TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > خيار العبادي الأفضل

خيار العبادي الأفضل

نشر في: 21 سبتمبر, 2014: 09:01 م

هل يتكرّر سيناريو حكومة المالكي الثانية (2010 -2014) فتبقى الدولة من دون وزيرين للوزارتين الأهم في الظرف الراهن، الدفاع والداخلية، لتظلا في أيدي رئيس مجلس الوزراء، ممّا يمكن أن يفاقم من نزوعه للسيطرة واحتكار السلطات والتفرّد بالقرار، كما حدث مع السيد المالكي؟
في السياسة، كما في الحياة العامة، كل شيء قابل للحدوث، وتجربتنا بالذات على مدى السنين العشر الماضية تفيد بأن أسوأ الأحداث والحالات قابل للتكرار أكثر من الأحداث والحالات الجيدة، وهذا ما نتلمّسه في أوضاعنا السياسية والأمنية والاجتماعية والاقتصادية التي مضت بثبات من سيئ الى أسوأ.
لا يحتاج سيناريو حكومة 2010 لكي يتكرر سوى إلى أن تفعل الأطراف المعنيّة باختيار الوزيرين الأمنيين ما فعلته في السابق وتفعله الآن.. أن تتمسك بمواقفها وأن يركب زعماؤها رؤوسهم الفارغة من الشعور العالي بالمسؤولية حيال مصائر الناس ومستقبل البلد، غير مكترثين بالموت الجماعي المجاني للعراقيين وبالمحن المتفاقمة المتصلة التي يكابدونها.
لكن هذا أمر غير مقبول بالمرّة هذه المرة .. السيناريو الأصلي (السابق) انتهى الى كارثة وطنية شاملة.. مئات آلاف القتلى والجرحى والمعاقين والأيتام والأرامل والثكلى، ونحو مليونين من المهجّرين والمفقودين والسبايا، وعشرات مليارات الدولارات خسائر مادية، وسقوط ثلث البلد تحت سيطرة أشد منظمة إرهابية في العالم.. والحساب مفتوح!!
مع انه كانت هناك تجربة سابقة، بيد ان الطبقة السياسية المتنفذة لم تشأ أن تتعلم من تلك التجربة وأن تعتبر بعواقبها الكارثية.. رئيس مجلس الوزراء الجديد الذي أظهر عزماً قوياً على استكمال تشكيلة حكومته، لم ينجح في تحقيق وعده بسبب المواقف المتعارضة للأطراف السياسية، بل قل بسبب التضارب في المصالح الشخصية والحزبية.
أظن ان على السيد حيدر العبادي أن يتصرف من الآن فصاعداً بوصفه المعني الأول والأخير الذي لا شريك له في أمر التعيينات في الدفاع والداخلية.. انه منح الأطراف المعنية كل الوقت الكافي ثم استنفد الأوقات الإضافية، وسقط منهم كل عذر أو حجة لعدم الاتفاق على مرشحي الوزارتين.
أفضل خيارات السيد العبادي، وهو كذلك بالنسبة للدولة العراقية والشعب العراقي، أن يتولى هو بنفسه اختيار الوزيرين وتقديمهما الى مجلس النواب.. الأمر بالطبع سيتعلق بمن يختارهما العبادي، والخيار الأفضل أن يتجنب الاختيار من أيّ من القوى السياسية المتصارعة على المنصبين، بل أن يبحث عن الوزيرين خارج الطبقة السياسية كلها.
ليست الوطنية حكراً على الأحزاب والجماعات السياسية الحاكمة أو التي خارج الحكم وعلى منتسبيها، فهناك المئات من الشخصيات الوطنية حتى النخاع خارج هذه الأحزاب، ومن المؤكد ان بوسع السيد العبادي أن يجد بين هذه المئات من الشخصيات المدنية والعسكرية واحداً في الأقل يصلح لقيادة وزارة الدفاع بكفاءة ومهنية، وآخر لوزارة الداخلية.
الذين يصوّتون في الانتخابات للأحزاب والجماعات السياسية كلها يقلّ عددهم عن نصف عدد الناخبين الفعليين وعن ربع عدد الناخبين عموماً، أما الآخرون فيمكن وصفهم بالمستقلين.. هؤلاء جزء كبير من الشعب العراقي له الحق هو الآخر بالتمثيل في الحكومة.
أفضل خيارات السيد العبادي أن يختار شخصيتين مستقلتين للدفاع والداخلية ليجعل من الوزارتين مؤسستين وطنيتين عن حق، الواحدة منهما لا سنية ولا شيعية ولا عربية ولا كردية أو تركمانية أو آشورية أو كلدانية، بل عراقية فحسب.
السيد العبادي.. هذا أفضل الخيارات لك ولنا.. إمضِ نحوه، ونحن سنقف معك بكل قوة وثبات.. سندافع عن خيارك هذا وسنتصدى لمن يعوّق مسعاك من الطامعين في المناصب لأسباب مصلحية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. الناصري

    الياسري للداخليه الدكتور نوري غافل الدليمي للدفاع او الدكتور عامر شياع الجبوري ابن الضلوعيه الصامده للدفاع

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram