TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > كفاح كاتبة

كفاح كاتبة

نشر في: 29 سبتمبر, 2014: 09:01 م

الكتّاب، نساء ورجالاً، شخصيات مكافحة، وهناك من يعتقد أن كون المرء كاتباً هو أسهل المهن على الإطلاق: لا يحتاج المرء سوى قليل من الورق الأبيض وقلم صالح للعمل وبضع أفكار يعتقدها مهمة.
لو كان هذا صحيحاً لأصبح كل الناس كتّاباً.
عدا أن الكتابة، في حد ذاتها مهمة ثقيلة ومسؤولية جسيمة، فهي تورث الكاتب آلاما فسلجية مثل أي عمل شاق جسدياً.
ثمة أهوال تكسر ظهر الأحوال، أحوال الكتاب في عموم العالم، وأكثرهم أولئك المنخرطون في مشقة جعل العالم أقل وحشة ووحشية.
لكن ثمة كفاح غير منظور، إلا ما ظهر في تجربة إبداعية، روائية مثلاً، وكما جاء في حديث الكاتبة النيجيرية بوتشي إميتشيتا التي جاء كفاحها متشعباً وعلى أكثر من جبهة: أولاً، كامرأة، وثانياً، كأم، وثالثة، كسوداء، ورابعة، ككاتبة، وخامساً كمهاجرة!
في روايتها (مواطنة من الدرجة الثانية) تكشف إميتشيتا جانباً من تلك الأهوال التي كابدتها من خلال الشخصية الرئيسة (أدا) التي تشبه خالقتها، فهما شخصيتان بلا قيمة في مجتمعات التمييز العنصري، خلال حقبة الستينات، لأنهما امرأتان وسوداوان.
حدث ذلك حتى في مجتمع أفريقي، حيث ولدت الكاتبة، ففي ثقافة (الآيبو) – كما تقول – تعتبر المرأة أقل أهمية من الرجل بكثير، لأنها لا تتمتع بالخيارات نفسها.
كانت (أدا) تحلم بالهجرة إلى المملكة المتحدة، فردوس الفقراء الحالمين، ويسميها أبوها (مملكة الرب) ولها هي كانت الأرض الموعودة.
تقول عن روايتها: "ما زلت أفضل الجزء الأول من الرواية وله موقع أثير في نفسي، ذلك الجزء المتعلق بـ (مملكة الرب) ولكنني عندما وصلت لندن فكرت: آه، يا إلهي! إنها ليست انكلترا التي حلمت بها. أعتقد أنني لو كنت المسيح لعبرت انكلترا ولن أتخلى عن سعادتي الفردية، لأن انكلترا كانت باردة، رطبة، تعج بالقاذورات.. كل شيء كان قذراً. كان ذلك الجزء من الرواية قطعة من قلبي".
أما اللحظة النقدية التي شكلت المنعطف الحاسم في حياتها فهي عندما رفض زوجها قراءة روايتها الأولى، ولم يكتف بذلك بل أحرقها! لكنها أصرت على التمسك بخيارها في أهمية أن تستمر في الكتابة، مفضلة العيش بلا هذا الزوج وبقيت تكتب لتعيل نفسها وطفليها من زوج يحتقر الزوجة الكاتبة.
تضيف: "كنت أمضي أغلب وقتي في المطبخ الذي كان، لحسن الحظ، واسعاً، حيث آلتي الكاتبة قريبة مني جداً. ما زلت أكتب لكن نتاجي ازداد عندما أصبح أطفالي شباناً".
الثيمات الأساس في كتابتها هي العبودية والأمومة وحرية المرأة التي لا يمكن تحقيقها إلا باستقلال النساء.
حصلت على جوائز بريطانية عدة، وبعد نجاحها ككاتبة زارت الكثير من الجامعات الشهيرة في الولايات المتحدة وبريطانيا وألقت فيها الكثير من المحاضرات حول تجربتها في الكتابة وكفاح النساء من أجل الحرية والمساواة، خصوصاً النساء السوداوات.
ولدت إميتشيتا في الحادي والعشرين من تموز (يوليو) عام 1944 في لاغوس (نيجيريا). تزوجت في السادسة عشرة من عمرها وتركت الدراسة. لها أكثر من عشرين رواية من ضمنها (مواطنة من الدرجة الثانية، ومنها (أفراح الأمومة) و (ثمن العروس) . ذهب زوجها إلى لندن للدراسة ثم التحقت به عام 1962 بحراً مع طفليها، قبل أن تنجب ثلاثة أطفال آخرين.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

«الإطار» يطالب بانسحاب السوداني والمالكي.. وخطة قريبة لـ«دمج الحشد»

تراجع معدلات الانتحار في ذي قار بنسبة 27% خلال عام 2025

عراقيان يفوزان ضمن أفضل مئة فنان كاريكاتير في العالم

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

بغداد تصغي للكريسمس… الفن مساحة مشتركة للفرح

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram