اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > تضرب التكنولوجيا شو بتذل

تضرب التكنولوجيا شو بتذل

نشر في: 21 أكتوبر, 2012: 06:12 م

كان لي صديق صار في ما بعد زميل عمل. نجلس على طاولتين ملتصقتين ببعض. من طبعه انه قليل التأفف وسريع البديهة. وغالبا ما يخفف من ضغط العمل "بطلعاته" التي تكون، في الأغلب، من العيار الثقيل. حتى انه يبتلي بنتائجها أحيانا. لكنه حين يقابل الكومبيوتر متصفحا الانترنت، يندمج فلا اسمع منه غير أنفاسه العالية بفعل انه مدخن عتيق. يندر أن يمر عليه يوم لا ينهمك فيه في البحث على النت. وكم من مرة يفززني وهو في خضم اندماجه صارخا: صدك التكنولوجيا تذل الإنسان! شبيها؟ هم جمدت هاي الكومبيوتر و"تنحرت"، تعال خلصني. أوكل أمري لله وأسرع لنجدته. يغضب حين اخبره أن لا حل غير أن "أرستّها"، لأنه لم يخزّن المواقع التي زارها ونسي أيضا أن "يسيّف" صفحات كان قد حررها للمجلة التي نعمل فيها. يظل صافنا بوجهي وبوجه كومبيوتره ثم يجرّ حسرة عميقة يغادر بعدها الطاولة إلى حيث لا يعلم إلا الله. لكنه حين يعود بعد ساعة تعود معه "قفشاته" وكأن شيئا لم يكن وبراءة الأطفال في عينيه.

اليوم، وأنا الذي يقال عني أني امتلك خبرة جيدة في التعامل مع التكنولوجيا خاصة الكومبيوتر، "عتورت" عليّ كومبيوتري، بعد أن كتبت أكثر من نصف العمود. يمعودة فدوة اروحلج عدلي بدلي، كولي غيرها. وتعيشون. توسلت بها فوجدت قلبها قد قدّ من حجر. لا حل إذن غير أن "أفرمتها" وأمري للواحد القهار. بحثت هنا وهناك عن قرص "للوندوز" فلم أجد له أثرا. وجانت عايزة التمت.

في تلك لحظة لاح لي وجه زميلي حين كانت كومبيوتره تحرن. انك على الحق يا صاحبي فلا ذل اشد من ذل عاجز إمام من أمره بيده، وصاحب الأمر "يتنحر" كما كنت تقول. خطر ببالي ان اتصل به لأسأله أين كان يذهب بعد أن تخذله الكومبيوتر، فتذكرت أننا "متزاعلين". ولأنني كنت في شدة حقيقية قلت والله لأكسرن الجليد واتصل به ولتشمت بي هذه الكومبيوتر الرزيلة التي هممت أن الطشها بالأرض من شدة غضبي. تناوشت الموبايل لكن المحاولة فشلت لأن الرقم الذي اتصلت به قد تغير وأصبح خارج الخدمة.

وحتى لا تأتيني رسالة من مدير التحرير تخبرني أن "العمود قد تأخر"، لم أجد غير الهاتف الالكتروني الذي بين يدي لأكتب عليه العمود. وليتكم ترون حالي وأنا اكتب على شاشة حجمها 3 بوصات، وأصف الحروف بالضغط على أزرار حجمها ربع حجم نهاية إصبعي الوحيد الذي استخدمه في الطباعة. وبالشافعات أنهيت المهمة وأنا اشتم الذي صنع الكومبيوتر دون ان يحسب حسابا لهذه التصرف "اللا إنساني". ومثل أي يائس أو غريق يتشبث بقشة تنقذه عاودت فتح كومبيوتري "المتنحرة". لا يا بنت الـ ... . اشتغلت. زين ليش ولج؟ رفعتها لأسويها بالأرض لكن حاجتي لإرسال العمود منعتني. وبينما كنت أراجع ما كتبت قبل إرساله، تحول غضبي عليها إلى عتب فسامحتها. تذكرت أن لها مواقف طيبة معي فعفوت عنها وفاء للعشرة، رغم علمي أن في بعض الوفاء مذلة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

العراق الثاني عربياً باستيراد الشاي الهندي

ريال مدريد يجدد عقد مودريتش بعد تخفيض راتبه

العثور على جرة أثرية يعود تاريخها لعصور قديمة في السليمانية

"وسط إهمال حكومي".. الأنبار تفتقر إلى المسارح الفنية

تحذيرات من ممارسة شائعة تضر بالاطفال

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

 علي حسين ما زلت أتذكر المرة الأولى التي سمعت فيها اسم فولتير.. ففي المتوسطة كان أستاذ لنا يهوى الفلسفة، يخصص جزءاً من درس اللغة العربية للحديث عن هوايته هذه ، وأتذكر أن أستاذي...
علي حسين

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (1-2)عطلة نهاية العام نقضيها عادة في بيت خوالي في بغداد. عام ١٩٥٨ كنا نسكن ملحقاً في معمل خياطة قمصان (أيرمن) في منتصف شارع النواب في الكاظمية. أسرّتنا فرشت في الحديقة في حر...
زهير الجزائري

دائماً محنة البطل

ياسين طه حافظ هذه سطور ملأى بأكثر مما تظهره.قلت اعيدها لنقرأها جميعاً مرة ثانية وربما ثالثة او اكثر. السطور لنيتشه وفي عمله الفخم "هكذا تكلم زارادشت" او هكذا تكلم زارا.لسنا معنيين الان بصفة نيتشه...
ياسين طه حافظ

آفاق علاقات إيران مع دول الجوار في عهد الرئيس الجديد مسعود پزشكیان

د. فالح الحمراني يدور نقاش حيوي في إيران، حول أولويات السياسة الخارجية للرئيس المنتخب مسعود بيزشكيان، الذي ألحق في الجولة الثانية من الانتخابات هزيمة "غير متوقعة"، بحسب بوابة "الدبلوماسية الإيرانية" على الإنترنت. والواقع أنه...
د. فالح الحمراني
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram