المتكررة إليها. تلكم هي منطقة (السبع قصور) التي تغفو اليوم على اوجاع الماضي الذي ما تزال اثاره بادية حتى الساعة الراهنة، وعلى اهمال الحاضر المثقل بالبؤس والفقر والحرمان . كادر (المدى) كان عليه ان يجتاز حي اور وينعطف ليتسلق السدة الترابية، ويمر بطريق شديد الوعورة والخطورة ثم يهبط منها بصعوبة بغية الوصول الى سيطرة مدخلها الرئيس التي توقفنا عندها لنسلم كتاب عمليات بغداد القاضي بتسهيل مهمتنا الى مقر فوج الشرطة الاتحادية من الفرقة الثانية، وبعد اتصالات مع عمليات الفرقة استغرقت ساعة ونصفاً حصلنا على الموافقة بتسهيل مهمتنا، غير ان رئيس عرفاء السرية ابى ان ترافقنا قوة للتجوال بين احيائها، ضابط الصف هذا كان وللاسف متشنجا سيما وان بنطاله مزقته حديدة نا تئة، وكان هناك ايضا ضابط برتبة عقيد يرقب المشهد من دون ان يبدي شيئا، ولم يكلف نفسه حتى عناء السؤال، غير ان مبادرة افراد مفرزة شرطة النجدة التي كانت مرابطة هناك اثلجت صدورنا لما اتصلت بقاطع نجدة الشعب، الذي اسرع بارسال مفرزة من منتسبيه يقودها المفوض (ثائر كاظم نجم) وبمعيته كل من (ر.ع سلام عنيد، و ر.ع صباح سلمي، والشرطي الاول حازم عباس عزيز، والشرطي الاول سمير بشير، و ر.ع حسين عذاب عبد)، ولا ننسى ايضا موقف الملازم (محمد) من شرطة شؤون السيطرات الذي كان بمستوى المسؤولية وعلى قدر كبيرمن الشفافية والوعي . مرارة قديمة ..جديدة المرارة والشكوى والالم ..حشرجات لاصوات المواطنين وآهاتهم الذين التقيناهم في جولتنا بين جنبات السبع قصور، عيونهم اوحت الينا وافصحت عن مدى معاناة ابنائها، رجالا ونساء،شيوخا وشبابا، طلبة وطالبات وتلاميذ واطفال حفاة يخوضون في المستنقعات والاوحال والاطيان، وجوههم شاحبة، اجسادهم ناحلة تلاشى الالق والامل في عيونهم . كنت امام جمع من بؤساء السبع قصور، يفصلني عنهم حاجز طيني غريني لما هممت ان التقيهم واتحدث معهم، كانت امامي ثلاثة خيارات، اما ان اقطع مسافة مائتي متر لكي أصل الى فتحة رصفت ببضع قطع من الطابوق والبلوك، او الخوض في الحاجز الغريني، او ان اقفز من فوقه . القفز كان خياري المفضل، وفي مغامرة صبيانية قفزت انا وحقيبتي متكئا على ساقي اليمنى، وقبل ان اسقط بين ثنايا ذلك الحاجز تلقفوني باحضانهم وانقذوني من فشل كان حتميا، غير انني سرعان ما سرح ذهني الى ابعد مما انا فيه وتساءلت في خاطري المربك في تلك اللحظة: اليس من حق العراقيين ان ينعموا وعلى اقل تقدير بحلم جميل ؟ يضعهم في وسط حياة رخية هانئة، ووعد في العيش باحياء سكنية لا اقول انها فاضلة، لكنها تتماهى مع مدنيات وحيوات الشعوب التي تعيش في دول اخرى هي ليست بمثل ثراء وغنى وتاريخ الشعب العراقي. صوت محدثي المواطن (غالب جهاد) الموظف في دائرة صحة بغداد اعادني بقوة الى لحظة انغراس قدمي في الطين لما كنت في أحضان العراقيين ولم يسلم من نثاره بنطالي وسترتي وحقيبتي . لا وجود للمدارس المتوسطة او الاعدادية يقول جهاد : المنطقة برمتها تشتمل على مستوصف صحي واحد شيدته متبرعة شركة المانية وهو لا يلبي المتطلبات الصحية للمنطقة التي تشكو من نقص كبير وخطير في جميع مجالات الخدمات الاخرى .المواطن (احمد لعيبي) قال: لدي طفلان يدرسان في احدى مدارس المنطقة، ونظرا للزخم الحاصل فيها، اذ يحوي الصف الواحد بحدود مائة طالب، فان التعليم في مدارس السبع قصور يعاني من ترد واضح سيما وان المنطقة تشتمل على مدرستين واخرى على هيئة (كرفانات)، اما طلبة المرحلتين المتوسطة والاعدادية فانهم يسجلون في مدارس حي اور لعدم وجود مدارس متوسطة او اعدادية وعليك ان تتصور معاناتهم وهم يقطعون كل تلك المسافة سيرا على الاقدام وسط الاوحال والمستنقعات، اما شبكة مياه الشرب فقد تحسنت في الاونة الاخيرة بعد مد عدد من الانابيب الرئيسة في شوارع (ابو احمد، وابو علي والشارع العام) ونجهز بماء الشرب بالتناوب (بين يوم ويوم)، الخلل الاكبر يكمن في عدم وجود شبكة الصرف الصحي وكذلك المجاري السطحية،مما يضطر المواطن الى فتح سواق لتصريف المياه الثقيلة او تسريبها الى خزانات ارضية في داخل البيوت (بلوعات)، ناهيك عن المزابل وتلال النفايات التي تستهوي الفايروسات والحشرات والقوارض والكلاب . الطالب في الصف الثالث (صادق كريم عبدالله) من مدرسة (الكميت الابتدائية)، أكد ان مدرسته ليست بالمستوى المطلوب حينما سألناه عنها، وقال: عدد طلاب الصف الواحد اكثر من سبعين طالبا، ولم نتسلم من الكتب سوى كتابي الرياضيات والقراءة، ومن القرطاسية دفترين فقط، .. احد المواطنين ذكر بأنهم محرومون من الكهرباء لاكثر من عشرة أيام

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حملة حصر السلاح في العراق: هل تكفي المبادرات الحكومية لفرض سيادة الدولة؟
تحقيقات

حملة حصر السلاح في العراق: هل تكفي المبادرات الحكومية لفرض سيادة الدولة؟

 المدى/تبارك المجيد كانت الساعة تقترب من السابعة مساءً، والظلام قد بدأ يغطي المكان، تجمعنا نحن المتظاهرين عند الجامع المقابل لمدينة الجملة العصبية، وكانت الأجواء مشحونة بالتوتر، فجأة، بدأت أصوات الرصاص تعلو في الأفق،...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram