اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > "ميكافيلي" على انغام "منصورة يا بغداد

"ميكافيلي" على انغام "منصورة يا بغداد

نشر في: 29 سبتمبر, 2014: 09:01 م

تقتضي منّا هذه المهنة التي أُطلق عليها أيام ازدهارها " مهنة المتاعب " بأن يتفرغ العاملون فيها الى متابعة ما يجري حولهم كل يوم ، فلا مكان وسط معلقات المالكي ولزوميات جمال البطيخ ، وبنيوية عالية نصيف ، للحديث عن سحر ماركيز ، وأناقة العبارة عند صاحب البخلاء.
في كل صباح أحاول أن أبحث عن موضوع لا يسخر منه القارئ ، فيرمي الصحيفة جانبا ، لاعناً اليوم الذي قرر فيه أن يشتري جريدة.
ماذا أفعل إذاً ؟ رضا الناس غاية لا تُدرك ، وكنت منذ أن بدأت كتابة هذه الزاوية اليومية أضع أمامي محنة عمّنا أبي الطيّب المتنبي :
أُرِيكَ الرّضَى لوْ أخفَتِ النفسُ خافِيا وَمَا أنَا عنْ نَفسي وَلا عنكَ رَاضِيَا
وكنت كلما أمسك بمفاتيح الكيبورد، أتذكر الدرس الذي يلقيه علينا المؤرخ الأميركي هوارد زن :" لا تنسَ أبداً أنك مواطن، لا تدعهم يكذبون ويصنعون منك شماعة لفشلهم، شاغب عندما يكون ذلك ضروريا، وتمسك بحلمك بقوة، فهو طريقك الوحيد لكي ننجو من الغرق في رمال الكذب"!
تعلِّمنا الكتابة اليومية أن أفضل شيء يقوم به الكاتب هو تذكير الناس مرة ومرتين وثلاثا بما يجري حولهم، ولهذا تجدنا نكرر الأسئلة نفسها بين الحين والآخر، ولا شيء يتغير سوى إجابات ناطقي الداخلية والدفاع ، وهي بيانات لم تعد صالحة للاستخدام البشري، لا رهان على قوى سياسية تتناحر من أجل المناصب والمغانم، ولا انتصار لمن يتوهم استعادة قوته بالتحالف مع الجماعات المسلحة، ولا شيء سوى الانسجام مع الفوضى والخراب.
سنوات والعنوان في صحفنا الرسمية وشبه الرسمية هو واحد لا يتغيّر "نجاح الخطة الأمنية"، فليحيا الغراوي وكمبر إذاً.. نائب رئيس الجمهورية نوري المالكي يذرف الدموع من بابل وعلى انغام موسيقى "منصورة يا بغداد" على الحال المزرية التي يعيشها العراقيون ويطالبهم بالتمسك بالحكومة حتى وإن اختلف " سيادته " معهم ! أما كيف ؟ ومن يقف وراء التظاهرات التي ستنطلق اليوم فهذه أسئلة لا مكان لطرحها الآن ، ونحن نخوض معركة الدفاع عن كراسيّ السلطة ، لا معركة الدفاع عن استقرار البلد وأمنه ومستقبله.
ولهذا سأُعيد نفس السؤال الذي طرحته أكثر من مرة في هذا المكان: أليس من حق العراقيين أن يخرج عليهم " فخامة " نائب رئيس الجمهورية ليقول لنا: كيف انتصرت بغداد ومتى؟
يكتب ميكافيلي: "في سبيل تحقيق أغراضه ومصالحه على السياسي أن يكون مراوغا، " وعليه أيضا، وهذا مهم في نظر صاحب كتاب الأمير " تعلّم فن الكذب " ألم يخبرنا جمال البطيخ في 9/5/2014
" أن الولاية الثالثة استحقاق وطني للمالكي ولا سبيل للتراجع عن هذا الاستحقاق " ، لا حاجة لي إلى أن أقول لكم إن البطيخ نفسه خرج علينا قبل يومين في برنامج الزميل عدنان الطائي ليقول إن " المالكي لم يكن يصغي لأحد ويتخذ القرارات بمفرده ،وإن هذا الأمر كان سبباً في الفوضى الأمنية " ولا حاجة بكم لأن تذكّروني بأن البطيخ نفسه كان يكيل قصائد المديح في سنوات مضت لإياد علاوي ،ثم اكتشف متأخرا أن علاوي سبب مشاكل العراق ، سيقولون لك ليس في السياسة أخلاق، ولكن ياسيدي فيها قواعد وقبل القواعد ضمير ، الذي أطلق عليه ديغول " المسؤولية الوطنية " تلك التي جعلت بطل تحرير باريس يقبل بخيار الشعب ويقرر أن ينفي نفسه إلى قرية في الجنوب كي يكون بعيدا عن مجرى الأحداث، هناك يكتب في مقدمة مذكراته “لاشيء أهم من فرنسا مستقرة“، كان لا يملك أكثر من أن يمازح الفلاحين حول محاصيلهم، ويجلس ليسطّر، مذكراته التي افتتحها بعبارة " الأمل ببلاد أكثر تطوراً وازدهاراً وعافية "
ها قد عدتُ للكتب ثانيةً ، ولكن ماذا أفعل يا سيدي والأخبار تأتيك بما لا يسرّ ، ولا يُرضي الضمير الوطني.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. بغداد

