رسائل عديدة وصلتني من قراء أعزاء.. الكثير منها يعتقد أصحابها أن ما كتبناه خلال السنوات لماضية لم يلقَ صدىً لدى السياسيين.. وأنهم واجهوا كل ما كتب بالمقولة الشهيرة"حجي جرايد"والبعض الآخر يرى أن العلَّة ليست في السادة طالبي الكراسي، وإنما في المحكومين الذين يصرون دوما على الانقياد لأهواء ورغبات صاحب الكرسي.. من بين هذه الرسائل رسالة لقارئ يقول"انتم انتقدتموهم، لكننا في النهاية انتخبناهم، لانهم من طوائفنا.. فنحن نستحقهم وهم يستحقوننا".
فيما قارئ آخر يكتب: "لسنا مجموعة من العميان حتى ندرك أن ما جرى في جلسة البرلمان الأخيرة مقطوع الصلة بما جرى أيام حكومة المالكي، وأن بعض الأسماء التي تولت مناصب مهمة في الحكومة الجديدة ليست بعيدة عن تفكير وسلوك الحكومة السابقة، وانها وثيقة الصلة ايضا بسنوات الفشل والخراب التي لانزال نعاني آثارها في كافة المجالات ، فحملات إعادة حكومة المالكي الى الحياة واستنساخ نظامها الأمني والسياسي ، لا تزال مستمرة وبنجاح منقطع النظير."
لعل ما جرى ويجري في العراق خلال السنوات الماضية كان تجربة عملية على حرق كل اثر للتغيير وقد كان مشهد الصراع الطائفي على المناصب والمغانم بالغ الدلالة والإيجاز، وإذا كان العراقيون البسطاء قد توسموا خيرا بالخطوات الدولية لمساعدة العراق، وبتعهدات العبادي قبل ان يعلن كابينته الحكومية، فقد خاب ظنهم حين اكتشفوا ان بينهم اليوم اكثر من مالكي ومطلك وجعفري..
السؤال: ما معنى ضياع الموصل وتكريت والأنبار بيد عصابات داعش واندحار القوات الأمنية، والآلاف من الشهداء وتهجير المسيحيين وسبي الإيزيديين، وجريمة سبايكر ليجد العراقيون انفسهم وجها لوجه أمام أدوات الفشل والخراب نفسها.
ما معنى ان نجد مسؤولين كانوا صامتين معظم السنوات الماضية وهم يشاهدون الناس تعيش وسط الخراب ثم يدَّعون انهم أصحاب التغيير وحراس الديمقراطية، ما معنى ان يدخل الجميع فى صفقة لتجميل الوجه القبيح للحكومة الفاشلة فيصرّ على منح نوري المالكي منصباً سيادياً، ما معنى ان يصر العديد من الساسة على تقديم كلمات الشكر والامتنان للحكومة السابقة لأنها حسب قولهم استطاعت إدارة البلاد بصورة متميزة في هذا الظرف العصيب؟.
ما حصل في جلسة البرلمان الأخيرة تجعلنا نتساءل: لماذا ينبت التغيير في بلدان العالم ورودا للبهجة والإقبال على الحياة، بينما يتحوّل في بلادنا إلى سحب من الكآبة والخوف من المستقبل المجهول، للأسف الطبقة السياسية في العراق لم يشغلها المستقبل بقدر انشغالها بالماضي، لقد تحول العراق إلى غرفة مظلمة يبحث ساستها في داخلها عن شيء اسمه هوية العراق وكأن آلاف السنين من الحضارة غير كافية لنعرف هوية البلد، اليوم ننظر في وجوه الناس فنراها شاحبة ومتعبة، مسكونة بتجاعيد الخوف من المستقبل، والسبب سياسيون يمارسون الدجل والخديعة وسرقة أحلام المواطنين، ولكن هل يدفعنا هذا الحال إلى أن نترك مصير البلاد بيد مجموعة من الفاشلين؟ طبعا أنا أتفهم حجم الضغوط التي يتعرض لها العديد من الإعلاميين وأصحاب الرأي، الحرب ضدهم شرسة، والابتزاز وصل إلى أقصى مراحله، ناهيك عن الترويع والتهديد، لكن تفهمي هذا لا يعني أبدا أنني يمكن أن أقبل ظاهرة استبدال المالكي بمالكي اخر ، في هذه اللحظة العصيبة والصعبة ، نحن كإعلاميين ومثقفين لدينا مهمة وطنية، أن نكون عقلا عاملا يقف بوجه العقول التي تريد أن تعيد الناس إلى زمن مختار العصر، أن نقدم رؤى للناس وأن نطرح حلولا، وأن نسهم في حالة التفكير العامة.
علينا أن نعلِّم الناس أن تضحياتهم وآلامهم وصبرهم لن تصبح رهينة بيد مجموعة من الانتهازيين والمتسلقين والقافزين على الكراسي والمناصب بمنتهى الخفة، علينا أن ندرك جيدا أن صمتنا سيعجل بإقامة نظام إداري وسياسي لايختلف بالطعم والشكل واللون عن نظام (خطيب الأربعاء).
خدعوكم فقالوا: "خطيب الأربعاء" تنحـى
[post-views]
نشر في: 10 سبتمبر, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 4
بغداد
فدوة العينك يا ايها الكاتب العراقي الاصيل ابن الاصيل يا علي حسين بارك الله بك على ما خطه يمينك الشجاع من سطور تنبض فيها روح العراقي الشجاع الاصيل في زمن الغبار الأسود وظلمات الارهاب الامريكي اللص العلني سارق أرواح شعب وثروات شعب لم تكن تخطر على بالي بشر و
علي
الكوميديا السوداء كانت في مكافاة المالكي بدل احالته الى قضاء نزيه
حامد اساماعيل حسين
الاستاذ الفاضل علي حسين المحترم ........لا أبالغ عندما أقول اكثر المتشائمين بحكومة العبادي او غيره من الأسماء لتولي منصب رئيس الوزراء كنت انا العبد الفقير لله ،،،لماذا ؟لان عندما سمعت خطاب اعلى جهة دينية شيعية بالعراق تطالب حرفيا بان يكون رئيس الوزراء من
ابو سجاد
انامتشائما وربما اكثر من حكومة المختار السابقة فالعبادي ليس رجل المرحلة ولا صاحب العبارات الغير مفهومة ان يكون وزيرا للخارجية المرفوض اقليميا وعربيا ودوليا