محنة العراقيين مستمرة ، وبنجاح ساحق، ليست لها نهاية مثل المسلسلات التركية في كل حلقة هناك مفاجأة ، وحدث جديد ، يجعل المشاهد يدخل في "صفنات طويلة" بحثا عن حل للعقدة ، و"الصفنة" بالتعبير العراقي السائد والمألوف شقيقة "الدالغة" من يعيش لحظاتها او دقائقها وحتى ساعاتها ، يبغي الهروب من الواقع ، والابتعاد عن الهموم اليومية ، بدءا من توفير المصروف اليومي، وانتهاء بالتخلص من القلق والمخاوف من تراجع الأوضاع الأمنية وتهديد الجماعات المسلحة باحتلال مدن جديدة ،لإضافة أعداد جديدة الى قائمة النازحين.
الفصل الجديد من المحنة العراقية يتجسد هذه الايام في مناطق حزام بغداد ، الأهالي هناك يعيشون قلقا يوميا ، من تعرض مناطقهم الى هجمات محتملة ، بدأت بوادرها بقصف يومي بقذائف الهاون على سبع البور والتاجي والرضوانية ، واليوسفية وابي غريب استهدفت مواقع تجمعات الحشد الشعبي وقوات الجيش ، وعلى الرغم من تصريحات المسؤولين الامنيين بان أسوار بغداد ستكون مقبرة لعناصر داعش ، طالب أعضاء في لجنة الأمن والدفاع النيابية باعتماد خطة جديدة وتنفيذ عمليات استباقية بمساندة الطيران الدولي لقصف معاقل الجماعات المسلحة .
تشير التقارير الدولية الى نزوح اكثر من مليون شخص منذ احداث محافظة نينوى، ومعظم النازحين يقيمون في اقليم كردستان ، وهذا الملف هو الفصل الجديد في المحنة ،مفتوح الصفحات، النزوح مستمر، والعمليات العسكرية لم تحقق على الأرض ما يشيرالى تحرير المدن ، وقد سمع العراقيون من المسؤولين استكمال الاستعدادات منذ شهرين او اكثر لتحقيق النصر ، وإعادة النازحين الى مساكنهم .
أعلنت الحكومة منح مبلغ مليون دينار لكل اسرة نازحة ، وفي تصريح للمدير العام في وزارة حقوق الانسان كامل امين ، اكد ان الاجراءات الروتينية البيروقراطية عرقلت وصول المنحة الى اعداد كبيرة من النازحين ، لاسباب تتعلق بابراز الوثائق الثبوتية، وصحة الصدور، ومعاملة طويلة وعريضة، وكأن صاحب الطلب المنكوب ، يعيش في اجواء وردية، وتحت تصرفه امكانيات الحكومة الالكترونية، القادرة حل الغاز "الصفنات والدالغات".
الاسر النازحة من تلعفر المقيمة حاليا في مباني المدارس بحي البياع دخلت في معمعة الحصول على المنحة ، ومازالت بانتظار الفرج لإنجاز معاملاتها، مع تبليغ بإخلاء المدارس بأقرب وقت ممكن ، والاستعداد للتوجه الى النهروان للاقامة في كرفانات خصصت لإيواء النازحين. ام توفيق في السبعين من عمرها لديها سؤال واحد، تطرحه امام المسؤولين ، متى نعود الى تلعفر؟ نازحون الى متى؟ بعضهم يرد السؤال ببث روح التفاؤل ، واخر يلتزم الصمت ، ويدخل في "صفنة" طويلة و"دالغة" عميقة لعجزه عن الرد، وبين الصفنات والدالغات، والدخول في دوامة البحث عن حلول، هناك من حزم حقائبه ، واخبر معارفه بانه بحاجة الى إسعاف فوري لإنقاذه من" دالغة " طويلة.
نازحون الى متى؟
[post-views]
نشر في: 13 أكتوبر, 2014: 09:01 م