أيتها الفتاة هل تقبلين ان تكوني الزوجة الثانية؟
هذا السؤال ، كان بداية لفكرة هذا التحقيق الذي ابدأه بالحديث عن زميلين عزيزين لي .
الأول ... هو شخص اعرفه منذ نحو عشرين عاما ، رجل مؤدب جدا ، يحترم عائلته جدا جدا ، مثابر في عمله ، ومجد في نشاطه ، له من الأولاد ثلاثة ومن البنات واحدة ، بعد أحداث العام 2003 تسنم هذا الرجل منصبا مهما في احدى الوزارات ، حينها انقلبت حالته رأسا على عقب ، فما الذي حدث له ؟
ستعرفون الجواب بعد متابعة القراءة.
الثاني ... شخص اعرفه منذ نحو ثلاثين عاما ، له من الأولاد سبعة ومن البنات خمس ، شخص متدين لكنه يحب الحياة ، يعمل لتوفير لقمة العيش لعائلته الكبيرة هذه ، لكنه بعد أحداث العام 2003 تغيرت حال هذا الرجل ، فما الذي حدث له ؟ ستعرفون ذلك الآن .

أقول إن الشخص الأول وحينما تسنم منصبا مهما في عمله لم يعد يرضى عن زوجته ربة بيت ، وهو يريد الخروج مع امرأة تفهم الإتيكيت خلال حضوره المناسبات التي يدعى اليها ، لذا لم يكن أمام زميلي هذا إلا أن يتزوج من امرأة ثانية ( عصرية ) كما قال لي .

أما الشخص الثاني الذي له من الأولاد والبنات 12 شخصا والذين لم يستطع توفير لقمة العيش بكرامة لهم، لذا بحث عن امرأة غنية ليتزوجها زواجا ( مصلحيا ) بل ماديا لتصرف عليه وعلى أولاده .

إذن ... تحقيقنا اليوم عن الزوجة الثانية في حياة الرجل ، هل هذا الزواج ناجح ؟ ام انه نزوة سرعان ما تؤدي الى الفشل بعد انتهاء فترتها؟

تعالوا نلتقي بالمعنيين لنتعرف على حقيقة زواج الرجل بامرأة ثانية . 

في البدء لابد من الاعتراف بان الزواج من امرأة ثانية واحد من القضايا التي تثار يومياً في مجتمعنا ، وتتباين الآراء حول هذا الأمر بين الرفص والقبول ، فالبعض يرى أنها مسألة شرعية لاغبار عليها وان الإسلام أجاز للرجل ان يتزوج بأكثر من امرأة .والبعض الاخر يرفض ذلك ولديه أسباب مقنعة كما يقول .

حديث المتزوجين

يقول الحاج (أبو احمد) صاحب مكتب صيرفة : ان قضية تعدد الزوجات طبيعية ومسألة شرعيه وانا تزوجت من ثلاث نساء والحمد لله انا أحاول دائماً ان أكون عادلاً في تقسيم الوقت وإعطاء الحقوق الكاملة من ناحية المصروف اليومي والواجبات الأخرى.

*لكن ..... لماذا تزوجت ثانية وثالثة ؟

يبتسم الحاج أبو احمد ليقول ...ان زواجي الثاني بسبب ان زوجتي الأولى لم تنجب لي الولد وخلال فترة طويلة من فترة زواجنا اما الثالثة فتزوجتها من اجل زيادة عدد أولادي وهذا ما أوصاني به والدي.

في حين اكد سعدون مالك (موظف) ان هناك بعض الدوافع عند الإنسان تدعوه الى الزواج بأكثر من امرأة ومن بينها ان زوجته الأولى قد تكون مريضة ولا تستطيع العمل في داخل البيت وهنا يكون الأمر اعتياديا فيتزوج الرجل بأخرى او ان بعض الأزواج يفضلون ان تكون لهم اكثر من زوجة لإنجاب عدد اكبر من الأبناء الذي يرفعون اسمه وسط القبيلة. 

