أسوأ ما في عملية اختيار مسؤول رياضي لاتحاد لعبة أو مكتب تنفيذي في التجربة الديمقراطية الحديثة لبلدنا أن المحيطين به يمارسون حرية الرأي من باب (خالف تعرف) ليشعروا المسؤول إنه مشلول اليدين والقدمين والفم أمام أي قرار يراه صائباً حتى لو كان في مصلحة العمل وما عليه سوى الرضوخ لمعارضة بعضهم الذين يجبرونه أحياناً أن يتشمّس بمزايا منصبه لكنه يتنفس تحت ضوء سطوتهم !
هذا المشهد أكاد أراه منطبقاً تماماً بعد فضّ انتخابات 31 أيار الماضي التي سجل اتحاد كرة القدم حدثاً مهماً يومذاك بعد أن استجاب لقرار محكمة (كاس) الدولية التي ألغت انتخابات عام 2011 لوجود خروقات كثيرة في عمله الأمر الذي أوجد بوناً شاسعاً بين كتلتين سعتا إلى الاستحواذ على ثقة الهيئة العامة، وبالتالي آل المشهد إلى فوز عبد الخالق مسعود على منافسه ناجح حمود لكن الأول خسر مقاعد مهمة لكتلته قوّضت فرصة تعضيد آرائه في اجتماعات مجلس إدارة الاتحاد ، وأن هناك مصاعب جمّة تواجه الرجل في عملية قيادة اللعبة واتخاذ ما يراه مناسباً لعمله مع انه جدير بثقة كبيرة لتحمّل تلك الأعباء وخدمته ظروف تمرّسه الإداري برفقة رئيس اتحاد اللعبة الأسبق حسين سعيد، ولا يمكن ذرّ الرماد في عيوننا بتصريح "مجاملة" يفنّد الآلية السائدة الآن في إدارة الاتحاد إلا إذا جاء من باب المخادعة والتزويق.
هناك ملفات كثيرة وضعت اتحاد مسعود أمام تحدٍ صعب لم يزل يداريه ما بين إرضاء المعارضين وتوازن تنفيذ طلبات المؤيدين، وهكذا حتى وجد مسعود نفسه محاصراً مابين ضغوطات الإصلاح الواجب تحقيقه لمحو سلبيات الدورة الملغية بقرار دولي وبين مزاج عدد غير قليل من أعضاء مجلس إدارة الاتحاد ممن اتخذوا قوارب الديمقراطية ملاذاً للهروب بمصالحهم إلى المناطق الدافئة مصطحبين معهم (الأصدقاء الحائرين) في كيفية الحصول على الامتيازات في اللجان والإيفادات والواجبات بذريعة التصويت الحرّ لتسمية هذا المدرب وذاك الإداري وتلك السفرة ولا ينقص هذه اللعبة غير المتكافئة سوى المراهنة على مصير الاتحاد بعد انتهاء السنة التكميلية !
كفى هدراً للوقت وقد مضى أكثر من 90 يوماً على انتخابكم ، وليس لديكم حديث غير مناصرة فلان ومناوءة عَلان من دون إبداء آراء سليمة لوأد أزمات كثيرة نتيجة استمرار نهج الدورة السابقة وشعارها المعروف (الامتياز بقدر الانحياز) فمن كان مسايراً في الولاء للاتحاد بأخطائه وفوضويته وهزائم سياسته كان قريباً منه وبالعكس عندما يتخذ موقفاً ينتقد فيه القرارات العاطفية ويكشف عن نوايا السكوت والتشبث بمدرب يقود اللعبة إلى الهلاك ويقف بقوة مطالباً بالتحقيق السريع في قضية (سوء سلوك أو تلاعب أو إهمال) نجد الاتحاد مستنفراً لمحاربة هذا المعارض.
ولنا أمثلة (تُضرب وتُقاس) كقضية دفاع رئيس نادي الشرطة إياد بنيان عن حقوق الأندية في ملف لاعبي المنتخب الأولمبي الذي لم يلق صدى عند الاتحاد حتى هذه اللحظة بالرغم من أن عدد الملتحقين من النادي نفسه بلغ 8 لاعبين بعد توقيع سلام شاكر له، والإهمال العَمد للخبير أنور جسّام في توظيف أفكاره وإمكانياته الفنية لصالح المنتخبات، والمماطلة (المقصودة) في عدم حسم منصب الأمين العام بحجة عدم التوافق مع شخص مثل احمد عباس لأنه أكثر خبرة منهم وخشيتهم أن يُسحب البساط (الذهبي) من تحت الأقدام المرتجفة، مثلما إن خطوات اللجنة القانونية المشكلة لكتابة نظام داخلي للاتحاد يتماشى مع المطالبة الضرورية بتوسيع الهيئة العامة واستحداث فقرات لتطوير اللعبة تحد من الجدل المثير كلما تزامنت فترة التحضير للانتخابات تسير ببطء شديد وأعضاؤها لا يُستشارون دائماً برغم تخصصهم فهي بعهدة عضو الاتحاد يحيى كريم وكان يفترض أن تناط المهمة إلى أحد الضالعين في القانون الرياضي ليس لعدم كفاءة كريم، بل لضمان هامش واسع من حرية العمل والتصرّف بعيداً عن ضغط الدورة الحالية، ولا ننسى أن لجنة التسويق بحاجة إلى خبراء في التخصص ولديهم تجارب عدة تغني اللجنة وتعزز نجاحها بورقة عمل واقعية وليست شكلية.
إننا إذ نطرح ملاحظاتنا هذه لا نبغي نتائج سريعة من أعضاء الاتحاد ، فأمامهم فترة لا بأس بها لإظهار خيوط الإصلاح المرتقبة، وبالأمس تناغم رئيس الاتحاد عبد الخالق مسعود مع اتصالنا بخصوص بيان موعد مؤتمره مع الإعلام الذي سبق أن وعد به حال اكتمال مدة ثلاثة أشهر من ولايته لوضعه بالصورة التي تبدو ضبابية في زواياها طالما إن الإعلام سند رئيس للعبة وقريب من شجونها ، ومسعود نفسه يثمّن دور المهنيين في مساعدته على اجتثاث الممارسات البالية إدارياً وفنياً اللذين دأبت عليهما مفاصل اللعبة لسنين طوال وتركتها مريضة وعاجزة عن تناول أمصال الاحتراف!
الامتياز بقدر الانحياز !
[post-views]
نشر في: 10 سبتمبر, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 1
صالح المالكي
رائع استاذ اياد فقد اصبت كبد الحقيقه فالاتحاد بتقاطعاته وعدم تنفيذ وعود مسعود هذا الموضوع القى بظلاله على مستقبل اتحاد الكره لذلك عمل الاتحاد الحالي لايمكن ان يستمر ويقدم شيئا مادام هناك عدم توافق او انسجام بين اعضاء الاتحاد لذلك على مسعود ان يبدع بالموا