ما أقسى اللّحظات المريرة وهي تنسل من ذاكرة أم تقيم في دار للعجزة، وهي الحياة التي اختارها الأبناء أو الأقارب لبعض المسنين الذين هم في أمس الحاجة إليهم. قصص مؤلمة لأمهات لم تشفع لهن سنوات التعب والشقاء الطويلة للراحة أيامَ الشيخوخة في فراش دافئ بين ال
ما أقسى اللّحظات المريرة وهي تنسل من ذاكرة أم تقيم في دار للعجزة، وهي الحياة التي اختارها الأبناء أو الأقارب لبعض المسنين الذين هم في أمس الحاجة إليهم. قصص مؤلمة لأمهات لم تشفع لهن سنوات التعب والشقاء الطويلة للراحة أيامَ الشيخوخة في فراش دافئ بين الأحفاد، بل يتم الإلقاء بهن غريبات رهن الإهانة والمرض، قصص سمعتها "المدى" أثناء تجوالها في أكثر من دار للمسنين.
تقول فاطمة صالح التي تقيم في إحدى هذه الدور "لديّ خمسة اولاد أحدهم مفقود بحرب 2003 ولا اعرف عنه شيئا، ودخلت هذه الدار لأن ابني الذي اعيش معه كان يسبب المشاكل ويتناول الكحول ويقوم بضربي ورمي أغراضي في الشارع وكنت حين يطردني اذهب للمبيت في مرقد الامام موسى الكاظم (عليه السلام) وحكيت قصتي لأحد رجال الدين في المرقد وأتى بي الى دار المسنين وقال لي سيعاملونكِ أفضل من ابنك العاق وفعلا انا منذ خمسة عشر عاما اعيش في هذه الدار افضل من ضرب واهانة ابني الذي طردني من بيتي كطرد الكلب الضال".
مع الفئران والحشرات
أما الحاجة ام علاء فقد اشترطت عدم ذكر اسم الدار خوفا من ولدها العاق ووعدناها بذلك فسردت لنا حكاياتها والدموع لا تجف من عينيها فقالت "انا من عائلة غنية جدا وكنت بوجود زوجي رحمه الله مدللة ولكن بعد وفاته ومنذ اربع عشرة سنة اصبت بمرض السُكَّر، ثم أُصبتُ بِغرْغرينا في ساقي حتى قرَّر الأطباء أن تُقطع ساقي، فلما خرجتُ مع ولدي الوحيد الذي بقي لي من الحياة بعد استشهاد ابني الكبير والذي كان حنونا جدا اخذني إلى البيت، وعشت عنده أيام لا تتجاوز التسعة، لم تتحملني زوجته، حتى وصل به الحال أن رماني في المخزن الخلفي للبيت لكي أنام مع الخادمة التي يعطيها راتبا من ميراثي".
وتضيف الحاجة ام علاء "والله لقد كنتُ أنام مع الفئران والحشرات، مرَّت الأيام فلم أتحمَّل، طلبتُ منه أن يُغير لي هذا الحال، فكان يصرخ بوجهي: لا يوجد عندي أفضل منه، حتى عطفتْ عليَّ جارتي أم عدنان فأخذتني وجعلتْ لي غرفة في بيتها، وعشت معها عدة أسابيع كانت حنونة هي وبناتها وزوجات اولادها، حتى بدأ ابني يُهدِّدهم ويسبب لهم المشاكل خوفاً على سُمعته وفضيحته من أهل المنطقة وأخرجني من عندهم وهو يقول لي: سأضعك في مكان أفضل، كنت اظن سيأخذني لشقة قد أستأجرها لكنني وجدتُ نفسي في دار المسنين لا اقول سوى حسبي الله ونعم الوكيل."
أهل الفن
الفنانة الرائدة أمل طه من سكنة دار المسنين في دار الرشاد تركتها عائلتها وهي التي صرفت عليهم المال في وقت الخير والقحط والجوع، القيت عليها التحية وسألتها عن زوارها فقالت بعينين مدمعتين "لا احد إن أخواتي الست انقطعن عني، وقد زارني ابن إحداهن، ولكن شقيقي يزورني باستمرار. أما أصدقائي فجميعهم يزورونني، منهم الفنان محمد حسين عبد الرحيم وعزيز كريم وإحسان دعدوش وخلف ضيدان واخرون".
وتضيف "انا احزن على نفسي حين أتذكر كم صرفت على اهلي واخواتي المال من راتبي وانا كان راتبي بالملايين في المسرحيات الجماهيرية ولكن بعد ان اقعدني المرض أصبحت منبوذة من قبلهن".
وتختتم حديثها "استسلمت لقدري ورضيت به وأما وعود المسؤولين فمع الاسف هواء في شبك وهم يعملون لأنفسهم الدعاية بالحضور الي وينصبون كاميرات مكاتبهم الإعلامية والفوتوغرافية وأنا اعرف ان بعد موتي سيشعرون بالذنب على ذلك".
مَا أقسى اللّحظات المريرة وهي تنسل من ذاكرة أم تقيم في دار للعجزة، وهي الحياة التي أختارها الأبناء أوالأقارب لبعض المسنين الذين هم في أمس الحاجة إليهم تجولت في أكثر من دار للمسنين وسمعنا قصص أمهات لم تجف دموعهن بعد .
السيدة فاطمة صالح : عندي خمسة اولاد بينهم ولدين أحدهما مفقود بحرب 2003 لا اعرف عنه شيئا "دخلت الدار لان ابني كان يسبب المشاكل لانه يتناول الكحول ويقوم بضربي ورمي أغراضي في الشارع ويقول اذهبي وكنت حين يطردني اذهب للمبيت في مرقد الامام موسى الكاظم (عليه السلام) وحكيت قصتي لأحد رجال الدين في المرقد وأتى بي الى دار المسنين وقال لي سيعاملونكِ أفضل من ابنك العاق وفعلا انا منذ خمسة عشر عاما اعيش في هذه الدار افضل من ضرب واهانة ابني الذي طردني من بيتي كطرد الكلب الضال.