اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > هبّة ساخنة، هبّة باردة.. من العبادي

هبّة ساخنة، هبّة باردة.. من العبادي

نشر في: 10 سبتمبر, 2014: 09:01 م

الحكومة الجديدة بدأت حياتها بهبّة ساخنة كادت أن تزيد من الشعور بالإحباط واليأس حيال إنجاز التغيير الذي لهج به الجميع، من عامة الناس الى المثقفين والزعماء السياسيين والمرجعيات الدينية. لكن تلك الهبة المزعجة تبعتها هبة باردة لاح معها شعاع ضوء في نهاية النفق سنتعلق به، علّه يغدو حزمة تنير ظلمتنا الدهماء.
الهبة الساخنة رافقت عملية تقديم الحكومة الى مجلس النواب.. كانت حكومة ناقصة، وبخاصة في قطاع الأمن، وهذا ما لم نتوقعه ولم نوعد به .. ثم انها لم تأت حكومة كفاءات نزيهة كما وعد السيد حيدر العبادي غير مرة حال تسلمه كتاب التكليف من رئيس الجمهورية... حتى الكفاءات التي تضمّنها التشكيل الحكومي فإما هي في الغالب ليست من أفضل الكفاءات، أو أنها جمعت الى هذا انعدام النزاهة.
ربما كان السيد العبادي مخلصاً وجاداً في تعهده بتشكيل حكومة تلامس تطلعاتنا وحاجاتنا، لكن القوى السياسية التي تدافعت وتصارعت، كما ضواري البرية، على المناصب الوزارية خذلته، وهذا ما يثير القلق الجدّي حيال إمكانية أن ينهض العبادي وحكومته بالتعهدات الثقيلة التي تضمّنها المنهاج الحكومي ووثيقة الاتفاق السياسي بين الكتل السياسية المشاركة في الحكومة، وهي تعهدات إن تحقق لنا نصفها في السنوات الأربع المقبلة فستنفتح أمامنا أخيراً أبواب النعيم.
أما الهبة الباردة فجاءت مع أول اجتماع يعقده السيد العبادي بعد الاجتماع الأول لحكومته.. اختار أن يكون الاجتماع مع القادة العسكريين والأمنيين بالذات، وتلك كانت رسالة مهمة الينا بان رئيس الحكومة الجديد يدرك ان الشأن الأمني هو أبو الشؤون، فمن دون أمن لا يمكن للسفينة العراقية أن ترسو عند شاطئ الأمان. والكلام الذي قاله السيد العبادي، وهو الآن القائد العام للقوات المسلحة، كان في غاية الأهمية، وبالذات دعوته القوات العسكرية والأمنية الى "الحرص على المواطنين والتعامل معهم وفق مبدأ حقوق الإنسان"... هذا هو الكلام الصح المستند الى التجربة المرة للسنوات الثمانية المنصرمة. نظام صدام حسين لم يتحل بالشرعية لانتهاكه السافر والمتواصل لحقوق الإنسان، ونظامنا الجديد كانت شرعيته تتوقف على التزامه بمبادئ حقوق الانسان، وحتى الآن لم يثبت انه يراعي هذه الحقوق، بل ان قواتنا الأمنية والعسكرية لم تتورع، بأوامر من قياداتها، عن انتهاكها على نحو سافر حتى في وضح النهار.. هل أحتاج إلى التذكير بما جرى في ساحة التحرير ببغداد وساحات في مدن اخرى في 25 شباط 2011 وبعده؟.. هل أحتاج الى التذكير بما جرى في الحويجة والأنبار؟
لتبرير هزيمة قواته أمام "جرذان" داعش، اتهم وزير الدفاع بالوكالة السابق الشعب بمعاداة الجيش وعدم توفير الحاضنة له... هو لم يذكر كيف ولماذا حدث ذلك .. انه حدث لأن القوات التي كانت تحت إمرته وقوات وزارة الداخلية لم تتعامل مع المواطنين وفق مبادئ حقوق الانسان كما الزمها الدستور وكما يريد السيد العبادي الذي وضع بكلامه أمام القادة العسكريين والأمنيين إصبعه على أكبر جروحنا.. عساه بذلك يضع العلاج أيضاً، فنظل في عهد حكومته نشهد الهبات الباردة واحدة اثر الأخرى من دون أو بالقليل من الهبات الساخنة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. عطا عباس

    كلام حلو ولا غبار عليه ... لكن الجميع ينتظر أكثر من هبّة باردة ، ولتكن كانت عاصفة ثلجية ،لتثلج قلوب الجميع حتما ! أما ماهي ، فوصفها لا يتعدى سطور قليلة وحسب : يجب شلع كل الطاقم الفاسد المعشعش في وزارتي الدفاع والداخلية من الأساس ، أبتداءا بأصغر ضابط

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

العمودالثامن: إنهم يصفقون !!

قناطر: من وصايا أبي المحن البصري

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

السيستاني والقوائم الانتخابية.. ردٌ على افتراء

العمودالثامن: إنهم يصفقون !!

 علي حسين كان الشاعر الزهاوي معروف بحبه للفكاهة والظرافة، وقد اعتاد أن يأخذ من زوجته صباح كل يوم نقوداً قبل أن يذهب إلى المقهى، ويحرص على أن تكون النقود "خردة" تضعها له الزوجة...
علي حسين

باليت المدى: على أريكة المتحف

 ستار كاووش ساعات النهار تمضي وسط قاعات متحف قصر الفنون في مدينة ليل، وأنا أتنقل بين اللوحات الملونة كمن يتنقل بين حدائق مليئة بالزهور، حتى وصلتُ الى صالة زاخرة بأعمال فناني القرن التاسع...
ستار كاووش

ماذا وراء التعجيل بإعلان " خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!!

د. كاظم المقدادي (3)ميزانية بائسةبعد جهود مضنية، دامت عامين، خصص مجلس الوزراء مبلغاً بائساً لتنفيذ البرنامج الوطني لإزالة التلوث الإشعاعي في عموم البلاد، وقال مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع في اَذار2023 إن وزارة...
د. كاظم المقدادي

السيستاني والقوائم الانتخابية.. ردٌ على افتراء

غالب حسن الشابندر منذ أن بدأت لعبة الديمقراطية في العراق بعد التغيير الحاصل سنة 2003 على يد قوات التحالف الدولي حيث أطيح بديكتاتورية صدام حسين ومكتب سماحة المرجع يؤكد مراراُ وتكراراً إن المرجع مع...
غالب حسن الشابندر
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram