اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > حكومة تطرد نصف المجتمع !

حكومة تطرد نصف المجتمع !

نشر في: 9 سبتمبر, 2014: 09:01 م

ظل الكُتّاب والمفكرون يضربون أخماساً بأسداس وهم يحاولون حل لغز اسمه"المرأة". لم يوفق"أوفيد"الذي ظهر قبل اكثر من ألف عام تاركا القضاء والسياسة متفرغاً لكتابة موسوعته"فن الهوى"في ان يدرك سر النساء،
وحين عصفت الأهواء بشيخ مثل تولستوي انزوى جانبا ليسطر ملحمة الحب في انا كارنينا:"على رصيف المحطة لمحت قوامه. عجباً، ما الذي جاء به الى هنا؟ لم أكن أعلم انك كنت على سفر. لماذا أنت هنا؟ سألته، قال وهو ينظر في عينيها: تعلمين أنني جئت في إثرك. فليس في وسعي تجنب ذلك".
كبار الكُتّاب يتركون لنا أحكامهم على النساء. ومن خلال آثارهم نعرف أن ستندال كان مغرما بزوجة جاره فقرر ان تكون بطلة عمله الكبير"الأحمر والأسود"، ونعرف أن هتلر الذي أباد الملايين لم يقبل ان يرى ضعفه سوى شخص واحد هو ايفا براون، وان شاعراً مثل أمرئ القيس ترك البحث عن ملكٍ ضاع و هام يبحث عن محبوبة هجرته:
أغرك مني أن حبك قاتلــــــــي وأنك مهما تأمري القلب يفعل
وأنك قسمت الفؤاد فنصفه قتيلٌ ونصفٌ بالحديد مكبــــل
يكتب شاعر فرنسا الرفيق لويس اراغون"انهم لا يصدقون قولي عن الحب، برغم هذا انظروا إلي قد أكون مجنونا، وقد أكون عبدا احمق، لكني اعلن لكم باني لم أتعلم في الحياة الا شيئا واحدا، لقد عرفت الحب" ويكتب"أبي الطيب بن يحيى الوشاء" صاحب كتاب الوشاء ان اولى علامات الهوى نحول الجسم وطول السقم، وقلة النوم وإدمان الفكر وإظهار الخشوع وإعلان الحنين"من هذه الفكرة العتيقة انطلق فيلسوف الحب في القرن العشرين اراغون ليضع الاف القصائد ونحو 60"رواية"ظلت تشغل العالم قرابة اكثر من نصف قرن، وكان مواطنه ستندال قد قسم الحب، الى أربعة أشياء عاطفة، وذوق، وحس وكبرياء، يكتب اراغون في احدى رسائله الى الزا تروليه"لقد بدأت حياتي بحق. في اللحظة التي رأيتك فيها
أنت التي جعلت ذراعيها حاجزا
عبر الطريق إلى جنوني
لقد ولدت بقبلتك بحق
وتنبثق حياتي من حياتك"
يكتب فلورنس مونترياند في كتابه"الأدباء في قرن الحب والرغبة":
"ليس ثمة شك في أن أراغون. أحب إلزا، كما أحب شاعر العصور الوسطى سيدته، أو أنه وصف نفسه بأنه 'مجنون الزا' وأراد أن يكون 'ظلا عند قدميها' وعلى الرغم من أن حبه وإلهامه كانا مولودين من إحساسه بعقدة النقص حيال 'إلزا' التي كانت لديها نزعة عنيفة إلى التملك، بيد أنه كتب ' أنا مدين لك بكل شيء، أنا لست شيئا سوى الغبار الذي يطفو في أعقابك، لكنها بالمقابل كانت تشعر بانها المرأة التي وجدت نفسها في الظل الخانق لكاتب شهير.
في رسالة مفعمة بالمرارة تكتب إليه عام 1965: 'إنني ألومك لأنك عدوت بسرعة البرق الخاطف عبر الخمس والثلاثين سنة الأخيرة' وختمتها بقولها:"ليس عليك أن تدرك فجأة ماكنا نفعله معا"ومع أنها قد رغبت في أن يستمر في إظهار حبه لها، إلا أنها عانت من الإحساس بانها مدمرة بأداء أراغون ذلك الشاعر الذي نفذت كل مطالبه طوال حياتها.
حين ماتت عام 1970، كان لدى اراغون صورة فوتوغرافية ضخمة لإلزا، موضوعة في مدخل شقتهما، حملت نصا، يقول:
"يا حبي العظيم، يا سبب هلاكي، الحب السعيد لا يمكن أن يوجد".
وقديما قالوا إن الجنون فنون والعشق فن من فنونه واحتجوا بقول قيس بن الملوح:
قالوا جننت بمن تهـوى فقلت لهم العشـق أعظم ممــا بالمجانين
ويا ليت قادة كتلنا الأكارم مارسوا معنا فن الجنون فدسوا لنا عدد من النسوة في حكومتهم"التكنوقراطية"، فنحن في النهاية من دون النساء، لا شيء، عتمة وخراب، ومزيد من الفشل، ومن دون وزارة لنصف المجتمع.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. ابو سجاد

    لاخير في حكومة تكون فيها وزارة الثقافة في ذيل المطالب وتريد من هذه الحكومة الهزيلة ان تعير اهمية لمشاركة المراة فيها اللا تتذكر وزيرة المراة في النظام المالكي السابق عندما تقول انني لااخرج الا بموافقة زوجي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

الأحوال الشخصية.. 100 عام إلى الوراء

وظيفة القرن: مدير أعمال الشهرة والانتشار

العمودالثامن: يا طرطرا.."!

العمودالثامن: ماذا يريدون ؟

مقترح تعديل قانون الأحوال الشخصية العراقي.. في المنطق القانوني

العمودالثامن: درس تشرين ودرس بنغلاديش

 علي حسين ما هو الفارق بين ما جرى في تشرين عام 2019 في بغداد والمحافظات.. وما جرى في البلاد الفقيرة بنغلاديش خلال الأيام الماضية؟ في العراق جرى قتل أكثر من 700 شاب.. وجرح...
علي حسين

متى تتكلم الأغلبية الصامتة؟ وماذا بعد قانون الأحوال الشخصية؟

د.غادة العاملي يثار جدل واسع حول تعديل قانون الاحوال الشخصية وخطورة التداعيات الاجتماعية التي تسبب بها، ويبدو من السجالات والمناظرات والندوات التي ترافق النقاشات المرتبطة بقانون الاحوال الشخصية، ان حزمة قوانين اخرى تنتظر التمرير...
د.غادة العاملي

عشر أفكار حول تطييف قانون الأحوال الشخصية

علي المدن لا أحد يعلم على وجه الدقة انطباعات العراقيين حول مقترح تطييف قانون أحوالهم الشخصية، وأنا شخصيا لم أقرأ حتى الآن أي أستطلاع للرأي العام حول هذا الموضوع المعقد، وعليه؛ ستبقى مسألة مقاومتهم...
علي المدن

في مواكبة الـ (المدى)..

لاهاي عبد الحسين يوافق الاحتفال بالذكرى الحادية والعشرين لانطلاق "المدى" كمشروع ثقافي واعلامي وطني مسؤول مع الضجة التي أحدثها تقديم مشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية المرقم 188 لسنة 1959 في مجلس النواب العراقي. هذا...
لاهاي عبد الحسين
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram