وقال الخبير الاقتصادي مظهر محمد صالح في حديث لـ"المدى"، ان "قانون الاستثمار وما يتضمنه من إعفاءات جمركية خاصة بمشاريع بناء الاسواق التجارية والمولات ساهم في زيادة الطلب على رخص بناءها الى درجة كبيرة جدا".

واضاف ان "النزعة نحو الاستهلاك السريع للبضائع والسلع المستوردة التي اتسع نطاقها بعد عام 2003 اضافة الى القدرة الشرائية الكبيرة للفرد العراقي دفع المستثمرين الى الاتجاه نحو المشاريع الربحية دون غيرها لسهولة إنشاءها وتكلفتها المتوسطة قياسا بمشاريع اخرى".

وأوضح ان "هذه النوعية من المشاريع لا توفر سوق إنتاجية وطنية تساهم في زيادة الناتج المحلي بل على العكس تعتبر استثمارات اقتصادية لا تولد قيم مضافة للاقتصاد الوطني وذلك بسبب ارتكاز تجارتها على البضائع المستوردة من الخارج".

وبين ان "إنشاء معارض او أسواق تجارية كبرى لعرض لوازم الحركة الإنتاجية والتي تتمثل بمكائن ومعامل ومواد أساسية في إنشاء بنى تحتية للصناعة الوطنية المتهالكة افضل من جلب البضائع وبيعها بصورة مباشرة دون فائدة اقتصادية تذكر".

واكد ان "الحكومة تفتقد لخطط اقتصادية رصينة تراعي الأولويات الضرورية التي يحتاجها البلد مثل السكن ومشاريع الماء والصرف الصحي وإعادة إحياء الصناعة الوطنية بشكل سريع ، وانما اعتمدت المشاريع الاستهلاكية السريعة كالمولات التجارية غير المنتجة اقتصاديا".

ويحاول العراق منذ سنوات جذب رؤوس الأموال الأجنبية لتطوير اقتصاده في مجالات الصناعة خاصة النفطية منها والإسكان واستخراج النفط والغاز، وذلك لحاجته من الأموال اللازمة لتطوير البنى التحتية والإعمار، إلا أن مراقبين يؤكدون ان عدم اهتمام الدولة بالقطاع الخاص وخلو قوانين الاستثمار فيه من ضمانات كبيرة للمستثمرين وغياب قوانين أخرى ما زالت عقبات أمام تطور الاقتصاد بالشكل المطلوب. بدوره قال الخبير الاقتصادي عباس البهادلي في حديث لـ"المدى"، ان "المشاريع الاستثمارية الربحية لا تعتبر مشاريع مهمة في الوقت الحاضر بقدر مشاريع البنى التحتية التي تفتقر لها البلاد منذ سنوات طويلة".

وأضاف ان "عدم وضع خطة استثمارية موحدة من قبل الحكومة الاتحادية تراعي فيها عناصر الجذب الاقتصادي لكل محافظة ساهم في إهمال المشاريع الضرورية والإقبال على مشاريع لا تغني الاقتصاد العراقي بل وتساهم في هدر الأموال المخصصة لقطاعات اخرى". 

وأوضح ان "منح الإجازات الاستثمارية لبناء مولات تجارية في مختلف المحافظات لا تعني وجود حركة اقتصادية واستثمارية صحيحة وذلك لعدم قدرتها على تحريك عجلة الإنتاج الفعلي الذي يقصده أي مشروع محلي او استثماري".

وبين ان "تفضيل المشاريع الربحية السريعة وزيادة أعدادها بشكل غير طبيعي لا يخدم الحركة الاقتصادية المحلية رغم ما تحتويه هذه المشاريع من ايجابيات اهمها تشغيل عدد محدود من الأيدي العاملة وتقديم سلع معروفة المنشأ ذات قيمة صناعية جيدة".

واكد ان "انفتاح المؤسسات الحكومية وخاصة هيئة الاستثمار على بناء مشاريع حيوية مثل مشروع بسماية الخاص بالسكن وغيرها من الاستثمارات الكبيرة تعتبر خطوات مؤثرة في تنمية الاقتصاد الوطني ومساعدته على تجاوز الأزمات المتراكمة التي يعاني منها منذ سنوات مضت". 

وتوقعت وكالة التنمية الامريكية، في (3 كانون الاول 2012) أن يتصدر الاقتصاد العراقي الدول العربية خلال خمسة سنوات، مؤكدة أن العراق يمتلك جميع المؤهلات لأن يكون دولة قوية اقتصاديا.

ويعتمد العراق الذي يملك رابع أكبر احتياطيات نفطية في العالم على 95 بالمائة من موازنته السنوية على صادراته النفطية وينتج حاليا نحو مليونين و900 ألف برميل يوميا، فيما يصدر بحدود مليونين و200 ألف برميل يوميا. وأعلنت هيئة استثمار بغداد، في وقت سابق ، عن منح 50 إجازة لبناء مراكز تجارية كبيرة وصغيرة، مبينة أن قيمة تلك الإجازات تصل إلى خمسة مليارات دولار، فيما أشارت الى توقف العمل في مول الحارثية وسط بغداد ، بعد انسحاب الشركة التركية المشرفة على المشروع.

وقال رئيس الهيئة، شاكر الزاملي، في حديث إلى "المدى برس"، إن "المراكز التجارية من القطاعات التي أخذت حيزاً مهماً في النشاط الاستثماري، مما يعطي لمسة جمالية للعاصمة بغداد، وتلبية حاجة المواطنين في مجالي التسوق والترفيه"، مشيراً إلى أن "الهيئة منحت 20 إجازة لبناء مراكز تجارية كبيرة (مولات)، قيمتها قرابة الثلاثة مليارات دولار، فضلاً عن 30 إجازة أخرى لمركز تجارية صغيرة (عمارة تجارية)، قيمتها نحو ملياري دولار".

وأضاف الزاملي، أن "العمل بتلك المراكز يسير بنحو جيد وعلى وفق الجدول الزمني المحدد، باستثناء مول الحارثية، المتوقف حالياُ بسبب مغادرة الشركة التركية المنفذة له"، مبيناً أن هنالك "جهوداً لإقناع تلك الشركة بالعودة للعمل خلال الأيام القليلة المقبلة". 

وأوضح مدير هيئة استثمار بغداد، أن من "المراكز التجارية الكبيرة المتقدمة في العمل، مول النخلة، الواقع في منطقة شارع فلسطين، شرقي بغداد، حيث وصلت نسب الإنجاز فيه لنحو 95 بالمئة"، لافتاً إلى أن "افتتاحه ينتظر وصول مجموعة من الشركات العالمية التي حجزت مواقعها فيه كي تباشر بتجهيزها".

وأكد الزاملي ان "عدداً من المراكز التجارية التي منحت رخصة استثمار لا تزال تنتظر، إما تخصيص الأرض أو منح موافقة التصاميم من قبل أمانة بغداد، مشيرا الى أن "هنالك مناشدات كثيرة من قبل هيئة الاستثمار لأمانة بغداد من اجل الإسراع في إعطاء موافقات التصاميم الأساسية لتلك المشاريع".

وتابع الزاملي أن "هنالك تأخيراً حقيقياً بالرغم من الوعود التي تقدمت بها الأمانة، بأنه سيكون هنالك عمل مضاعف من اجل الإسراع في اطلاق التصاميم خاصة في مجال الفنادق والمراكز التجارية".

يذكر أن هيئة استثمار بغداد، كشفت في (الـ12 من ايلول 2014 الحالي)، عن منحها 13 إجازة لبناء فنادق في العاصمة وصلت كلفها إلى قرابة ملياري دولار، لتكون إضافة نوعية للعاصمة، معلنة عن قرب افتتاح فندق بابل بعد إعادة تأهيله على وفق أحدث المواصفات العالمية.