أي أن البعض لديه القدرة المالية فيبادر الى الزواج مرة أخرى كما ان لديه الوقت الكافي كي يتناسب مع زوجاته وليس العكس كما يحصل معي حيث ان عملي يحتم عليّ البقاء في الدائرة من الساعة الثامنة صباحاً والى الساعة الرابعة عصرا أي أن كل وقتي أقضيه في الدوام واصل الى البيت منهكا فكيف أتزوج بامرأة أخرى والأولى والأطفال لا اصل اليهم إلا قليلاً بحكم طبيعة عملي.

أما قاسم صادق فيقول .... نعم تزوجت بزوجة ثانية لرغبتي في الزواج بعد ما أخذت موافقة الزوجة الأولى وانا افكر بالزواج بالثالثة في الوقت الحالي واشجع الرجال على الزواج بأكثر من امرأة وهذا ليس بالشيء الحرام إنما الدين الإسلامي أباح لنا ذلك وهو امر طبيعي وان كانت هناك بعض المشاكل بين الزوجة الأولى والثانية فأنا دائما أحاول ألا تكون هناك مشكلة وارضي الطرفين.

ويختلف عصام خلدون (صاحب مطعم) مع تعدد الزوجات فيقول ... مع زوجة واحدة أكون سعيداً وقادراً على تلبية ما تحتاجه هي وأطفالي ، وهذا افضل من زوجتين ربما لا اقوى على معيشتهم وحينها تتحول الحياة الى جحيم . ويوضح : صحيح انً الزواج بامرأة ثانية امر حلال لكن راحتي النفسية تكمن مع زوجة واحدة فقط بدون أية مشاكل وعلى العكس اذا تعددت الزوجات يكون الأمر معقدا بينهما وبين الأولاد في حياتي وبعد مماتي ايضا !!

وقبل ان نتحدث مع النساء بشأن موضوعنا هذا لنتعرف على رأي القانون والدين والشرع بهذا الأمر .

الناحية القانونية

أوضح القانوني في جامعة بغداد ( زيد باسل محمد) انه في حالة أراد الرجل بالزواج بامرأة ثانية لابد ان تكون لديه المقدرة المادية على ذلك كأن يكون لدية عقار او رصيد في البنك او لديه أموال عينية حتى يعطى موافقة من المحكمة لغرض الزواج وهذا يعتبر ضمان لحق المرأة كذلك لابد ان تستحصل موافقة الزوجة الأولى على امر الزواج من خلال إرسال ورقة تبليغ بالزواج وفي حالة لم يبادر الزوج بالذهاب الى المحاكم لغرض إعطاء مستمسك او دليل يؤيد بأن لديه ملكا او عقارا قبل الزواج الثاني فيمكن ان يحضر دليله بعد الزواج وكذلك ان يحضر الزوجة الأولى لأخذ موافقتها واذا لم يفعل ذلك عندها يحاكم بتهمة المخالفة ولكن لايدخل السجن انما يخرج بكفالة.

وأضاف : في الوقت الحالي تشهد المحاكم حالات كثيرة من المشاكل الناتجة عن تعدد الزوجات وسببها هو الرجل الذي لم يعدل بين زوجاته وتبقى المشاكل مستمرة في حياة الرجل وكذلك بعد وفاته كونه لم يقم بتقسيم الورث بشكل عادل إنما قد ينحاز لإحدى زوجاته ولا يرضي الأخرى.

حسنا تعالوا نتعرف الآن على رأي الشريعة في مسألة تعدد الزوجات .

الشريعة الإسلامية

يبين الشيخ شامل سالم ... ان تعدد الزوجات كان قبل الإسلام مباحا بشكل تام ويحق للرجل ان يتزوج كيفما يشاء . ولكن عندما جاء الإسلام وضع شروطا ومن ضمها ان لا يتعدى الأربع زوجات كما جاء في قوله تعالى(وان خفتم الا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة او ما ملكت أيمانكم ) صدق الله العلي العظيم.

