منذ عقود ونحن شعب تعود أن لا يسأل.. يرفع أبناؤه شعاراً: اذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب.. وتعلمنا منذ الصغر أن نسير"جنب الحائط" ونردد على مقاعد الدراسة أُنشودة"الباب التي تأتيك منها الريح اغلقها لتستريح."
اليوم وبعد الفشل السياسي والأمني الذي يُخيم على كل الجهات، لم يجد البعض أسهل من العودة إلى اللعبة السهلة.. لعبة نشر الخوف، فمن السهل أن تحكم شخصاً إذا استطعت تسريب الخوف إليه.. أو تشعره بأنه مطارد، ولابد من حمايته من أشباح تظهر في منتصف الليل، فرض الخوف على الناس أول طريق التدجين.
مَن منّا قادر اليوم على متابعة أخبار العراق؟ ولولا ما حدث في"بلاد الكفار"اسكوتلندا مؤخراً، لكان هذا العالم كله بلا أخبار سوى أخبار البحث عن وزير داخلية للعراق، وقصة الصورة الشهيرة التي ظهر فيها نواب رئيس الجمهورية وهم"سمن على عسل" لقد تحولنا بقدرة سياسيينا وعنجهيتهم الى المنطقة الوحيدة التي تدور فيها الكوارث والمآسي ويسودها الصمت والخوف، لا شيء للمقارنة. في بقية بلدان العالم، تطلع الى الفضائيات وألقِ نظرة على صحف العالم ستجدها تقريبا تعزف لحناً واحداً: اسمه العراق .
اذن مطلوب منك ايها المواطن العراقي اما ان تصدق رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي وهو يطالب التحالف الدولي بضرورة الإسراع في القضاء على داعش ومساعدة العراقيين؟ او نائبه بهاء الاعرجي الذي حذرنا بالامس من الانجرار وراء أوهام أميركا والغرب.. في الحالتين أنت مطالب بان تصمت، وان تحفظ رأسك من الزوال، وان لا تتجرأ وتكتب لماذا؟ مثل هذه الأسئلة ممنوعة.. فالصمت فضيلة والسكوت امان وسلامة.. وإلا فلا مكان لك في جنة الرافدين.
صباح الأمس وانا أسير مجبراً بسبب قطع الطرق وإغلاقها بوجه أوباما الذي تجرأ وناقش الخراب العراقي.. خطر على بالي المشهد الاسكتلندي ، فمنذ أسابيع حبس العالم أنفاسه بانتظار المفاجأة، ماذا لو تفككت اقدم الديمقراطيات في العالم؟ وحين ذهب اختيار الشعب الى الوحدة مع بريطانيا، شاهدنا كيف خرج أليكس ساموند،، الذي قاد حملة الاستقلال ليحيي الشعب البريطاني بأجمعه على النتيجة، وليعترف ان خيار الناس هو الأهم ويطالب أنصاره بقبول النتائج ، وفي خطاب مؤثر قال انه"يأسف لان حملته ربما أحدثت تصدعات في المجتمع البريطاني الذي نريد له ان يبقى متماسكاً.. وان ما حدث يحتاج منا جميعا ان نعيد بناء جسور الثقة بين أبناء المملكة التي ربما اهتزت بسبب حملات الاستقلال"، ولم يكتف الوزير الاسكوتلندي بذلك بل اعتذر للشعب البريطاني لان الاستفتاء ربما أحدث خللاً في حضور بريطانيا الدولي ما يتطلب حسب قوله العمل جميعا لدعم المملكة في المحافل الدولية.. وأتمنى عليكم وانتم تقرأون هذه الكلمات ان تتذكروا معي ان أوباما وجه رسالة الى الاسكوتلنديين يطالبهم فيها بعدم الانفصال عن بريطانيا لانهم بذلك سيقوضون الحلف الدولي ضد داعش.. فماذا كان رد ساسة اسكوتلندا؟ لم يشتموا أوباما او يطالبوه بعدم دس انفه في شؤونهم، فقط ارسلوا رسالة مختصرة:"نحن معكم في الحرب ضد الارهاب مهما كانت نتيجة الاستفتاء."
أيها الشعب المغلوب على أمره، مبارك عليك ان لا احد يستطيع ان يقول لماذا تغلق الشوارع، ومبارك لك ان لا احد بإمكانه ان يسأل: لماذا نرفض مساعدة الغرب في القضاء على داعش.. فنحن أولا وأخيرا مجرد فقاعات، ليس أمامنا سوى الصمت ثم الصمت او الفرار.. وعذرا فنحن يا صاحبي شعب"اسكت" لندي!
عذرا يا صديقي.. نحن شعب"أسكت" لندي
[post-views]
نشر في: 20 سبتمبر, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 2
محمد سعيد العضب
يسرني دائما قراءه عمودكم الثامن. لقد حاولت مره التعليق وذكرتكم بعدم جدوي المقارنه بين اوضاع العراق البائسه وما يشهده الاتسان في بقاع الارض الاخري . فالعراق يا اخي الكاتب المتمكن دخل في غيبوبه وانحشر تحت خيمه مظلمه عرجاء لا اعمده لها ,لربما تتطا
ياسين عبد الحافظ
لاعزاء لمحاربى الارهاب, ولايبدو رجاء فى الخلاص منه فى العراق على اقل حال , (كما كانت الصورة هكذا منذ البدء) ه ولكن لزوم ظرف التاريخ والزمن الازم للتحول , ان جرت التوقيتات بما جرت وافرزت من صور واحداث ما عشنا ه ونعيشه لليوم, اقول لاعزاء ولا امل الا فى ا