    ايها الكاتب الفاضل حماك الله اسإل الله ان يكثر من أمثالك انت تكتب الدرر وانصح ان تجمع جميع مقالاتك التي تعتبر مدرسة أخلاقية راقية في كتاب ويتم نشرها ويجب على كل عراقي ان يتصفح ويقرأ كل حرف كتبته انك معلم أخلاقي كبير وقليل من أمثالك في زمن الظلام ايها الظم

  2. مصطفى العبوسي

    لقد اسمعت لو ناديت حيا ولكن لاحياة لمن تنادي المشكله ليست فقط بالسياسيين بل بجهل الشعب الذي لايعرف حقوقه وبالخص حقوقه لدى السياسيين الذين انتخبهم

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

الأحوال الشخصية.. 100 عام إلى الوراء

وظيفة القرن: مدير أعمال الشهرة والانتشار

العمودالثامن: يا طرطرا.."!

العمودالثامن: ماذا يريدون ؟

مقترح تعديل قانون الأحوال الشخصية العراقي.. في المنطق القانوني

العمودالثامن: درس تشرين ودرس بنغلاديش

 علي حسين ما هو الفارق بين ما جرى في تشرين عام 2019 في بغداد والمحافظات.. وما جرى في البلاد الفقيرة بنغلاديش خلال الأيام الماضية؟ في العراق جرى قتل أكثر من 700 شاب.. وجرح...
علي حسين

متى تتكلم الأغلبية الصامتة؟ وماذا بعد قانون الأحوال الشخصية؟

د.غادة العاملي يثار جدل واسع حول تعديل قانون الاحوال الشخصية وخطورة التداعيات الاجتماعية التي تسبب بها، ويبدو من السجالات والمناظرات والندوات التي ترافق النقاشات المرتبطة بقانون الاحوال الشخصية، ان حزمة قوانين اخرى تنتظر التمرير...
د.غادة العاملي

عشر أفكار حول تطييف قانون الأحوال الشخصية

علي المدن لا أحد يعلم على وجه الدقة انطباعات العراقيين حول مقترح تطييف قانون أحوالهم الشخصية، وأنا شخصيا لم أقرأ حتى الآن أي أستطلاع للرأي العام حول هذا الموضوع المعقد، وعليه؛ ستبقى مسألة مقاومتهم...
علي المدن

في مواكبة الـ (المدى)..

لاهاي عبد الحسين يوافق الاحتفال بالذكرى الحادية والعشرين لانطلاق "المدى" كمشروع ثقافي واعلامي وطني مسؤول مع الضجة التي أحدثها تقديم مشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية المرقم 188 لسنة 1959 في مجلس النواب العراقي. هذا...
لاهاي عبد الحسين
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram