-2-
عند الانتقال الى العهد المظلم بعد سيطرة الانظمة القومية المتعصبة قدمنا في اكاديمية الفنون الجميلة مسرحية الشاعر الفلسطيني التقدمي معين بيسيسو (ثورة الزنج) والتي اخرجها طلبة قسم الفنون الجميلة اواسط السبعينات وتلك المسرحية قارنت بين ثورة الزنج المقهورين ضد مستعبديهم مع ثورة الفلسطينيين ضد مغتصبين ارضهم وكنا على وشك التعرض للاعتقال بحجة قيامنا بالترويج للشعوبية من خلال عرض المسرحية لولا دفاعنا بحجة ان المسرحية بالاصل تتعرض الى القضية الفلسطينية والى احتمال فقدان المزيد من مساحات الارضية الفلسطينية. وهنا نذكر ان مجموعة من الشباب قدموا مسرحية عن (القراصنة) في مسرح اكاديمية الفنون الجميلة قد تعرضت الى المحاكمة حيث اتهموا بالترويج للشعوبية ايضاً عند تلك المرحلة.
اوائل التسعينيات كانت فرقة المسرح الفني الحديث قد عرضت ثلاث مسرحيات قصيرة هي (الى اشعار اخر) و (الكفالة) و (شكراً ساعي البريد) وكلها تتعرض الى ضياع القيم النبيلة في ذلك العهد السقيم فالاولى تتحدث عن مدرس مستقيم تجده الظروف الاقتصادية الصعبة الى التحول الى وحش يأكل لحوم البشر، والثانية تتحدث عن سجين سياسي ينساه المسؤولون في التوقيف لسنوات وعندما يتذكرونه ويجدون انه لم يرتكب جرماً يطلبون منه ان يأتي بكفيل يكفله ليطلق سراحه ويطلب منهم ان يرسلوا شرطياً ليجد له ذلك الكفيل لانه بعد تلك المدة الطويلة لم يعد يعرف من سيكفله وبالفعل يذهب الشرطي الى عائلته فتنكر له خوفاً من السلطة ويذهب الشرطي الى اصدقائه فينكرون له ثم يذهب الشرطي الى خطيبته فتنكر له وهكذا يعود الشرطي خالي الوفاض مما يدعو السجين الى تفضيله البقاء في السجن بدلاً من الخروج الى مجتمع ثم تخويف افراده، وتتحدث المسرحية الثالثة عن قيام ساعي بريد بفتح رسائل المواطنين والاطلاع على ما فيها من اسرار يستغلها لابتزاز اصحابها او من ارسلت اليهم ومن تلك الرسائل واحدة وصلت من عراقي مهاجر الى خطيبته يطلب منها تزوير شهادة اعدادية يستطيع بواسطتها الحصول على عمل في بلد اجنبي وفي رسالة اخرى يطلب فيها تزوير شهادة بكالوريوس لان شهادة الاعدادية لم تكن مفيدة له، وعندما يطلع ساعي البريد ومدير مكتب البريد على سر الرسالتين يأخذان باستغلالهما وابتزاز الخطيبة ومحاولة الحصول منها على المال ومن ثم الاعتداء على شرفها.
ولابد ان اشير الى عدد المسرحيات التي قدمت بعد مرحلة الحرب العراقية الايرانية والتي تعرضت الى كوارث تلك الحرب وما تعرض العراقيون جرائها من مشاكل ومصاعب ومتاعب ومآسي. غانم حميد قدم (هذيانات الذاكرة) معتمدا على اشعار شاعر شاب وهو (عدنان الصائغ) وقدم فاضل خليل مسرحيتين للكاتب فلاح شاكر هما (في اعالي الحب) و (مائة عام من المحبة) وقدم محسن العلي للكاتب نفسه مسرحية (الجنة تفتح ابوابها متأخرة).
نعم كان مسرحنا على الدوام وما زال مناضلاً ضد السلطة الغاشمة سلطة القهر والظلم والاستبداد ومع حركات التحرر ورفض العبودية والاستغلال وفي كثير من الاحيان كان العاملون فيه يخفون نياتهم النبيلة وافكارهم التقدمية وراء اغلفة مختلفة للتخلص من سوط الرقابة وتربص السلطة. وهنا اؤكد بأن أي عرض مسرحي اذ خلا من نقد للجوانب السلبية في المجتمع أو في الحكم فانه يفقد شرعيته الفكرية والفنية ويتحول الى مجرد تسلية عابرة.
أعمال مسرحية نددت بالقهر والتسلط
[post-views]
نشر في: 22 سبتمبر, 2014: 09:01 م
يحدث الآن
مجلة بريطانية تدعو للتحرك ضد قانون الأحوال الشخصية: خطوة كبيرة الى الوراء
استشهاد مدير مستشفى دار الأمل الجامعي في بعلبك شرقي لبنان
استنفار أمني والحكومة العراقية تتحرك لتجنيب البلاد للهجمات "الإسرائيلية"
الـ"F16" تستهدف ارهابيين اثنين في وادي زغيتون بكركوك
التخطيط تحدد موعد إعلان النتائج الأولية للتعداد السكاني
الأكثر قراءة
الرأي
مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض
د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...