أين تقف حكومة التوافق الفلسطينية؟ سؤال تطرحه التصريحات الاتهامية المتبادلة بين السلطة الفلسطينية العاجزة عن وقف الاستيطان، ممثلة برئيسها محمود عباس، ، وقادة حماس الذين تتسبب خياراتهم بمزيد من الحصار على القطاع وأهله، في وقت تعاني فيه هذه الحكومة إشكالات أبرزها عدم القدرة على دفع رواتب الموظفين في قطاع غزة عبر البنوك، بسبب تلقيها تهديدات وإنذارات بشأن تحويل أو تسلّم أموال، وعدم وصول المساعدات إلى مستحقيها من المواطنين، وبعضها وضع في مستودعات خاصة، لتوزيعها على فئات خاصة، يتم ذلك بعلم الغزيين الشاكرين للحكومة جهدها، حتى لو ضلت المساعدات الطريق إليهم، ومع ذلك فإن حماس تتهم رئيس الوزراء بعدم إنصاف الغزيين، " الذين لم يسمعوا صوته خلال الحرب، ولم يشعروا بأي علاقة للحكومة بهم ".
بين سهام الاتهامات المتبادلة بين غزة ورام الله، تقف حكومة التوافق مجردة من كل حماية، مع أنها كما يعرف الجميع معنية بالقضايا الإدارية، ولا علاقة لها مباشرة بالعمل السياسي، فالأجهزة الأمنية في الضفة، التي تتهمها حماس باعتقال بعض كوادرها في بيت لحم، ومنع دعاة مقربين منها من الخطابة في المساجد، ترتبط بموقع الرئاسة، ولا علاقة للحكومة بمطالبة عباس بالإشراف على كل سلاح في فلسطين، فيما تؤكد حماس أن سلاحها مقدس، وتطالب حكومة الحمد الله بالعمل على إعمار غزة وإنهاء الحصار كلياً، وكأن القرار في الأمرين لها، ولا يحتاج تنفيذهما غير إرادة تلك الحكومة.
واضح اليوم التنافس على مسألة إعادة إعمار غزة، حماس ترغب بالإشراف لتعظيم شعبيتها في صفوف المستفيدين، ومنح الأولوية لمؤيديها، والسلطة تؤكد أنها المسؤولة عن استلام أي مساعدات، خصوصاً مواد إعادة البناء، لمنع تسربها إلى جهات تستخدمها لأغراض عسكرية، وبين هذا وذاك تعمل وكالة الغوث "الأونروا"، على إقناع إسرائيل بأن هناك وسائل مراقبة كافية تمنع تسريب مواد البناء إلى "جهات غير مخولة"، فيما تدعو الاحتلال إلى رفع الحصار عن القطاع، وإتاحة الفرصة أمام ترميمه، وفي الأثناء يتباحث رجال أعمال وممثلين عن القطاع الخاص في غزة، مع مسؤولين إسرائيليين وأمميين برعاية السلطة، حول سبل توريد وإدخال مواد البناء إلى غزة.
مع كل هذا اللغط والتنافس بين طرفي الصراع الفلسطينيين، تواصل حكومة نتنياهو هجمتها الاستيطانية، وهي تستدرج اليوم عروضاً لبناء 283 وحدة سكنية في إحدى المستوطنات في الضفة الغربية، ضاربة عرض الحائط بقلق المجموعة الدولية، من استئناف إسرائيل لتسريع الاستيطان في الضفة، وخاصة بعد إعلانها قبل أيام قرار مصادرة أربعة آلاف دونم من أراضي بيت لحم، ما دفع الأميركيين إلى الجنون، حسب تعبير مسؤول إسرائيلي كشف أن المسؤولين في إدارة أوباما أرسلوا رسائل شديدة اللهجة إلى نتنياهو، الذي طمأنهم بأنه ستمر سنوات عديدة قبل أي بناء في المنطقة، أي أن الاستيطان مستمر حتى وإن كان مؤجلاً.
لم تعد الخلافات بين السلطة وحماس سرية، وقد تناولتها أجهزة الإعلام الناقلة للتصريحات المتشنجة من الطرفين، وتبرعت مشيخة قطر بكشف بعضها، ويبدو أن الجميع ينسون أن أهالي غزة المعرضين للمتاجرة بعذاباتهم ينامون في العراء، وأن الحرب تركت في القطاع 130 ألف نازح ليست لهم أي قدرة على تأمين مأوى، بينما تتناثر الشائعات عن أن من يحاول إعمار بيته المتضرر جزئياً، لن يكون ضمن مستحقي المساعدة، وأن عليهم البقاء كما هم، حتى يتم اتفاق السلطة وحماس، وبينهما تقف حكومة التوافق عاجزة عن تحقيق أي من أهداف وجودها، وتظل غزة رغم كل تضحياتها ميداناً للتلاؤم، بين من كنا نتوقع تنافسهم لإغاثتها.
غزة وصراع السلطة وحماس
[post-views]
نشر في: 9 سبتمبر, 2014: 09:01 م