فخري كريم التفاؤل الحذر، رغم طابعه المتحفظ، يظل في ظروفنا المعقدة باباً من ابواب الأمل والانفراج. وبعد سنواتٍ من القحط والعسر فإن كل خطوة تُتّخذ، مهما كانت محدودة الأثر، أو حتى تبدو للبعض "شكلية" لا تنعكس على اوضاع الناس مباشرة او سريعاً،
فخري كريم
التفاؤل الحذر، رغم طابعه المتحفظ، يظل في ظروفنا المعقدة باباً من ابواب الأمل والانفراج.
وبعد سنواتٍ من القحط والعسر فإن كل خطوة تُتّخذ، مهما كانت محدودة الأثر، أو حتى تبدو للبعض "شكلية" لا تنعكس على اوضاع الناس مباشرة او سريعاً، يجب وضعها في هذا السياق، كما تمثّل في الخطوات المتتابعة للسيد حيدر العبادي رئيس مجلس الوزراء الجديد، وتعليماته حول الغاء القاب الفخامة والدولة والمعالي والسعادة، ومنع رفع صوره في مؤسسات الدولة والحواجز الأمنية والسيطرات العسكرية، ثم إعادته جنسيته البريطانية الى سفارة المملكة المتحدة ببغداد. ولا ينبغي نسيان أوامره بإيقاف قصف المدن عشوائياً، من دون توفر إحداثيات استخبارية تجنب المواطنين العزل الابرياء، نتائج وخيمة وتؤدي الى قتلهم وتدمير ممتلكاتهم، وما يترتب على ذلك من احتقان ومواقف لا تصب في اتجاه تصحيح أخطاء سياسات العزل والتمييز الطائفي لسلفه وفريقه الحاكم.
إن المهام الرقابية لوسائل الإعلام الوطنية، تستمد فاعليتها وتأثيرها من طابعها الموضوعي، والتزام قواعد النقد البناء، وهو ما يفترض نقد ما هو سلبي، بتسليط الضوء على ما فيه من خللٍ وسوءٍ وتداعياتٍ على اوضاع المواطنين وسلامة البلاد، وحسن سير إدارة الدولة وتطبيق الدستور وصيانة الحريات، وتقييم ما هو إيجابي من إجراءات وتدابير تؤشر لتوجه يرمي للإصلاح والتغيير، أياً كانت مستويات ما يمكن اعتباره إيجابياً، خصوصاً في ظل تنحية طاقمٍ سياسي ظل يستنزف موارد البلاد البشرية والاقتصادية، ويقف عائقاً أمام أية إمكانية لتجاوز حالة الرثاثة التي شكلت بيئة الحكم والحاكمين طوال ولايتين موصوفتين بالتدهور والانحدار على كل صعيد.
الصحافة الوطنية ووسائل الإعلام الملتزمة بالقيم الإيجابية والمعايير المهنية العالية، لا يمكن أن تكون أداةً لافتعال المعارك والصراعات المجانية العبثية، سواء في الموقف من الظاهرات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، أو من السلطة السياسية والاحزاب والقوى السياسية. ومثل هذه المواقف تجرد الصحافة ووسائل الإعلام من قيمتها المادية وتأثيرها المعنوي على المجتمع ومراكز صنع القرار.
وقد حرصت "المدى" منذ صدورها على الانطلاق من هذه المعايير في مواقفها وسياساتها ونهجها من السلطة وقادة العملية السياسية ومكوناتها، وقد التزم كتابها وصحفيوها والجمهرة المتفاعلة معها، بهذه المعايير. ولم يكن لها دافعٌ سوى تجنيب العراق دوّامة المنزلقات والأزمات والمخاطر التي صارت تتهدده، وكادت أن تضعه على مفترق طريق متاهات مفتوحة على المجهول.
ومن هذا المنطلق، المفعم بروح المسؤولية الوطنية، نتابع بحذر إيجابي، الخطوات التي تتخذها الحكومة الجديدة، والملامح التي تعكسها في التعبير عن نهجها وبرامجها الإصلاحية، بما في ذلك ما يُعتبر في نظر البعض، شكليات لا قيمة لها، وفي نظر المواطنين، تدابير لا تنعكس على أوضاعهم المعاشية والامنية واستقرار البلاد، في حين نراه نحن، ملمحاً يؤشر على الحس السياسي الذي يسعى لوضع اليد على نبض الشارع، وما يشكل تطميناً أولياً لمن يبحث عن كوّة تنفتح على الأمل بالتغيير.
خطوات شكلية، لا تؤثر مباشرة على الأوضاع الملموسة للمواطنين، ولا تغير من واقع حالهم المزرية، لكنها مع كل ذلك، وفي الاسبوع الاول من مباشرة الحكومة بمهامها، تؤشر لاستعداد للمضي في اتجاهٍ، اذا ما تواصل وامتد وتفاعل مع تطلعات الناس فيما بات معروفاً، لا يحتاج الى كلامٍ مكررٍ وتفاصيل يعرفها القاصي والداني، وبموازاة خطواتٍ وتدابير، فقد ينجح في نهاية المطاف في تفكيك ما نحن فيه من وضعٍ مغلقٍ داخل متاهة الأزمةٍ التي تحاصرنا من كل صوب.
وفي هذا الاتجاه، ينتظر من السيد العبادي وفريقه اتخاذ خطواتٍ ملموسة، تصفي ظاهرات العشيرة والعائلة والأقربين في مكاتبهم ودوائر الدولة. وكذلك الامر بالنسبة للحاشية والبطانات المنافقة المتسلقة، باسم العائلة والطائفة والحزب. وليس أقل تأثيراً من ذلك دوائر العابثين فساداً ونهباً، وهم باتوا معروفين بالاسماء والعناوين والمصالح المتداخلة مع الوزراء والكتل النيابية والاحزاب. ولدى هؤلاء القدرة على تغيير الولاءات، ونقل المصالح، مع كل تغييرٍ في مراكز القوى والمواقع السيادية.
"المدى" اذ تتابع بانفتاحٍ حذر ما يجري في أروقة الحكم، تؤكد ولاءها، كما كانت دائماً، للخيار الوطني، ولمصالح الناس المكتوين بنيران الإرهاب وسياط الفاقة والعوز، ولوعة القلق من المستقبل.
جميع التعليقات 2
بغداد
عمي لو كل الصحفيين يكتبون بهذه الشجاعة وهذا المستوى الراقي الحضاري الإنساني الأخلاقي بمستواكم يا استاذ فخري كان صار العراق من زمان بالف خير لكن جيب عقول اللي تفهم اللي كتبته اليوم والمقال اللي سبقه بخصوص اخطر موضوع وهو رئيس دولة يحمل جنسية بريطانية او امر
د عادل على
انا متفق شبه تماما مع الاستاد الجليل فخرى كريم ولكن عندى بعض الملاحظات--لاول مرة بعد ثمانى سنوات حزن نرى البسمه فى وجه رئيس وزرائنا الجديد حيدر العبادى الدى ينتظر كل العراق منه السلم والاخوة والحب بين السنه والشيعه-لان هده النقطه استغلها الارهابيون الا