TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > تريد العامري خُـذ العيساوي إذاً!

تريد العامري خُـذ العيساوي إذاً!

نشر في: 28 سبتمبر, 2014: 09:01 م

أعتذر لكم، عن العودة إلى مسألة تجارب الأمم، وما تفرضه هذه التجارب من المقارنات، وما تمنحه لأصحابها من أحقيّة في الشهادة على التاريخ، وكلما حدث حادث ذو طبيعة تاريخية، يعود الكاتب إلى قراءاته أو مشاهداته.
لماذا العودة الى تجارب سنغافورة والبرازيل وماليزيا وألمانيا ، وفي ذاكرتنا تتكدس تجارب قاسية مرَّ بها بلدنا العراق؟ لماذا العودة الى دروس التاريخ، والحاضر أمامنا يراوح مكانه والمستقبل مجهول الملامح؟
منذ عقود ومع مجيء ملهمي الامة العربية الذين احتلوا أوطانهم عبر شعار " القائد الضرورة " مرَّت على العالم أنظمة حكم عــدة، ويطول المجال لذكر أسماء كثيرة تركت السلطة وهي في أوج ازدهارها ، انهارت نظريات وبرزت نظريات جديدة ، باستثناء أنظمتنا الفولاذية التي ظلت ترفع شعار " باقٍ وأعمارُ الشعبِ قصار ".
في تجارب الشعوب التي طالما أعود إليها أجد في نموذج البرازيل مثالا للبلاد التي استطاعت بفضل ساستها أن تحقق انعطافاً مهماً في تاريخها.
دارسو الحالة البرازيلية يعــدُّون انتخاب الرئيس "لولا دا سليفا" عام 2002 شكّل انتقالة مهمة في حياة البلاد، وخاصة عندما أطلق في مطلع عام 2003 برنامجه الشهير "الجوع صفر" أي "القضاء على الجوع" الذي ربط فيه بين تقديم مساعدات مالية للأسر الفقيرة وبين دخول أبنائها إلى المدارس.
ظلّ "لولا" في الحكم حتى عام 2010 عندها شعر أهالي البرازيل بنوع من الخيبة لأن الدستور لا يسمح لـ"رئيسهم المحبوب" بالبقاء رئيساً للبرازيل لدورة ثالثة .
قدم صورة أخرى للزعامات في العالم، فبينما يلقي بعض الساسة الخطب الرنانة عن الاعداء الذين يختبئون خلف الابواب ، أعطى لشعبه، ازدهاراً لم يعرفه من قبل.. لم يكذب عليهم ولم يركب على أكتافهم ، وبينما يصرُّ البعض على الاستمرار في السلطة حتى النفس الأخير، مشى "لولا " حتى اليوم الأخير من حكمه مؤمناً بالدستور رافضاً أن يُغيـِّره لصالحه فيبقى رئيساً مثلما يتمنى معظم أهالي البرازيل.
استطاع بفضل نزاهته وحكمته وإصراره على إشاعة روح العدالة الاجتماعية أن يُحدث اكبر التحولات السياسية والاقتصادية في العالم، وحين يطمئن إلى أن كل شيء يسير في الطريق الصحيح نفض يديه من السلطة وقرر أن لا ولاية ثالثة حتى وإن كان السبب في إنقاذ الملايين من العوز وحوَّل بلادهم إلى فردوس على الأرض.
أما نحن مساكين هذه البلاد فقد توهمنا أن التغيير سيجعل الحرية حقاً والأمان مسؤولية ، والاستقامة منهجاً ، فإذا نحن أمام ساسة حولوا الحق إلى ضلالة ، والمسؤولية إلى جحيم يكتوي بنارها معظم العراقيين.
كنت أتمنى لو سأل السياسي العراقي نفسه : ما الذي تحقق أثناء توليه منصب وزير او رئيس للوزراء ، او مارس الإدمان على منصب نائب رئيس مجلس الوزراء مثل صالح المطلك ؟ هل يعيش العراقيون اليوم جميعا متساوين بالحقوق والواجبات؟ هل شعار ساستنا حكومة الكفاءة أولا؟ وهل بنينا دولة مدنية لا تميز بين المواطنين؟
في دولة البحث عن وزير للدفاع وللداخلية ، لا يهم ان تصبح مثل دون كيشوت ترمي السهم أينما تشاء، فحيث يصيب السهم هناك الأعداء، الكل أعداء، اليوم يريد لنا البعض ان "ننبطح" أمامه صاغرين ، حين يرفع شعار لا بديل عن العامري إلا العامري نفسه ، ولا حياة لوزارة الدفاع من دون " خبرات " رافع العيساوي!
كانت الناس تأمل أن تعيش في ظل ساسة يكونون مزيجاً من الطموح والصدق وشجاعة الحلم والسعي لبناء الوطن، فوجدوا أنفسهم مع سياسيين غارقين في الطائفية واستجداء السلطة وابتزاز كل مَن يختلف معهم !

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 5

  1. أبو سعد

    انها ثقافه عرفيه ياسيدي مثل مارثون لعبة البريد في تنصيب هوشي منه(العامري) 9

  2. ابو سجاد

    ماهو حلك يااستاذ علي هذا هو الواقع العراقي هل نبقى نصرخ ونكتب ام هناك حل اخر لم نجربه بعد

  3. ابو سجاد

    ماهو حلك يااستاذ علي هذا هو الواقع العراقي هل نبقى نصرخ ونكتب ام هناك حل اخر لم نجربه بعد

  4. محمد سعيد العضب

    الاخ الكاتب الكريم تحاول دائما عبر اطروحاتكم الاستفزازيه ايقاظ ضمائر ساسه العراق الجدد, لكن هيهات ,ولا , والف لا ...وللابد لن تنال هذا المطلب او الامنيه , لان الضمير غاب عن جميع ساستنا الكرام , وبقي عندهم فقط الجاه والمال , العنجهيه ,الكلا

  5. محمد سعيد العضب

    الاخ الكاتب الكريم تحاول دائما عبر اطروحاتكم الاستفزازيه ايقاظ ضمائر ساسه العراق الجدد, لكن هيهات ,ولا , والف لا ...وللابد لن تنال هذا المطلب او الامنيه , لان الضمير غاب عن جميع ساستنا الكرام , وبقي عندهم فقط الجاه والمال , العنجهيه ,الكلا

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

ثقافة إعاقة الحرية والديمقراطية عربيا

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram