TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > النصاب غير مكتمل!

النصاب غير مكتمل!

نشر في: 7 ديسمبر, 2009: 05:45 م

عامر القيسياذا اردنا حقيقة ان نمّيز مجلس نوابنا عن المجالس النيابية في العالم، فان واحدة من اهم سمات التميّز هذه هي عدم اكتمال النصاب في اكثر الاجتماعات التي ينبغي ان تتخذ فيها قرارات حاسمة ترسم مستقبل العراق القادم. وآخر ما شاهدناه من السادة اعضاء مجلس نوّابنا الموقر قصة قانون الانتخابات الأخير.
فالجميع مع اجراء الانتخابات في وقتها، والجميع مع التمثيل العادل للعراقيين، والجميع مع تمثيل صوت الخارج من المهجرين والمهاجرين، والجميع يريد ان يلتزم بالدستور واستحقاقاته ومنها الانتخابات النيابية، والجميع امام الفضائيات لاهمّ لهم سوى الوطن والمواطن ونجاح العملية السياسية بالتغيب او بالتهديد. لكن الاجتماعات النيابية لحسم مثل هذا النوع من الاجماع الكلامي سرعان ما تنفض بلا قرار والسبب عدم اكتمال النصاب! سيكون مفهوما جدا ان لايكتمل النصاب لاقرار قانون اتفاقية الزيتون مثلا لاننا نبحث عن الطماطم والبطاطا العراقية ومعظم الناس غير مكترثين بوجود الزيتون من عدم وجوده! لكن المثير للدهشة ان معظم السادة النواب يقرّون ويصرحون للاعلام والصحافة بان الجلسة القادمة ستكون حاسمة. فيما تعلن مفوضية الانتخابات ان لاوقت امام النواب للتلاعب بالزمن. فيما يحث الامريكان الحرصاء على العملية السياسية على ان يمرروا قانون الانتخابات وتعلن الأمم المتحدة عن مخاوفها من نتائج تأجيل موعدها. رغم كل هذا الحشد الداخلي والدولي للتعامل مع القانون بروح مسؤولية عالية الا اننا نفاجأ في اليوم التالي بان الجلسة قد تأجلت والسبب كالعادة التي اعتدنا عليهاعدم اكتمال النصاب. ربما لم يعد الكلام مفيدا ونحن في الشوط الاخير الاضافي من عمر مجلس نوابنا الموقر، لكننا لانريد ان يكون مثل هذا (الامتياز) صناعة عراقية خالصة نحصل بها على براءة اختراع من برلمانات العالم وتسجل كـ(دمغة) في التأريخ السياسي العراقي الحديث. جميل جدا ان نشهد تجاذبات سياسية شكلت وتشكل ميزة ايجابية في المشهد السياسي العراقي، وهي سمة من سمات الحياة الديمقراطية السليمة، وهي تجاذبات مطلوبة وضرورية لمنع اي كان من الاستفراد بالسلطة والقرار. لكن المثيرللحيرة ان تؤثر مثل هذه التجاذبات على المصلحة الوطنية العليا لتتحول الى اسلوب ابتزاز والتلويح دائما بافتقاد مجلس النواب النصاب القانوني المطلوب لاتخاذ اي قرار. في الوقت الذي يكون فيه بعض السادة النواب يرتشفون القهوة المشبعة برائحة الهيل في كافتيريا المجلس وتظهر النتيجة بانفراط عقد الاجتماع والسبب عدم اكتمال النصاب. ومشهد القصة الحالية ليس الوحيد. فللمجلس سوابق في هذا المضمار، وهي سوابق احرقت الزمن والاعصاب وافضت الى توترات امنية دفع ثمنها المواطن العراقي البسيط، الذي يريد دائما ان يكتمل النصاب لكي يحصل على شيء من الكعكة قبل ان يغادر هذه الدنيا منزعجا من اجتماعات مجلس النواب التي عادة ماتنفض دون قرارات والسبب عدم اكتمال النصاب مطلب جماهيري وشعبي ووطني نقدمه للسادة النواب الجدد، الذين سيكون مصير العراق باياديهم لاربع سنوات قادمة، هو ان يرفعوا شعار: لا لعدم اكتمال النصاب نعم لخدمة المواطن فهل سنرى هذا الشعار مرفوعا عند مدخل مجلس النواب القادم بوجوهه القديمة منها والجديدة القادمة على اجنحة القائمة المفتوحة!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram