تحرك مواقف طهران من الحرب الدولية ضد "داعش"، مخاوف من أن تكون قوة إيران الإقليمية ونفوذها، واحداً من اهداف تلك الحرب، خصوصاً إن وصل لهيبها إلى سوريا، وهي بالأصل ترى أن هزيمة تنظيم الدولة على يد التحالف الدولي، قد تؤدي إلى توسيع قوة خصومها المذهبيين، وتشكل تهديداً لهيمنة طهران في المنطقة، وهي مسألة وجودية عند الإيرانيين الذين لعبوا دور الشريك الصامت لواشنطن في العراق، سواء في حرب إسقاط صدام أو الحرب الحالية ضد الدواعش، أو حتى في العملية السياسية، غير أن حسابات الطرفين تتباين في سوريا، فإيران معنية بشكل رئيسي بعدم فقدان أوثق حلفائها الإقليميين، إذا ما أسفرت الحرب عن تحالف سني ضد داعش والأسد في آن معاً.
ترفض إيران المشاركة علناً في التحالف الدولي ضد إرهاب داعش ووصف خامنئي رفض واشنطن لتلك المشاركة بأنه مصدر فخر، وليس باعثاً على خيبة الأمل، وكشف أن بلاده رفضت طلبا أميركياً للتعاون في مكافحة تنظيم داعش، لأن أيديهم ملطخة بالدماء، ومع ذلك فإن الخارجية الأميركية تترك الباب موارباً لإمكانية التعاون مع طهران مستقبلاً، وهي مشاركة يبدو أن العراقيين يطلبونها تجنباً للحساسية المذهبية، وهذا الخلط الرامي للتغطية على ما يجري في الكواليس، وخلف الأبواب المغلقة، لن ينجح في آخر الأمر في اخفاء حقيقة المواقف لكلا الطرفين، وحقائق العلاقات السياسية بين واشنطن وطهران، وبين أميركا والجماعات الإسلامية المتطرفة.
الحقيقة أن واشنطن ستكون ممتنة لطهران إن حاربت داعش بطريقتها الخاصة، ومن خارج التحالف الدولي، غير أن ذلك مرفوض في إيران التي بدأت مبكرا استشعار خطر الدواعش، فزودت الجيش العراقي والبيشمركة بالأسلحة والمستشارين، وبمقاتلين من الحرس الثوري، لتأكيد دورها وعدم حاجتها إلى ترخيص، وهي تدرك أن واشنطن ستستعين رغماً عنها بقوات عراقية موالية لإيران، وأن المستشارين الأميركيين سيدربونها رغم معرفتهم بحقيقتها.
يرى كثيرون أن قيادة الأميركيين للحرب ضد داعش، أدخلتها في صراع اوسع مستعر بالفعل في المنطقة، بين القوى السنية والشيعية، وهي تجازف اليوم بالظهور كمن يتخذ موقفاً منحازاً في النزاع الديني في المنطقة بدعمها السنة، حتى وان كانت تقاتل داعش السنية المتطرفة، ذلك يطرح في طهران تساؤلاً عن ما بعد داعش، وهي لذلك قد تسعى لعرقلة خطوات التحالف الجديد، إلاّ إن سلمت بسقوط الاسد، حيث سيكون عليها رعاية عملية نقل السلطة إلى حكومة جديدة تضمن ولاءها، وليس هذا خيارها الوحيد، فقد تقبل بالاتفاق مع خصومها الإقليميين على تشكيل حكومة شراكة، بدلاً من حكومة تكون وكيلة لإيران، وبغض النظر عن أي الخيارات التي ستتبعها طهران، فإنه سيكون لها كلمة في الحرب ضد داعش، وفي مستقبل سوريا والعراق، سواء حضرت المؤتمرات ذات الصلة بهذه القضايا أم جرى استبعادها عنها.
لا يعبر انتقاد خطيب جمعة طهران، للتحالف ضد تنظيم "داعش" الإرهابي، واعتباره أكذوبة ومكيدة جديدة، عن الموقف الحقيقي لطهران ، وربما كان أقرب إلى الحقيقة تأكيد الرئيس روحاني، بأن عملية مكافحة الإرهاب يجب أن تتم عبر شعوب وحكومات المنطقة، وأنه إذا أراد الآخرون حل قضية الإرهاب عليهم المساعدة في هذا الشأن، وليس قيادة عمليات مكافحة الإرهاب، تلك رسالة يبدو أنها وصلت لواشنطن، غير أننا لم نستمع لردها عليها.
إيران والحرب ضد داعش
[post-views]
نشر في: 20 سبتمبر, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 1
ابو سجاد
يااستاذ حازم من غير المعقول ان تدخل اميركا الى المنطقة بدون تنسيق مسبق مع ايران لان ايران لها هيبتها وسطوتها في المنطقة وباستطاعتها قلب الموازين وهذا واضح منذ بداية بناء الدولة الاسلامية في ايران والعالم اجمع قام بمحاربتها ولم يستطع التاثير على هذه الدولة