TOP

جريدة المدى > عام > توني موريسون.. عن الحب والفقدان والحداثة:

توني موريسون.. عن الحب والفقدان والحداثة:

نشر في: 23 سبتمبر, 2014: 09:01 م

"أثق بشيء آخر غير غرائزي وهو ذكائي في امتحان غرائزي و فحصها ومعرفة مدى قدرتها على الفعل والإنجاز"   القسم الأول   توني موريسون Toni Morrison ( اسمها الأصلي كلوي أنتوني ووفوورد Chloe Anthony Wofford) : كاتبة أمريكية ذائعة الصيت و معروفة

"أثق بشيء آخر غير غرائزي وهو ذكائي في امتحان غرائزي و فحصها ومعرفة مدى قدرتها على الفعل والإنجاز"

 

القسم الأول

 

توني موريسون Toni Morrison ( اسمها الأصلي كلوي أنتوني ووفوورد Chloe Anthony Wofford) : كاتبة أمريكية ذائعة الصيت و معروفة بكتابتها عن تجربة السود ( المرأة السوداء بخاصة ) وسط المجتمع الأسود ، و قد نالت شهرة عريضة و حصلت على جائزة نوبل للأدب عام 1993 ، كما قلّدها الرئيس الأميركي باراك أوباما مؤخراً وسام الحرية الأميركي وهو أعلى تقدير يمكن أن يحصل عليه فرد من الأميركيين من غير العسكريين ، و تعدّ من بين أعاظم الروائيين الأميركيين الأحياء .
ولدت ( توني موريسون ) في 18 شباط 1931 في مدينة لورين بمقاطعة أوهايو الأميركية و نشأت في منطقة الغرب الأوسط الأمريكي وسط عائلة تكنّ حبّاً لا حدود له لثقافة السود ، و قد شكّلت القصص المروية شفاهياً مع الأغاني و الحكايات الفلكلورية المعين الثرّ الذي نهلت منه موريسون معظم خبرتها الطفولية. حصلت ( موريسون ) على شهادة البكالوريوس في الأدب من جامعة هوارد عام 1953 ثم أعقبتها بشهادة الماجستير من جامعة كورنيل عام 1955 و مارست التعليم الجامعي في عدة جامعات أمريكية حتى انتهى بها المطاف أستاذة في جامعة برينستون الأميركية المرموقة منذ عام 1989 و حتى يومنا هذا ، كما عملت محررة للنشر في فترات مختلفة من حياتها في بعض دور النشر الأميركية و لاسيما دار نشر ( راندوم هاوس ) المعروفة .
نشرت ( موريسون ) روايتها الأولى ( العين الأكثر زرقة ) عام 1970 و فيها تحكي عن فتاة سوداء بالغة تقع ضحية فكرة هوسها بمعايير الجمال طبقاً لمواصفات المجتمع الأبيض الى حد قضت فيه حياتها و هي تتوق لامتلاك عينين زرقاوين ، ثم نشرت روايتها الثانية ( سولا ) عام 1973 و التي تناقش فيها - من بين موضوعات كثيرة - ثيمة ديناميكية الصداقة و التوقّعات الخاصة بالتوافق مع المعايير المجتمعية ، ثم ظهرت روايتها الثالثة ( أنشودة سليمان ) عام 1977 و التي تروى أحداثها على لسان راو شاب يحكي رحلة بحثه عن هويته الذاتية . و قد جعلت هذه الرواية من موريسون أسماً ذائعاً بين الأسماء الروائية في المشهد الثقافي الأمريكي ، ثم توالت أعمالها الروائية : ( المحبوب ) 1987 التي حصلت على جائزة البوليتزر للرواية ، ( جاز ) 1992 ، ( الفردوس ) 1998 ، ( حب ) 2003 ، ( شفقة ) 2008 ، ( المنزل ) 2012 ، كما نشرت موريسون بالمشاركة مع ابنها سليد Slade - الذي توفي بعمر 45 عاماً نتيجة اصابته بسرطان البنكرياس - بعضاً من الأعمال الروائية المخصصة للأطفال .
الثيمة الأساسية في روايات موريسون هي السعي الحثيث للأشخاص السود في إيجاد ملامح هويتهم على المستويين الذاتي و الثقافي وسط مجتمع تشيع فيه مظاهر اللاعدالة و اللامساواة ، و يعدّ استخدام ( توني موريسون ) للفانتازيا و الأسلوب الشعري ومزاوجة الواقع بالأجواء الأسطورية إحدى الميّزات التي تختص بها موريسون في رواياتها وهي الميّزات ذاتها التي منحت رواياتها طاقةً سردية عظيمة . 
نشر النص التالي في صحيفة ( التلغراف ) اللندنية في 17 تموز 2012 بقلم ( أريل ليف Ariel Leve ) و هو أشبه بحوار غير تقليدي مطعّم بملامح تنقيبية تلقي الضوء على أعمال موريسون و حياتها في مقاطع زمنية مختلفة.
لطفية الدليمي
ليس من شيء يخصّ توني موريسون إلا ويبدو مميّزاً : الطريقة التي تفكّر بها ، و إيقاع كلامها ، و مظهرها بل و حتى ضحكتها المجلجلة !! . إن صوت توني موريسون في حياتها كما في أعمالها لم يزل يؤكّد حضوره الملحمي الواثق و المستديم ، وعلى الرغم من أن موريسون تبدو في صورها ذات نظرة محدّقة واسعة و حضور طاغ لكنّك عندما تلتقيها شخصياً تبدو مفرطة في الاسترخاء و الدعة مع أن حضورها الطاغي لا ينفكّ دوماً يبوح بهيمنته . التقيت ( توني موريسون ) في إحدى الشقق النيويوركية و هي تتهيأ للمغادرة الى بيتها القائم على ضفة نهر يبعد نحو خمسةً و عشرين ميلاً الى الشمال من نيويورك : كانت موريسون مرتدية وشاحاً للرأس يغطي خصلات من شعرها الرمادي وبدت كما تظهر في صورها تماماً و كانت ثمة سلسلة ذهبية تتدلّى من عنقها على فستانها الأسود وتنتهي السلسلة بقلب حـُفر في أحد الأحجار الكريمة . و قد لاحظت موريسون انتباهي الى أنها كانت تتلمّس هذا القلب طيلة فترة لقائنا فما كان منها الا أن تخبرني بالأمر ، فهذا الحجر يحمل معنىً خاصّاً أثيراً لقلبها ويرتبط بحادثة وفاة ابنها ( سليد ) الذي وافاه الأجل قبل تسعة عشر شهراً من تاريخ حوارنا هذا و هو لمّا يتجاوز الخامسة و الأربعين بعد .
توني موريسون : أحد أعاظم الروائيين الأمريكيين الأحياء و هي الحائزة على نوبل للآداب عام 1993 ، الروائية التي أمست أيقونة أدبية والتي عرف عنها أنها احتفلت بعد سماعها بخبر نيلها جائزة نوبل بالرقص داخل أروقة مكتبها ،،، هذه المرأة – الروائية – الأيقونة أراها اليوم جالسة أمامي كلبوة ملكية وقد ثبّتت قدميها برسوخ على الأرضية المرمرية و كانت تحدّق مباشرة في عينيَّ طيلة الوقت الذي تحاورنا فيه . كتبت موريسون عشر روايات و حصلت على عدد من أكثر الجوائز الأدبية أهميةً في العالم ، فقد نالت روايتها ( محبوبة Beloved ) على جائزة البوليتزر وعدّتها صحيفة النيويورك تايمز العمل الأفضل بين الروايات الأمريكية للأعوام الخمس و العشرين المنصرمة ، كما حصلت روايتها الأخرى ( أنشودة سليمان Song of Solomon ) عام 1977 على جائزة حلقة نقّاد الكتاب الوطني ، و كانت الرواية الأولى لـ ( موريسون ) المعنونة ( العين الأكثر زرقة The Bluest Eye ) قد نشرت عام 1970 عندما كانت في التاسعة و الثلاثين من عمرها و تعمل محرّرة في دار نشر ( راندوم هاوس Random House ) و لأن نجاحها الأدبي قد حلّ متأخراً بعض الشيء ،يحقّ لنا أن نتساءل : متى بدأت موريسون تثق بأن غرائزها تقودها الى النجاح ؟ 
تقول موريسون و هي تدقّق في جوابها:
" أثق بشيء آخر غير غرائزي و ذاك هو ذكائي في امتحان غرائزي و فحصها و معرفة مدى قدرتها على الفعل و الإنجاز " .
تزوّجت موريسون عام 1958 من المعماري هارولد موريسون - الذي أخذت عنه اسمها المتداول اليوم – عندما كان الاثنان يدرسان في جامعة هوارد في واشنطن العاصمة ، و عندما انفصلا عام 1964 كانت موريسون حاملاً ، و بعد طلاقهما النهائي وجدت نفسها متروكة لوحدها و يتوجّب عليها العناية بطفلين صغيرين : ( هارولد ) و ( سليد ) . حصلت موريسون بعد طلاقها على الماجستير من جامعة كورنيل و صارت أمّاً عزباء تعمل محرّرة للمقرّرات الدراسية في دار نشر ( راندوم هاوس ) و لم تتزوج موريسون ثانية ، تعلّق موريسون على تلك الفترة من حياتها بالقول " لا أظنّ أنني عملت بأفضل ماكان باستطاعتي عمله بل اكتفيت بأداء ماكان مطلوباً أداءه و حسب كما كانت ستفعل أية أمّ أمريكية عاملة" ، ويبدو لي هنا أن موريسون قد جانبت الحقيقة في قولها هذا إذ ليست كل الأمّهات العاملات الأميركيّات ينهضن في الرابعة فجراً من كل يوم و يشرعن في الكتابة ثم ينصرفن الى أعمالهنّ اليومية المعتادة وقد أضحت هذه العادة تقليداً يومياً تحرص عليه موريسون منذ تلك السنوات و حتى اليوم.
 يتبع