وواضح كما ترون في الآية القرآنية تماما انه يجوز للرجل بالزواج لكن مع شروط وهي ان يكون عادلا أمام الله سبحانه وتعالى في معاملة زوجاته وان يكون قادرا ماديا وصحيا ولا يميل الى واحدة ويترك البقية مهما كانت الأسباب والدوافع .

ويؤكد الشيخ شامل ان على الرجل ان يقسم الوقت بشكل صحيح بين الزوجات وحسب عمله لضمان الحقوق للجميع ، مشيرا الى ان الدين الإسلامي أوصى بحسن المعاملة والأخذ بعين الاعتبار مراعاة خصوصية المرأة والوقوف معها في مرضها والتقرب اكثر منها كي تشعر بأن لها زوج مهتم بها وهذا تكليف شرعي لابد ان يؤديه وكذلك فأن المرأة مكلفة هي الأخرى بأن تقوم بتقديم ما يحتاجه الرجل في البيت وتربية أبنائه والمحافظة على أسراره وشرفه .اي ان حتى الكلام الطيب مع الزوجة يدخل في المسائل الشرعية كونه يؤثر على العلاقة الزوجية.

الزواج بأكثـر من امرأة يطيل العمر

لكن قبل ان نلتقي ببعض الفتيات للحديث عن آرائهن بهذه القضية دعوني أحدثكم عن هذه المعلومة التي ربما ستزيد من اندفاع الرجال للزواج من امرأة ثانية ... تقول المعلومة ان باحثين في جامعة شفيلد البريطانية توصلوا الى ان الزواج من أكثر من امرأة يطيل العمر وذلك بعد اكتشافهم فوائد الزواج من امرأتين في الوقت نفسه، والاطلاع علي إحصاءات أعدتها منظمة الصحة العالمية حول البلدان التي تسمح بتعدد الزوجات والنتائج الايجابية لذلك ومنها أن عمر الزوج الذي يقترن بأخرى يزداد أكثر من غيره بنسبة 12 في المائة.

وذكرت صحيفة الدايلي مايل أن الدراسة أشارت إلي أن الرجل الذي يتزوج بأكثر من امرأة وتكون لديه عائلة كبيرة يحظى برعاية أفضل خلال مرحلة الكهولة ويعيش لفترة أطول. وقال الاختصاصي في تطور علم النفس (لانس ووركمان) من جامعة باث سبا البريطانية "إذا كانت لديك أكثر من زوجة فقد يعتنين بك وتعيش لفترة أطول"، مشيراً إلى فوائد الزواج لأننا نعرف أنه حتى الرجل الذي يقترن بامرأة واحدة يعيش لفترة أطول من العازب. وأضاف ووركمان "إذا نظرت إلي المجتمعات التي تسمح بتعدد الزوجات ترى الرجال يتنافسون بقوة مع الرجال الآخرين لأن ضغوطات الحياة التي يواجهونها أكبر، مشيراً إلى أن المرأة تبحث عن الرجل الأكبر حجما والأكثر قوة وحكمة."

لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل تقبل فتيات اليوم الاقتران برجل سبق له الزواج..؟! معظمهن رفضن ذلك بشدة، مؤكدات ان الشرع احل للرجل الزواج بأربع لكن لضرورة شرعية او حسب ظروف خارجة عن الارادة. الفتيات وصفن فكرة ان تصبح الواحدة منهن الزوجة الثانية بأنها خروج عن المألوف في تفضيل بعض الفتيات جحيم العنوسة على جنة الاقتران برجل متزوج.

مرة أخرى يبقى السؤال ماثلا: «أيتها الفتاة هل تقبلين ان تكوني الزوجة الثانية..؟» 

لنقرأ الإجابات ...

لا عودة لعهد الجواري

(نهى علي) طالبة جامعية ضحكت كثيرا من السؤال وقالت: كرر من فضلك ما قلته الآن: فقلت لها: «هل تقبلين ان تكوني الزوجة الثانية؟..»، نهى تمادت في الضحك قبل ان تؤكد انها لا يمكن ان تقبل ذلك ابدا، فالزوجة الثانية من مخلفات الزمن القديم، وتعدد الزوجات يعيد الى الأذهان عهد الجواري ، مضيفة : لا يمكن ان تتوافرالحياة الزوجية اذا جمع الرجل بين زوجتين وستحدث مشاحنات بينهما فكل فتاة تريد ان تستحوذ على قلب ومشاعر الزوج. واوضحت انها تطمح الى ان يكون زوجها ملكها وحدها. 

