الكتّاب، نساء ورجالاً، شخصيات مكافحة، وهناك من يعتقد أن كون المرء كاتباً هو أسهل المهن على الإطلاق: لا يحتاج المرء سوى قليل من الورق الأبيض وقلم صالح للعمل وبضع أفكار يعتقدها مهمة.
لو كان هذا صحيحاً لأصبح كل الناس كتّاباً.
عدا أن الكتابة، في حد ذاتها مهمة ثقيلة ومسؤولية جسيمة، فهي تورث الكاتب آلاما فسلجية مثل أي عمل شاق جسدياً.
ثمة أهوال تكسر ظهر الأحوال، أحوال الكتاب في عموم العالم، وأكثرهم أولئك المنخرطون في مشقة جعل العالم أقل وحشة ووحشية.
لكن ثمة كفاح غير منظور، إلا ما ظهر في تجربة إبداعية، روائية مثلاً، وكما جاء في حديث الكاتبة النيجيرية بوتشي إميتشيتا التي جاء كفاحها متشعباً وعلى أكثر من جبهة: أولاً، كامرأة، وثانياً، كأم، وثالثة، كسوداء، ورابعة، ككاتبة، وخامساً كمهاجرة!
في روايتها (مواطنة من الدرجة الثانية) تكشف إميتشيتا جانباً من تلك الأهوال التي كابدتها من خلال الشخصية الرئيسة (أدا) التي تشبه خالقتها، فهما شخصيتان بلا قيمة في مجتمعات التمييز العنصري، خلال حقبة الستينات، لأنهما امرأتان وسوداوان.
حدث ذلك حتى في مجتمع أفريقي، حيث ولدت الكاتبة، ففي ثقافة (الآيبو) – كما تقول – تعتبر المرأة أقل أهمية من الرجل بكثير، لأنها لا تتمتع بالخيارات نفسها.
كانت (أدا) تحلم بالهجرة إلى المملكة المتحدة، فردوس الفقراء الحالمين، ويسميها أبوها (مملكة الرب) ولها هي كانت الأرض الموعودة.
تقول عن روايتها: "ما زلت أفضل الجزء الأول من الرواية وله موقع أثير في نفسي، ذلك الجزء المتعلق بـ (مملكة الرب) ولكنني عندما وصلت لندن فكرت: آه، يا إلهي! إنها ليست انكلترا التي حلمت بها. أعتقد أنني لو كنت المسيح لعبرت انكلترا ولن أتخلى عن سعادتي الفردية، لأن انكلترا كانت باردة، رطبة، تعج بالقاذورات.. كل شيء كان قذراً. كان ذلك الجزء من الرواية قطعة من قلبي".
أما اللحظة النقدية التي شكلت المنعطف الحاسم في حياتها فهي عندما رفض زوجها قراءة روايتها الأولى، ولم يكتف بذلك بل أحرقها! لكنها أصرت على التمسك بخيارها في أهمية أن تستمر في الكتابة، مفضلة العيش بلا هذا الزوج وبقيت تكتب لتعيل نفسها وطفليها من زوج يحتقر الزوجة الكاتبة.
تضيف: "كنت أمضي أغلب وقتي في المطبخ الذي كان، لحسن الحظ، واسعاً، حيث آلتي الكاتبة قريبة مني جداً. ما زلت أكتب لكن نتاجي ازداد عندما أصبح أطفالي شباناً".
الثيمات الأساس في كتابتها هي العبودية والأمومة وحرية المرأة التي لا يمكن تحقيقها إلا باستقلال النساء.
حصلت على جوائز بريطانية عدة، وبعد نجاحها ككاتبة زارت الكثير من الجامعات الشهيرة في الولايات المتحدة وبريطانيا وألقت فيها الكثير من المحاضرات حول تجربتها في الكتابة وكفاح النساء من أجل الحرية والمساواة، خصوصاً النساء السوداوات.
ولدت إميتشيتا في الحادي والعشرين من تموز (يوليو) عام 1944 في لاغوس (نيجيريا). تزوجت في السادسة عشرة من عمرها وتركت الدراسة. لها أكثر من عشرين رواية من ضمنها (مواطنة من الدرجة الثانية، ومنها (أفراح الأمومة) و (ثمن العروس) . ذهب زوجها إلى لندن للدراسة ثم التحقت به عام 1962 بحراً مع طفليها، قبل أن تنجب ثلاثة أطفال آخرين.
كفاح كاتبة
[post-views]
نشر في: 29 سبتمبر, 2014: 09:01 م