في الليلة التي سبقت اليوم الذي سأقابل فيه المشرف على أطروحتي بروفيسور براين ديفز، قصدت زملاء عراقيين سبقوني بالدراسة لأسألهم بأي لقب أخاطبه. كل الذين سألتهم العون قالوا لي ناده "بروف". أول ما نطقتها عندما التقيته سخر مني ورد علي بلطف: نادني باسمي: "براين". علل ذلك لأننا في الجامعة التي هي بيتنا. فهل من المعقول ان ينادي الابن والده أو الزوجة زوجها: "بروف" أو "دكتور" أو "أستاذ"؟ وإن كنت قد أيدته لكن هذا الذي اعتبره ليس معقولا كنت قد شاهدته عند العراقيين. في الداخل والخارج.
في ثاني مدرسة ابتدائية أُنقل إليها يوم كنت معلما، وكانت في اليوسفية، حظيت بمدير طرد امرأته لأنها خاطبته باسمه دون ان تسبقه بلقب "أستاذ"! كان المدير قد فرض على كل أقاربه، بدءا من أولاد ه وصولا إلى أفراد عشيرته، ان يلقبوه أستاذ. ومن لم يستجب فالمقاطعة هي الرد.
وخارج العراق استضافني أحدهم في بيته وكان هو وزوجته يحملان لقب "دكتور". لم يتأكد لي صحة حملهما للشهادة. طيلة الجلسة الطويلة كانت تناديه "دكتور" ويناديها" دكتورة"! خيّل لي انهما يستعملان الطريقة ذاتها حتى عند ممارسة حياتهما "الطبيعية". لا أظن ان الشغلة تحتاج إلى محلل نفساني محترف ليعرف ان الاختفاء وراء الألقاب الطنانة يكشف عن نقص في شخصية اللاهثين والمتشبثين بها.
في فترة عملي بالصحافة النسوية، وهي فترة أذكرها بخير وأحن لها كثيرا، كتبت عن مستحضر تجميلي يسمى "مخفي العيوب" (كونسيلر). نوع من المساحيق أو الكريمات تغطي به المرأة الهالة السوداء تحت عينيها أو بعض البثور التي تداهمها في أوقات معينة. في مجملها تعد عيوبا جسدية. وما الألقاب والفخفخة التي يحيط بها الأشخاص أسماءهم، حكّاما أو أفرادا، إلا نوع من "الكونسيلر" لعيوبهم أو نقائصهم النفسية. صدام صنع لنفسه أو صنع له "اللوكية" 99 لقبا واسما. بس شفاد؟
الذين أتوا بعده لم يقصروا بل اكتشفوا "كونسيلرات" أخرى يبهجون بها أنفسهم ومن حولهم والشعب منكوب ومكلوم.
شكراً لحيدر العبادي الذي ألغى لقب "دولة" ومنع تعليق صوره في السيطرات وواجهات المباني العسكرية والمدنية. واضح ان الرجل لا يحتاج إلى مكياج مثلما رفض ان يخفي شيب شعره بالصبغ الأسود. رسالة موجعة "للوكية" ليته يتبعها بكنس أي مستشار لا نفع فيه لنزداد تفاؤلا. قد يراها البعض خطوة بسيطة أو صغيرة لا تمس الوجع والهم العراقي الكبيرين، لكن العافية درجات كما يقولون. أي: أجن .. أجن.
العبادي يُلغي ماكياج الألقاب
[post-views]
نشر في: 12 سبتمبر, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 4
farid mohamad
العبادي المحترم لم يلغي الألقاب بل ألغى المالكي وتبهرجه الكاذب ومستشاريه الجهلة فطوبى لحيدرة ونتمنى المزيد قبل أن تفائل يا سيد العقابي لأنك تعلم ونعلم جميعاً ياما تحت السواهي دواهي والدواهي هي الأفات والأرث التعبوي الطائفي الثقيل .كيف نخلص ومتى من ت
خليلو...
الالقاب يصدرها بعضهم في كل مكان تعبير لا واع عن مركب نقص طالت معاناتهم منها مخزونة فيهم .نحن عادة لانذكر اسماءهم الا وهي مجردة عنها فلا نقول دكتور سيغمود فروي او دكتور كارل ماركس اوشيخه هيغل وكذلك عندذكرنا شعرائنا وادبائنا فلا نقول الاستاذ المتنبي والجواه
ابو اثير
سيدي الكريم ... على ذكر أجن أجن ... ألا تعتقد أن السيد العبادي لو أمر بوقف القصف العشوائي وألقاء البراميل المتفجرة على المواطنين ألآمنين في الفلوجة المنكوبة في أول أسبوع من تسنمه رئاسة الحكومة سيكون وقعها على المواطنين الذين ظلوا ينظرون بشك وريبة أتجاه ال
حيدر عزيز
خطوة جدية جديدة يتبعها خطوات ....تتمثل بالغاءتلك الالقاب ومحاربةالاسماءوالمسميات التي بدات تسود في مؤسسات الدولة وغالبا ماتكون غطاء لمخاتلة ومصانعة على حساب العمل ونوعه واتقانه وعلى حساب الوقت وضياعه وعلى حساب المواطن وحقوقه بل تكاد تكون (عدة العمل ) هذ