إما أنّ القوى السياسية تفترض أنّ الشعب مجموعة من المختلّين عقلياً، أو أنها مصابة بداء عضال يجعلها ترى هلاوس وضلالات على أنها حقائق.. وفي الحالتين يبدو المشهد اليومي في العراق قد انقلب إلى حالة من الكوميديا السوداء، بحيث تحوَّل الخطاب السياسي إلى قفشات، على اعتبار أننا شعب يسعى للد خول إلى موسوعة غينيس في مجال السخرية من نفسه.. خُـذ مثلا ذلك الخبر المثير الذي نُشر على لسان قيادي في التحالف الوطني من أن وزارة الداخلية يجب أن تذهب إلى كتلة سياسية معينة،لأنها استحقاق انتخابي، الخبر تدور أحداثه ووقائعه في بلاد يذكّرنا فيها رئيس الجمهورية ومعه رئيس الوزراء ليــل نهـار من أننا لا نملك القدرة بمفردنا على دحر الإرهاب.
جميعنا يتذكر ما قاله السيد حيدر العبادي إلى المستر لويد أوستن قائد القوات الأميركية في الشرق الأوسط إن"العراق بحاجة إلى دعم دولي للقضاء على العصابات الإرهابية".. لكننا في زمن يصرُّ فيه البعض على رفع برقع الحياء السياسي في ما يتعلق باختيار المناصب وهي حالة، كنا نعتقد أنها أصبحت من الماضي بعد أن طوينا صفحة"مختار العصر" إلا أن البعض من السياسيين لم يرقْ له أن نبتعد عن جمهورية دولة القانون، فقرر أن يواصل السير على الدرب نفسه، فهذا رئيس قائمة يُعيـِّن ابن عمه وزيراً، فيما سياسي بارز يصرُّ على اختيار شقيقه لمنصب وزاري، وآخر يُقاتل من أجل إبعاد الكفاءات ليتسنى لبعض معارفه الحصول على مناصب حكومية، والقائمة تطول، لكن الأغرب فيها ما صدر عن مكتب رئيس مجلس الوزراء السابق نوري المالكي، فقبل أيام من مغادرته الكرسي نقلت لنا الأخبار المفرحة أن السيد المالكي عيـَّن أمين مجلس الوزراء السابق علي العلاق في منصب محافظ البنك المركزي.. وهو القرار الذي اعتبره النائب"القانوني"صادق اللبان خطوة بالاتجاه الصحيح، لأن محافظ البنك السابق حسب نظرية اللبان "تسبب بخلل في أصل الموضوع، لذلك أُسندت إدارة البنك المركزي للأمين العام لمجلس الوزراء علي العلاق باعتبار أن له دراية وخبرة"، أما الدراية فإن الرجل يحمل شهادة معهد محاسبة، وأما الخبرة فقد اكتسبها العلاق من عمله في القطاع الخاص!
ليس في نيّتي الاعتراض على قرارات السيد المالكي، لأنها تلقى هذه الأيام تجاوباً من القوى السياسية ، ولكنني أعترض على الطريقة التي تتبعها بعض الكتل السياسية في اختيار المسؤولين، فقد تم تشكيل الحكومة ولم يتم الاتفاق على حسم الوزارات الأمنية، في الوقت الذي يعرف الجميع أن القوى السياسية اتفقت على إبعاد هذه الوزارات عن التخندق الحزبي والطائفي، لكن الثابت أن بعض السياسيين ومعهم الحكومة لا يريدون لهذا الشعب أن يخسر النعمة التي حصل عليها من جراء"الاستقرار"الأمني.
البعض من ساستنا للأسف لا يُريد فقط مناصب لمعارفه وأقربائه، لكنه يريد له أن يحكم العراق بنظام التمليك، وليس على نظام الإيجار ذي المدة المحددة، مُصرِّين على أن اختياراتهم صحيحة وأن الأشخاص الذين تبوَّأوا المناصب مخلصين لبلدهم ويحبون خدمة شعبهم بدليل أن المرشح لوزارة الداخلية قاد تظاهرة لإغلاق إحدى الصحف لأنها نشرت صورة تخطيطية لأحد قادة دول الجوار، وطالب بتعليق العاملين في الصحيفة في ساحة الفردوس!
أيها السادة نحن اليوم نعيش عصر الديمقراطية التي تُتيح للمقرّبين الفرصة كي ينفّذوا برامجهم الرامية إلى إصلاح حال هذا الشعب والعودة به إلى جادة الصواب والحق بعد أن تاه في دروب الخطيئة!
السيد رئيس الجمهورية ومعك السيد رئيس مجلس الوزراء، اتمنى عليكم ان تشاهدوا ما تبثه الفضائيات: العالم كله مشغول بقضية اسمها العراق، فيما نحن مُصرُّون على أن نعطي دروساً في الطائفية والانتهازية.. ونترك للعم أوباما محاربة داعش وننشغل بمحاربة الكفاءات وإصدار أحكام ضد سنان الشبيبي ورحيم العكيلي والبحث عن وزير"سِنـِّي"للدفاع"وآخر"شِيعي"للداخلية!
البحث عن"سِنِّي" للدفاع و"شيعي"للداخلية
[post-views]
نشر في: 13 سبتمبر, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 1
ابو سجاد
في هذه الحكومة ستتعزز الطائفية والمحسوبية والمنسوبية اكثر مما كانت عليه في حكومة المختار يااستاذ علي ما معنى البحث عن وزير دفاع وداخلية اليست هذه هي قمة الحرب الطائفية وللاسف سندفع الثمن اكثر مما سبق وسيخرجون علينا انصار المختار في المستقبل ويقولون بملىْ