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

جلسة "القوانين الجدلية" تحت مطرقة الاتحادية.. نواب "غاضبون": لم يكن هناك تصويت!

القانونية النيابية تكشف عن الفئات غير مشمولة بتعديل قانون العفو العام

نيمار يطلب الرحيل عن الهلال السعودي

إنهاء تكليف رئيس هيئة الكمارك (وثيقة)

الخنجر: سنعيد نازحي جرف الصخر والعوجة

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

موسيقى الاحد: 14 رسالة عن الموسيقى العربية

تصورات مغلوطة في علم السرد غير الطبيعي

حينَ تَشْتَبِكُ الأقاويلُ

رواء الجصاني: مركز الجواهري في براغ تأسس بفضل الكثير من محبي الشاعر

ملعون دوستويفسكي.. رواية مغمورة في الواقع الأفغاني

مقالات ذات صلة

علم القصة - الذكاء السردي
عام

علم القصة - الذكاء السردي

آنغوس فليتشرترجمة: لطفيّة الدليميالقسم الثاني (الأخير)منطق الفلاسفةظهر الفلاسفة منذ أكثر من خمسة آلاف عام في كلّ أنحاء العالم. ظهروا في سومر الرافدينية، وخلال حكم السلالة الخامسة في مصر الفرعونية، وفي بلاد الهند إبان العصر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram