في خضم المآسي المصيرية، لا يقاس الزمن بدقات الساعة . ولا بالتقاويم المصلوبة على الجدران .
بلى …لا بحركة بندول الساعة يقاس الزمن المأساوي ، ذلك إنه ليس زمنا ،ماديا ، عاديا تنسجه الثواني والدقائق والساعات ، ولربما ، ربما في هذا بعض التفسير الجدلي لمهابة المأساة التي يعيشها إنسان العصر ، الغريب في بلاد الغربة مرة ، الغريب في موطنه الأم الف مرة .
قيل : الرؤية الإنسانية الواعية ، لا تيأس من استنبات ورعاية بذرة الخير في الإنسان ، لتجعل منه محور الكون ، مهما ثقلت وطأة الظروف ، مهما تباينت النتائج …
الشرط الأول .. شرط الوعي ، والذي من أوضح دلالاته، نمو الغرسة المباركة بأقدس وأرقى صفاتها — في سويداء الكائن الحي - الذي يمشي على قدمين ، لا بجشعه وطمعه وأنانيته ، لا بكسله وتواكله ، لا ببطره او ملله، بل بسموه وتعاليه عن جمع الأوشال ليبني بها مرتعا . وكم من مرتع وخيم؟
الإنسان الواعي ، حر بطبيعته ، متجدد ، خلاق ، قابل للجبر بعد كل كسر وخذلان ، متحفز للنهوض بعد كل عثرة ، ساع للتطور بعد كل انكفاء ، مستعد للاستقامة بعد كل زلل .
يحيا بأسئلة - مصيرية - تحاصره ، ولا يأبه بموت يعاجله قبل آن يحظى بشافي جواب .
……….
تسألني ، وصوتها في الهاتف ، منقوع بالبراءة والحنين: — ثمة مسافر من طرفنا نحو ربوعكم . هل من شيء بالذات ترغبين بإرساله ؟
برهة صمت داهمتني ، حسبتها بعض دهر …… تداعت أمامي صورة بيت .. كان زاهيا وبهيا ومكتظا بأهله والوئام .. تهادت أمامي غرفه الخالية وشبابيكه العالية ، الآثاث القديم ، رفوف المكتبة المتداعية ، صناديق الكتب التي نخرتها الأرضة ، اللوحات المنتقاة التي عششت عليها العناكب وتولاها الغبار، ستائر الدانتيل الناصعة البياض ، التي حال لونها للأصفر المسود . لمحت مطرزات الثياب على المشجب المكسور ، رنوت للحقيبة التي أودعتها احلى الرسائل وأخر ملفات دعاوى المحاكم…….
أجبت بصوت مخنوق ، مبلل بالدموع ، أغالب به عبرة مكابرة حذر ان يفضحني حنيني:
— ابعثي لي( ألبوم الصور ) .
الحياة مراحل.. الموت دفعة واحدة
[post-views]
نشر في: 14 سبتمبر, 2014: 09:01 م