دار حديث بين متشائم ومتفائل.. كان الاول متضررا والثاني مستفيدا ..قال الاول : اتعبنا ما جرى وما يجري وما سيجري ، فقال الثاني : انها مخاضات طبيعية لبلوغ المرحلة المقبلة .
اعترض الاول : اية مخاضات وأية مرحلة ؟ خسائرنا تجاوزت الحد المألوف ..رد الثاني : لتحقيق هدف كبير لابد من تضحيات وخسائر...قال الاول : سنحتاج الى وقت طويل ..رد الثاني : ولماذا انت مستعجل لهذه الدرجة ؟..قال الاول بيأس : مللنا من الصبر ..لم يعد بمقدورنا ممارسة هذه المهنة الشاقة بعد الآن ..قال الثاني : ليس لك خيار آخر فالمخاض حاصل لامحالة ..
قال الاول : وهل سيرضي هذا المخاض كل الاطراف .. البعض اعتاد على الاعتراض على كل شيء جديد ... سأل الثاني مستغربا: لماذا لا تتفاءل ...لابد ان نلتقي عند نقطة ما .. رد الاول : يؤلمني سوء تطبيق الحرية والديمقراطية وفداحة الخسائر حتى هذا اليوم ، ثم انني متضرر ولست مستفيدا مثلك ..قال الثاني : ما دمنا نحسب خسائرنا وفوائدنا الشخصية فلن نلتقي مطلقا لأن مانحتاج اليه لابد ان تتوحد فيه غايات المتضرر والمستفيد.. قال الاول: سننتظر كثيرا .انت لا تعرف معنى ان يخسر الانسان اهم اشيائه... فرد الثاني بتفاؤل: لايأس مع الحياة ... ولاحياة دون انتظار شيء ما...
جرى الحديث بين المتشائم والمتفائل في منزل صديق مشترك لهما في العاصمة ... كان الاول نازحا من احدى مناطق حزام بغداد ، ترك منزله الواسع المؤثث على احدث طراز وسيارته الحديثة وسيارات اولاده وارضه الزراعية واملاكه وغادر المنطقة تحت النيران الكثيفة مع عائلته لايحملون معهم سوى بعض المال والمصوغات الذهبية ويعيش الان في منزل صغير استأجره في بغداد وبدا ينفق على عائلته من ثمن المصوغات الذهبية التي باعها وبات يخشى من نفاد ثمنها ...اما الثاني فكان موظفا امنيا بسيطا وحين تسلق قريبه احد المناصب السياسية واستقر فيه فترة طويلة قام بتعيين اقاربه قبل غيرهم في وظائف مثلت نقلة نوعية في حياتهم وكان الثاني واحدا منهم ...
قبل ايام ، شاهد الاول منزله وهو يحترق على صفحات الفيس بوك بعد ان اصبح نشرهذه الافلام من قبل افراد المليشيات التي قامت بحرقه ظاهرة عراقية مفزعة ...شوهدت سياراته ايضا يقودها افراد الميليشيات وسمع عن بيع اغراض منزله الذي تعرض للنهب بابخس الاسعار في سوق خصص لهذا الغرض بينما عليه ان ينتظر بصبر ماسيسفر عنه المخاض الجديد – حسب محدثه المتفائل – في الوقت الذي تمكن الثاني خلال سنوات قليلة من زيارة العديد من البلدان العربية والاجنبية وبناء منزل كبير في احد الاحياء الراقية وملء خزانة زوجته بالمصوغات الذهبية مع ضمان رصيد مناسب في المصرف ولن يهمه انتظار أي شيء مادام مستفيدا ..بعد كل هذا، هل يمكن ان يلتقي الاثنان عند نقطة ما وان يصبح المتشائم متفائلا، ام يواصلا حساب الخسائر والفوائد الشخصية ...ربما ينبغي على الاول مواصلة لعبة الانتظارونهاية المخاض بينما ينبغي على الثاني مواصلة التشبث بمكاسبه قبل ان يغادر قريبه فيغادر معه...
تشاؤم وتفاؤل
[post-views]
نشر في: 15 سبتمبر, 2014: 09:01 م