TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > ذهب عجلون بين الواقع والخيال

ذهب عجلون بين الواقع والخيال

نشر في: 28 سبتمبر, 2014: 09:01 م

ابتداءً، فإن كل ما يصدر عن الحكومة لا يحظى بقبول من المواطنين، المُعتادين على عدم صدقيتها، لانقصد حكومة الدكتور عبد الله النسور وحدها، فهي ليست أكثر من امتداد لحكومات حكمتنا بعد اغتيال وصفي، بالتمويه على الحقائق واختراع الأكاذيب التي لا تستدعي غير الملل والسخرية، وعليه فإن كل ما أعلنته حكومة النسور حول عملية الحفر في خربة هرقليا، وما يشاع عن استخراج كنوز أثرية، وكميات من الذهب تقدر قيمتها بالمليارات، لا يستدعي من المواطن العادي التوقف عندها ولو لحظة للتأمل، لمعرفته المؤكدة أن الحكومة "صاحبة الولاية" ليست كذلك، وأنها ليست أكثر من إدارة محلية للهيًن والسهل من الأمور، وأن كل ما تتنافخ به من شرف معرفة ما يدور في الوطن، ليس أكثر من لغو فارغ لايحظى بالصدقية ولا بالثقة.
وإذا كان ما يصدر عن الحكومة غير قابل للتصديق ويظل محل شك، فإن ما يصدر عن بعض معارضيها يقع في الباب ذاته، ومن ذلك التصريح الصادر عن اللجنة الوطنية العليا للمتقاعدين العسكريين، إزاء ما يجري تداوله بين الأردنيين حول قضية "كنز عجلون"، وهو تصريح يزعم توضيح الحقيقة، فيقول إن العملية كانت دون علم الحكومة الأردنية وأجهزتها, وأن جميع التصريحات التي صدرت هي تمويه للحقيقة، ولا يعلم أي مسؤول من مطلقي هذه التصريحات ماهية ما حدث، وأنها تمت بمعرفة وتخطيط عدد محدود جداً من أصحاب القرار وجهات أجنبية، وأن مجموعة من الآليات دخلت من إسرائيل، وقامت بأعمال الحفر بحماية الدرك والشرطة، الذين لم يكونوا على دراية بما يجري ، وكل هذا الكلام ألقي على عواهنه دون تقديم دليل مادي واحد يؤكد كل هذه الاتهامات.
يخلُص المتقاعدون العسكريون إلى أن ما جرى يعتبر استباحة للأراضي الأردنية لم تحدث في تاريخ المملكة، وأننا إمام حكومة ومسؤولين لا هم لهم إلا البقاء على كراسي الحكم لأطول مدة ممكنة, ويطالبون رئيس الوزراء بعقد مؤتمر صحفي حول هذا الموضوع، يبين الحقيقية الغائبة، أو أن يستقيل لأن التاريخ لن يرحمه، وإلى هنا فان المتقاعدين يلهثون وراء معلومة غير مؤكدة، وتهم غائمة لا تُسمي المتهم بالوقوف وراء عملية البحث عن الدفائن والمتاجرة بها، وإن كانت أصابع الاتهام جميعاً تتجه إلى رأس الدولة، وقبل هذا الحدث كانت الاتهامات توجه للأمير حسن حين كان ولياً للعهد، أما اليوم وبعد فقدان الرجل لموقعه ونفوذه فقد حل مكانه كمتهم ابن أخيه دون أن يجرؤ أحد على تسميته، كونه الملك ولأن مجرد اتهامه يعتبر مساساً بالذات الملكية يحاسب عليه القانون.
وإذا كان المواطنون لا يصدقون حكومتهم، التي تخبطت وتناقضت تصريحاتها حول الموضوع ما استدعى تحرك لجنة نيابية لمعاينة موقع الحفر، دون التوصل لنتيجة، فهم على أتم الاستعداد لتصديق غيرها وإن كان الأمر في إطار الإشاعة، وهم لذلك حملوا فؤوسهم وتوجهوا إلى الموقع للتنقيب عن الحقيقة الغائبة بين الحكومة ومعارضيها، ويظل أن ذهب عجلون وكنوزها الأثرية تأخذ من اهتمام المواطنين أكثر بكثير من مشاركة الأردن بالحرب ضد إرهاب داعش.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

العمود الثامن: مطاردة "حرية التعبير"!!

العمود الثامن: عاد نجم الجبوري .. استبعد نجم الجبوري !!

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

العراق إلى أين ؟؟

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

 علي حسين في السبعينيات سحرنا صوت مطرب ضرير اسمه الشيخ امام يغني قصائد شاعر العامية المصري احمد فؤاد نجم ولازالت هذه الاغاني تشكل جزءا من الذاكرة الوطنية للمثقفين العرب، كما أنها تعد وثيقة...
علي حسين

زيارة البابا لتركيا: مكاسب أردوغان السياسية وفرص العراق الضائعة

سعد سلوم بدأ البابا ليو الرابع عشر أول رحلة خارجية له منذ انتخابه بزيارة تركيا، في خطوة رمزية ودبلوماسية تهدف إلى تعزيز الحوار بين المسلمين والمسيحيين، وتعزيز التعاون مع الطوائف المسيحية المختلفة. جاءت الزيارة...
سعد سلّوم

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

احمد حسن تجربة الحكم في العراق ما بعد عام 2003 صارت تتكشف يوميا مأساة انتقال نموذج مؤسسات الدولة التي كانت تتغذى على فكرة العمومية والتشاركية ومركزية الخدمات إلى كيان سياسي هزيل وضيف يتماهى مع...
احمد حسن

الموسيقى والغناء… ذاكرة الشعوب وصوت تطوّرها

عصام الياسري تُعدّ الموسيقى واحدة من أقدم اللغات التي ابتكرها الإنسان للتعبير عن ذاته وعن الجماعة التي ينتمي إليها. فمنذ فجر التاريخ، كانت الإيقاعات الأولى تصاحب طقوس الحياة: في العمل، في الاحتفالات، في الحروب،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram