TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > شكرا صديقي .. السفير

شكرا صديقي .. السفير

نشر في: 8 سبتمبر, 2014: 09:01 م

خصّص الصديق السفير الدكتور حسن الجنابي مقاله في الزميلة "الصباح" لهذا الأسبوع لمناقشة عمودي المنشور في "المدى" الأربعاء الماضي بعنوان "صورتنا في جنيف".. والدكتور الجنابي هو رئيس دائرة حقوق الانسان في وزارة الخارجية، وكان قبلاً ممثلنا الناجح والمرموق لدى منظمة الغذاء والزراعة الدولية (فاو) وسواهما من منظمات وبرامج الأمم المتحدة التي تتخذ من العاصمة الإيطالية روما مقرا لها، ويشهد له الذين عملوا معه، بالكفاءة والجدية والنزاهة فضلاً عن وطنيّته التي يشهد بها تاريخه النضالي، وهو من أبرز المتخصصين في شؤون المياه والموارد المائية.
من زاوية النظر المهنية الصحفية اختار الدكتور الجنابي عنواناً يعكس ذكاءه "صورتنا في جنيف.. معكوسة"، مضيفاً الى عنوان عمودي كلمة واحدة، لكن معبّرة. وعلاوة على ذلك جاء المقال على صورة الصديق الجنابي ونسقه وبما يعبّر عن شخصيته، كما عرفتها ويعرفها سائر معارفه، فهو مقال أنيق وراق ورصين، واذا ما رأى البعض ممن قرأوه انه قد فنّد اطروحتي كلاً أو جزءاً فذلك لا يضيرني أبداً، بل يسعدني أن "يهزمني" صديق كالدكتور الجنابي، وأنا من المؤمنين بصدق بقول الإمام الشافعي: "رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب".
علّقت في عمودي على ما قالته نائبة مفوضية حقوق الإنسان لدى الامم المتحدة السيدة فلافيا بانسييري في افتتاح الجلسة الطارئة التي عقدها مجلس حقوق الإنسان التابع للمنظمة الدولية. وهي تحدثت عن وجود "أدلة قوية" على ان تنظيم داعش الارهابي والقوات الحكومية العراقية كلاهما قد ارتكبا "أعمالا فظيعة" في حق المدنيين خلال الأحداث التي تلت الاجتياح الداعشي للموصل وتكريت وسواهما من المدن والبلدات العراقية. وهذه حقيقة نعرفها نحن العراقيين قبل أن تعلنها المسؤولة الأممية، ونعرف ان تجاوزات قواتنا المسلحة على حقوق الانسان متواصلة في مختلف مناطق البلاد منذ سنوات قبل الاجتياح الداعشي، وقد كتبتُ وغيري في هذا كثيراً. ولا أظن ان السيدة بانسييري كانت تنطق عن الهوى، أو تتحدث انطلاقاً من متابعات شخصية لما تبثه وسائل الاعلام، وانما استناداً الى معطيات توفّرت لها من خلال المنظمة الدولية التي تتولى فيها منصبها المهم.
كان هدف عمودي هو اثارة الاهتمام بما جاء في كلمة المسؤولة الدولية، وتحذير الوفد العراقي الى الجلسة الطارئة من انكار ما قالته.. وهذا التحذير يستند الى حقيقة ان حكومتنا درجت على إنكار ما تتضمنه تقارير المنظمات الدولية المعنية بحقوق الانسان من وقائع عن انتهاك حقوق الإنسان في بلادنا. وفي مرات عديدة سابقة كنتُ قد لمتُ حكومتنا الاتحادية وحكومة إقليم كردستان على إنكارهما أو تقليلهما من شأن ما تتضمنه تقارير منظمة العفو الدولية و"هيومن رايتس ووتش" في هذا الخصوص.
عندما كتبتُ العمود الذي استثار الصديق الجنابي، لم أكن أعرف انه شخصياً كان في جنيف ضمن الوفد الحكومي، وأعترف انني لو عرفت لكتبت العمود بصيغة مختلفة بعض الشيء بما يتضمن خطاباً مباشراً اليه، فأنا أعرف الدكتور الجنابي وأثق بمهنيته وموضوعيته ووطنيته، فهو ليس من نوع الموظفين الحكوميين الذين يستكينون ويتواطؤون مع رؤسائهم على حساب المصلحة الوطنية. والواقع انني لم أحتج الى أن يؤكد الصديق الجنابي قائلاً في مقاله "لم أكذب ولم أكن ناكراً أو روتينياً ولا مداهناً ولا مجاملاً في عملي من أجل تحقيق هذا الإجماع في الموقف الدولي الداعم للعراق" في الجلسة الطارئة، فلا أتوقع منه خلاف هذا.
أظن ان الدكتور الجنابي يوافقني الرأي في ان النفي والانكار صارا ممارسة روتينية لغالبية المسؤولين الكبار في دولتنا، ولابدّ انه، على سبيل المثال، قد تابع مثلي وغيري مجريات ووقائع الأحداث بالغة الخطورة التي شهدتها البلاد على مدى الأشهر الثلاثة الماضية، فقد سعى هؤلاء المسؤولون الى نفي وانكار أي مسؤولية لكبار القادة العسكريين والأمنيين وقادتهم السياسيين عن الهزيمة العسكرية والسياسية أمام داعش وعن المجازر الفظيعة التي رافقت ذلك الاجتياح، بل ان أحد هؤلاء المسؤولين، وهو وزير الدفاع بالوكالة، ألقى بالمسؤولية علناً على عاتق الشعب لأنه "لم يوفر الحاضنة للجيش"!! فهل ثمة إنكار أسوأ من هذا؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram