في لقاء معه على مائدة إفطار في رمضان الفائت، كشف محافظ بغداد علي محسن التميمي عن انه كان قد قدّم الى الحكومة (السابقة) مشروعاً متكاملاً و"فعالاً" لحفظ الأمن في العاصمة وتعزيزه، بيد انه جوبه بالرفض لأسباب ليست واضحة له وغير مفهومة منه.
المشروع، كما تحدث عنه السيد التميمي بإيجاز، يستند الى التعويل على منجزات التكنولوجيا الحديثة في الرقابة والرصد والمتابعة والملاحقة للإرهابيين وسواهم من الخارجين على القانون. وهذا نظام سائد في معظم الدول المتطورة التي تنشر في شوارع مدنها وساحاتها الكاميرات وأجهزة الكشف الأخرى الالكترونية لضمان عدم إفلات مرتكبي الجرائم، أياً كان نوعها، من العقاب. وفي بريطانيا على سبيل المثال تنجح الشرطة في الكشف عن هويات المجرمين والقبض عليهم في ما يصل الى ثمانين بالمئة من الحوادث الإجرامية والعادية بفضل نظام المراقبة بالكاميرات وأجهزة التحسس.
أمس طرح السيد التميمي في صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" من جديد فكرته، ممهداً لها بالإشارة الى واقع ان نقاط التفتيش (السيطرات) المنصوبة في المدن لم تثبت فائدتها وجدواها "لأننا لم نسمع في يوم ما أن تمكنت إحدى السيطرات من المسك بإرهابي أو سيارة مفخخة، بل تحوّلت السيطرات الى أرض خصبة وجاذبة للإرهابيين بسبب الازدحامات الشديدة"، ودلّل على ذلك باستمرار عمليات التفجير الإرهابية في بغداد، وآخرها تلك التي وقعت في الأيام القليلة المنصرمة.
السيد التميمي يؤكد، في ما نشره للتو وقاله من قبل في ذلك اللقاء، ما نعرفه جميعاً وهو ان هذه السيطرات لا تعدو عن كونها "مصدر إزعاج للمواطن"، ولذا فانه يقترح "رفع كافة السيطرات من شوارع بغداد والاستعانة بالجهد الاستخباراتي وتطويره والسيطرات المتحركة وتجهيزها بمعدات تقنية متطورة في الكشف عن المتفجرات"، ويرى ان "الحل الأمثل للواقع الأمني هو الاستعانة بالشركات العالمية المتخصصة بالشؤون الأمنية من خلال نصب الكاميرات والسونارات وزيادة كفاءة القوات الأمنية".
أتذكر ان السيد التميمي أخبرنا في ذلك اللقاء بان النظام الإلكتروني الفعال الذي سعى لنصبه في العاصمة ومن أجله قابل ممثلي شركات عالمية رصينة، لا تتجاوز كلفته ربع كلفة سنة واحدة فقط من الخسائر المادية التي تتكبدها العاصمة من جراء التفجيرات الإرهابية فيها.
السيد التميمي يعبّر عن الأسف لأن الحكومة السابقة لم تستجب لمسعاه ويدعو الحكومة الجديدة لاتخاذ موقف مختلف، ويبدو مستغرباً من الموقف الحكومي. وإذا عُرف السبب بطل العجب، كما يقال، وأظن ان محافظ بغداد يعرف كما نعرف نحن ان هناك مصالح مادية لثلة من الفاسدين منزوعي الوطنية والإنسانية وراء عدم التجاوب مع مسعاه.. وهي نفسها المصالح التي دفعت للقبول بشراء جهاز زائف لكشف المتفجرات (!) بعشرات ملايين الدولارات، وهي نفسها المصالح التي تجعل القوات المسلحة تواصل استخدام هذا الجهاز المسخرة الذي يتسبب في إزهاق أرواح الآلاف من العراقيين.
من واجب محافظ بغداد، ومن واجبنا معه، الضغط بكل قوة من أجل إحداث تغييرات في القيادات الأمنية بما يسمح بحلول قيادات وطنية محل القيادات الفاسدة.. قيادات تضع نصب أعينها مصالح الشعب وليس مصالحها الذاتية القائمة على سفك الدم وإزهاق الأرواح.
استمعوا إلى محافظ بغداد
[post-views]
نشر في: 12 أكتوبر, 2014: 09:01 م