حازم مبيضينتكتسب الزيارة الحالية للرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى لبنان طابعاً استثنائياً, لتزامنها مع تسلم لبنان مقعده غير الدائم في مجلس الأمن، ورغبة اللبنانيين في تحرك دبلوماسي فلسطيني يأخذ بإلاعتبار هواجس وجهود المسؤولين اللبنانيين لمنع توطين اللاجئين الفلسطينيين في لبنان ودعم حق العودة.
وليس سراً أن السلطات اللبنانية تأمل أن يتفهم الفلسطينيون اللاجئون في لبنان وضعهم القانوني كلاجئين, وتعتقد تلك السلطات بأن على السلطة الفلسطينية توحيد مرجعيتها في لبنان بمعزل عن صراعاتها الداخلية, وأن تقدم ملفاً متكاملاً لتأكيد وجود سفارة لدولة فلسطين في لبنان على المستوى الديبلوماسي، ما يعني تشكيل مرجعية فلسطينية موحدة. ومن ثم القبول بما ينتج عن طاولة الحوار الوطني في، لبنان بشأن نزع السلاح الفلسطيني خارج المخيمات وتنظيمه وضبطه داخل المخيمات مقابل التعهد بتحسين أوضاع اللاجئين الاجتماعية والاقتصادية. زيارة عباس للبنان مهمة من زاويتين, فهي تأتي في إطار الحراك الديبلوماسي باتجاه الأمم المتحدة, لانتزاع اعتراف دولي بالدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، وتأتي بعد بيان وزاري لبناني يتحدث عن أوضاع اللاجئين الفلسطينيين، وبعد كلام نادر لرئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري شدد فيه على إطلاق ورشة تطويرية للعلاقات اللبنانية الفلسطينية، وذهب إلى تأكيد تطوير الاعتراف بتمثيل الفلسطينيين في لبنان على مستوى سفارة كاملة. كما أنها تأتي بعد أول خطاب قسم رئاسي لبناني يتحدث بإيجابية عن الفلسطينيين. وكل ذلك يتزامن مع عضوية لبنان في مجلس الامن, ما يعني استغلال الفرصة المتاحة لحصد المزيد من التاييد الدولي للفلسطينيين. وتعيد عضوية لبنان غير الدائمة في مجلس الامن إلى الذاكرة ما حدث عام 1974 , عندما حمل الرئيس اللبناني سليمان فرنجية القضية الفلسطينية, مندوباً عن كل العرب, إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة, بالتزامن مع أول مخاطبة رسمية للرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات للمجتمع الدولي. ما يؤكد قدرة لبنان على حمل القضية الفلسطينية على المستوى الدولي، والدفاع عنها, خاصة وهو يتمتع بموقع محترم في كل المحافل الدولية, إضافة إلى رغبته المؤكدة بصرف النظر على كل المستويات, عن فكرة توطين اللاجئين المرفوضة من قبل السلطة الفلسطينية, ومن اللاجئين أنفسهم الذين يصرون على حق العودة إلى وطنهم الذي هجروا منه بقوة السلاح. الحراك الدبلوماسي الفلسطيني النشط هذه الأيام, يترافق مع التعنت الاسرائيلي في قضية وقف الاستيطان, حيث لم تسفر الضغوط الدولية على حكومة نتنياهو, عن غير تجميد صوري لعمليات الاستيطان المستمرة فعلياً, والتي تعتبر حجر عثرة في وجه استئناف التفاوض على حل سلمي للمعضلة الفلسطينية, وهو حراك يتعدى العواصم العربية لينطلق في كل الاتجاهات, وهو شديد الاهمية في هذه المرحلة, التي تسعى فيها الدول الاوروبية لانتزاع اعتراف من الامم المتحدة بالدولة الفلسطينية على حدود الارض المحتلة عام 1967 بما فيها القدس الشرقية, وهو حراك ينبغي أن يحظى بحراك مشابه تقوم به الدبلوماسية العربية في كل عواصم العالم وفي كل أروقة المنظمات الدولية ذات الصلة.
خارج الحدود: أبو مازن في لبنان
نشر في: 7 ديسمبر, 2009: 06:05 م