يقولون ان الإنسان جبل على حب الحياة وانه يكره القتل والدم ويميل الى العدل. ويأتي المتنبي ليقول ان "الظلم من شيم النفوس". وفي القرآن ان "النفس لأمارة بالسوء". ان تقرأ الشيء، حديثا او نصا قرآنيا او بيتا من الشعر، قد تجد له تفسيرا عند هذا او ذاك يخفف من حيرتك وقد يقنعك بان مضمونه عكس ظاهره فترتاح. لكنك حين ترى بالفعل وبالقول ان هناك نوعا من البشر يحزنه الفرح ويفرحه الكدر ويكفهر من شعر رأسه حتى ركبتيه حين يشم خبرا سارا، حقا تحار بما تصنع. قل لي اين تعطي وجهك وانت تسمع وترى هذه القناة او ذلك النائب او المحلل السياسي مهموما لأن حربا ما قد القت رحالها او ان امرا صدر بعدم قصف المدنيين.
في آب من العام 1988، كنت احضر للدكتوراه بمدينة كارديف البريطانية. وكنت أيضا لاجئا سياسيا في وقتها. في ذلك الشهر توقفت الحرب العراقية الإيرانية. احتفلت. وصل خبر احتفالي للأخوة في المعارضة الإسلامية. اتهموني بالعمالة والخيانة لا بل وبأخطر من ذلك بكثير. ليش؟ لأني لم أحزن ولم أرتد ملابس الحداد السود كما فعلوا. صحت يا ناس انها الحرب من احقر ما صنع الانسان وما لم يصنع. قاطعوني.
اليوم، وحين اقدم السيد حيدر العبادي على تحريم الحرب على المدنيين، عمني الفرح والارتياح وأصبحت على قناعة بان بوادر انبثاق عهد عراقي جديد قد أشرقت. ما كنت احسب اني سأجد من يكدره مثل هذا الخبر السعيد مرة أخرى.
الفضائية التي أسسها "سالف الذكر" ومولها من المال العام وتوحدت مع خطابه وروحه وجسده حتى صرت لا اميز بينهما، استعرضت خطاب العبادي الأخير في مؤتمر رعاية النازحين. أتت عليه كله تقريبا الا فقرة ايقاف قصف المدنيين فقد حذفتها. أغلب وسائل الاعلام العربية والعالمية المهتمة بالشأن العراقي، ان لم اقل كلها، توقفت عند هذا القرار الإنساني الجريء وأشادت به. فماذا يعني ان تتجاهله قناة عراقية؟ أمعقول انه سقط سهوا؟
ربما أعرف السبب الذي يجعل داعش تموت لو لم تتنفس رائحة دمائنا. لكن ان تكون لدينا قنوات فضائية تختنق لو توقف قصف الأبرياء، فهذا يصعب عليّ معرفة سببه.
ما أتعس المرء حين تغادره حاسة الجمال والطيبة والحب.
قناته "معرضة"
[post-views]
نشر في: 15 سبتمبر, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 1
ابو سدير
الاخ والاستاذ العزيز هاشم العقابي اني اتحرق شوقا ان ارى اليوم الذي يقوم مجلس النواب الموقر باستبدال القائمين على هذه القناة العراقية التي تدار باموالنا نحن اعراقيين لكن لاهم لها سوى تسويق شخص بعينه وتسويق الدمار وتكون استضافة الشخصيات بانتقائية والا ماسبب