(سميرة احمد) موظفة استغربت الفكرة وزاد استغرابها عندما أخبرتها ان العديد من الفتيات يقبلن بهذا الأمر، وقالت سميرة «لا اعتقد ان هناك امرأة طبيعية تقبل على نفسها ان تشارك اخرى في زوجها، لا سيما اذا كانت تحب زوجها، مضيفة ان المرأة التي ترضى بزواج زوجها لا بد انها تشكو من علة اما نفسية او جسمانية». وعن نفسها ترى استحالة الحياة بهذه الطريقة الازدواجية فالزوج والزوجة خلقا ليكونا معا والمرأة الاخرى هي مجرد دخيلة على الحياة الزوجية ولا يمكن باي حال ان تقبل امرأة حساسة وعاشقة لشريك عمرها هذا المبدأ المغلوط الا اذا كانت هناك ظروف ملحة.

لكن (حنان هاشم) ربة بيت عمرها 35 عاما ترى أن أمر الزوجة الثانية أفضل من العنوسة، وقالت: لو تم تخييري بين أن أكون الزوجة الثانية أو الثالثة وحتى الرابعة، أو أن أبقى «عانساً» فإنني سأفضل الفكرة الأولى بالطبع، لأننا لو فكرنا بكل عقل وتأمل لوجدنا أنه حتى لو كنت الزوجة الثانية فستكون لدي أسرة وأطفال الذين هم زينة الحياة، وإذا بقيت عانساً فالحال ستكون مؤلمة، وفي نهاية الأمر الله سبحانه هو الذي شرع تعدد الزوجات .

نعم أقبل الزواج برجل متزوج

ووافقتها الرأي (نسرين تحسين) مؤيدة لأن تكون زوجة ثانية، مضيفة أن الفتاة إذا تقدم لها رجل صالح وخشيت أن يفوتها قطار الزواج فعليها الموافقة دون تردد على من يتقدم لها حتى وإن كانت عنده زوجة أو أكثر، فهذا هو الحل الوحيد لحفظها، ولكي يكون لها أطفال مثل باقي النساء تفرح بهم وتربيهم وان يكون لها بيت تعتني به وتديره، فمهما كانت الراحة في بيت الأب فإنها لا تقارن بحياة الزوجة في بيت زوجها، وأنا أعرف رجالا كثيرين لديهم زوجتان وثلاث وحياتهم سعيدة في ظل تحقيق العدل والمساواة.

إذن ... بعد كل هذه الآراء نقول : صحيح ان الإسلام أباح للرجل ان يتزوج مثنى وثلاث ورباع ، لكن لذلك شروط منها اولا تحقيق العدالة ، وهذا لم يتوفر مع العديد من النساء اللائي التقيت بهن ، وثانيا يجب ان يكون الاقتران بالزوجة الثانية لسبب مقنع ،فقد تكون الزوجة الأولى لا تنجب او قد تكون مريضة وهنا يحق للرجل ان يتزوج الثانية لكن ان يطلب الزواج بامرأة ثانية لأنه تسنم منصبا مهما وصار يخجل من زوجته الأولى فهذا لعمري منتهى الإجحاف بحق الزوجة الأولى التي وقفت الى جانبه إبان المعاناة والآلام ، وتبقى طبعا المسألة نسبية بين هذا الرأي او ذاك ، فبعض الرجال يدعون بان زواجهم بامرأة ثانية هو إنقاذ للمرأة من عنوستها حيث تشير الإحصائيات الى أرقام مهولة بعدد عوانس العراق .

وربما لنا موضوع آخر عن أسباب العنوسة ، ولماذا تفضل المرأة البقاء عانسا ولا تتنازل عن بعض حقوقها الزوجية ؟