TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > اقرأوا بيانات وزارة الدفاع ولا تتعجّبوا

اقرأوا بيانات وزارة الدفاع ولا تتعجّبوا

نشر في: 23 سبتمبر, 2014: 09:01 م

ما أن ننتهي من قراءة رواية جميلة ومؤثرة، حتى نتساءل من أين استمد الكاتب موضوعه؟ لسنوات كنت أعتقد أن رواية الطاعون لألبير كامو تنتمي إلى نوع من روايات الخيال العلمي، مجرد حكاية عن عالم مفترض راح المؤلف ينفخ فيها بأسلوبه ومخيلته أحداثاً وشخصيات وحكايات مفزعة عن اللحظة التي يقرر فيها الوباء محاصرة الناس.
الآن اكتشفتُ وأنا أقرأ مفكرة ألبير كامو التي ترجمت للعربية مؤخرا في ثلاثة أجزاء، أن صاحب أسطورة سيزيف كان يدرك أن"الشر ينشأ في العالم عن الجهل واللامبالاة والافتقار إلى الفهم الذي يتوهم أصحابه بأنهم يعرفون كل شيء، ومن ثم يدّعون لأنفسهم الحق في قتل الآخرين"
بالأمس كانت أخبار الطاعون العراقي على الصفحات الأولى من معظم صحف العالم، تتوسطها صورة مؤلمة ومهينة لعشرات من الجنود العراقيين وقعوا في قبضة عصابات داعش.. طبعاً لم ينسَ القائمون على نشر أخبار الطاعون هذه أن يتعطّفوا علينا فينشروا نص البيان الذي أصدرته وزارة الدفاع العراقية، وفيه تحذر داعش بالويل والثبور وعظائم الأمور لو أنه تجرَّأ وقرر المساس بحياة الجنود.
أرجو من جنابك ألاّ تسخر من سذاجتي وتقول"يا رجل "هذه ليست المرة الأولى التي تهدد فيها وزارة الدفاع، عصابات الإرهاب. والنتيجة مئات من الضحايا ومعهم مئات من الأمهات الثكلى.
أكثر من ألف عراقي خاضوا حرب الحياة في كارثة سبايكر ، لم يجدوا حتى اللحظة الفاصلة بين الموت والحياة أي مسؤول يقف منتظرا عسى ان يتم إنقاذهم، لكنّ الساسة والمسؤولين ذهبوا صوب البرلمان يبثون ويحتجون وينددون، فيما عوائل الضحايا لاتزال تنتظر مَن يُجيب على سؤال محيّر: لماذا نعجز عن مواجهة طاعون داعش؟
ربما سنجد الجواب مخبّأً في لعبة الكلمات المتقاطعة التي تمارسها معنا وزارة الدفاع، ففي يوم الإثنين الماضي أكدت أنها تواصل تطهير المناطق التي دنّسها الإرهابيون في السجر والصقلاوية، وأن طاقماً من أبطال سلاح طيران الجيش أمَّن وصول جميع المقاتلين إلى مواقعهم بسلام".
ولم تنتهِ الأفراح والليالي الملاح بهذا البيان البطولي، حتى أصدرت لنا الوزارة"نفسها"في مساء اليوم ذاته بياناً تقول فيه: إن الاتصال فُقـِد ببعض جنودنا أثناء عمليات التقدم والمناورة ممن جرح أو أُصيب أثناء العمليات".
هل تريد أن نواصل القراءة في رواية الطاعون.. أتمنى عليك ألّا تتهمني بالتكرار وأنني أعود بك كل مرة إلى رواية"المرحوم"كامو، لا ياسيدي فالرواية العراقية برغم سوداويتها لا تخلو من المتعة.. اقرأ آخر الأخبار وستجد أن السيد حيدر العبادي غادر في وقت متأخر من الليل إلى نيويورك لحضور اجتماعات مجلس الأمن الدولي.. لم ينتهِ الخبر عند هذا الحد ففي صباح اليوم نفسه سافر السيد فؤاد معصوم إلى نيويورك أيضا.. ستقول لي وما الغريب في الأمر؟ وأقول لك: وماذا عن الجنود الأسرى الذي يتمّ الاستعراض بهم في شوارع الفلوجة، وسط سمع وبصر الحكومة بكل أجهزتها الأمنية وجنرالاتها؟ هل تعرف أن عدد الذين يحملون رتبة فريق ركن تجاوز المئة بدءاً من قاسم عطا وليس انتهاءً بصباح الفتلاوي، وأن عدد الذين يضعون رتبة لواء في قواتنا الأمنية يتجاوز عدد الجنرالات في أقوى قوتين عسكريتين في العالم، أميركا التي لا تملك سوى أربعين عسكرياً برتبة فريق، والصين بلد المليار ونصف المليار لا يتجاوز عدد جنرالاتها برتبة لواء 200 جنرال، وأن الذين يحملون رتبة فريق في جيش بكين الأحمر يعدون على الأصابع؟
تركتْ حرب المناجل في رواندا 800 ألف قتيل، لاتزال ذكراهم تحاصر المستر كلينتون، لأنه لم يتدخل لوقف المجازر، فيما مئات الالاف في حرب المفخخات والطوائف في العراق لم يجدوا من يذرف عليهم الدموع سوى وزيرة خارجية راوندا التي قالت باكية: إن ما يشهده العراق فاق ما شهدته راوندا من مجازر.
ياسيدتي الطاعون في أرض الرافدين، لم يكن منجلا يحصد الأرواح فقط، وإنما هو،إضافة إلى ذلك، فشل وانتهازية ولصوصية واستعراضات سياسية!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 3

  1. بغداد

    حكومة الدمار الشامل ؟!!! مرتزقة لقطاء جمعتهم الاستخبارات الامريكية من المنافي ودربتهم على كل انواع الدجل والكذب والخداع وان يغسلوا وجوههم ببول الخسيس خليل زادة والصهيوني السفاح قائد فرق الموت جون نيغروبونتي واللص المحترف مدمر البنى التحتية للدولة العراقية

  2. ابو سجاد

    ان طاعوننا ليس طاعون كامو وليس له شبه باي طاعون اصاب عباد الله كونه ليس له مصلا وسيقضي علينا دون رحمة وحتى مصائبنا ليس لها شبه بين مصائب العالم انها غريبة ومحيرة ويعجز امامها العقل لفك الغازها

  3. monsun

    صباح الخير اعتقد ان وزارة الدفاع والداخلية متخمة بالفاسدين ولن ينفع معها اختيار وزراء ممن ينتسبون الى الاحزاب بل ان اختيار شخصية ذات هيبة ومعروفة بنزاهتها ووطنيتها فالقيادات العسكرية الحالية فقدت هيبتها واصبح من الصعب عليها ان تقود وحدات الجيش اذا لم يكن

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

ثقافة إعاقة الحرية والديمقراطية عربيا

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram