على الرغم من قصر أمد حياة الرسام الهولندي فنسنت فان كوخ المحصورة بين عامي 1853 – 1890 إلا أن الحديث عن حياته الشخصية وأعماله الفنية يتطلب سبر أغوار هذا المبدع الذي تجلى الإبداع في مختلف رسوماته الفنية .رسم فان كوخ في مراحل مختلفة من حياته القصي
على الرغم من قصر أمد حياة الرسام الهولندي فنسنت فان كوخ المحصورة بين عامي 1853 – 1890 إلا أن الحديث عن حياته الشخصية وأعماله الفنية يتطلب سبر أغوار هذا المبدع الذي تجلى الإبداع في مختلف رسوماته الفنية .
رسم فان كوخ في مراحل مختلفة من حياته القصيرة لوحات متميزة منها ( زهرة عباد الشمس , جيومان , غربان فوق حقل القمح , أكلة البطاطس ) التي تعتبر اول لوحة زيتية له عبر فيها عن نفسه وكانت لوحاته عبارة عن قصة قصيرة لحياة رجل عاش على الأرض .
نشأ فان كوخ في أسرة عريقة تمتهن تجارة بيع الصور في جميع أنحاء أوروبا , فأعمامه يمتلكون محال ضخمة لبيع التحف الفنية في بروكسل وامستردام وباريس وبرلين ولاهاي .
وعلى الرغم من ان أباه كان واعظا دينيا فهو الوحيد من بين الاخوة الستة الذي لم يحظ بأهمية لذلك فان اول عمل زاوله فنسنت هو بيع الصور الفنية في معرض جوبلز في لندن الذي يملكه احد أعمامه .حاول فنسنت في بداية حياته ان يصبح مبشرا دينيا الا انه فشل في ذلك وتخبط في حياته فترة من الزمن قرر بعدها ان يسافر الى باريس باحثا عن مكانه الصحيح في هذا العالم .
استطاع فان كوخ طيلة بقائه في باريس ان يستفيد من معالم الثورة الفنية التي حدثت آنذاك وان يعكف على دراسة أعمال كبار الفنانين أمثال ديجا ومانية ومونية كما استطاع ان يعرف مكانته بين معاصريه من الفنانين على الرغم من الأخطاء التي وقع فيها والتي كادت ان تنهيه كرسام مبدع الا وهي محاولة تقليد أعمال الفنانين الآخرين فبدت لوحاته نسخا فظة لما يرسمه سيرا ولوتريك وجوجان .
وبغض النظر عن الفشل الذي واجهه فان كوخ مرات عديدة وخاصة في حياته العاطفية الا انه احس حقا بمرارة الفشل عندما يقارن أعماله وأعمال غيره من الفنانين الكبار الذين شاهد لوحاتهم في باريس مثل لوحات الفنان ( ديجا ) التي كانت تفيض بالضوء والهواء وتتدفق بالحيوية ولمسات فرشاة ( مونيه ) الجريئة التي كانت كل لمسة فيها تنسجم مع ايقاعات الطبيعة ثم رسومات ( مانيه ) التي تذكره بمؤلفات اميل زولا وبين رسوماته من جهة اخرى والتي تنطق بالكآبة والموت , فادرك انه يرسم وكأنه يعيش في زمن غابر.
إلا أن باريس سرعان ما صقلت موهبته واصبح له أسلوبه الخاص في التعبير مما زاد الثقة في عمله واستطاع كذلك ان يمحو مرارة الفشل الذي شعر به مسبقا حيث بذل حينها جهودا مضنية وقدم كل ما يملك من طاقات فكرية وجسدية في سبيل فنه للوصول به الى اعلى مراتب الكمال .
ورغم ذلك فقد تعرض فان كوخ في حياته الى معوقات كثيرة جدا معظمها مالية انعكس اثرها على صحته الجسدية والنفسية وبالتالي على عمله كفنان حيث أصيب بالجنون الجزئي أقام على اثره رسميا في مصحة عقلية في سانت ريمي , فادرك ان الرسم كعمل انفق في سبيله جهودا كبيرة طيلة ما يقارب التسع سنوات لم يقده الا لمكان كهذا مجبرا على الإقامة فيه رسميا.