كان أستاذي الراحل د. عبد اللطيف حمزة، مؤسس قسم الصحافة بكلية الآداب في جامعة بغداد، يحرص على أن يوصينا، نحن طلبته، بأن نكون فضوليين الى درجة أن نلتقط أي ورقة نصادفها على قارعة الطريق ونقرأ ما فيها، فقد تتضمن معلومة مفيدة، أو قد تقود إلى عمل صحفي كبير.
الفضول هو ما كان وراء "الحريق" الصحفي الذي أشعلته عبر مواقع التواصل الاجتماعي ومواقع لصحف ومؤسسات إعلامية كبرى صورة لكيس بلاستك أبيض كان يحمله بيده اليمنى وزير الخارجية الاميركي جون كيري الى جانب حقيبته الشخصية بنية اللون التي حملها بيده اليسرى، أثناء ما كان في قاعدة أندروز الجوية يقطع المسافة بين السيارة والطائرة التي أقلته الى القاهرة للمشاركة في المؤتمر الدولي الخاص بإعمار غزة المنعقد أمس الأول.
الصورة التقطها مصور ذكي لوكالة رويترز يدرك أن الفضول عنصر أساس في "صنعة" الإعلام والصحافة، والكيس المصوّر خاص بسلسلة الأسواق عابرة القارات "سيفواي" (Safeway)، ومن المفترض أن يكون محتواه مما يُباع في أسواق هذه السلسلة من أطعمة ومشروبات ومطبوعات خفيفة ولوازم بيتية من الحجم الصغير.
أول ما يرد الى الذهن بشأن محتوى الكيس البلاستك انه كان يضمّ متاعاً.. لكن هل يُعقل ان وزير خارجية أقوى دولة في العالم يحمل متاع سفر بيده فيما هو يستقل طائرة خاصة وله من المساعدين والحراس العدد غير القليل؟ .. ولِمَ لا؟ لماذا الاستكثار على شخص مثل كيري أن يحمل متاعه بيده في كيس بلاستك؟ .. بخلاف المسؤولين الكبار والصغار في دولنا، فان كيري وسواه من كبار المسؤولين في الدول المتقدمة يتصرفون بتلقائية، والتلقائية تنطوي على البساطة والتواضع بالمقارنة مع التكلّف والتكبّر لدى مسؤولينا كلما حضروا محفلاً عاماً أو كانوا في نشاط مغطى إعلامياً.. لاحظوا، وقارنوا، كيف يجلس مسؤولونا على كراسيهم الوثيرة بطريقة طاووسية وكيف يفعل مسؤولو الدول المتقدمة... (لاحظوا أيضاً ان رئيس حكومتنا الجديد حيدر العبادي يبدو غير متكلف حتى الآن.. نعم حتى الآن، ونرجو ألا يتغير سلوكه ويتبدل بعد حين حتى لا ننتهي وإياه إلى محنة جديدة).
أن يحمل كيري، أو حتى الرئيس أوباما، بنفسه كيساً من البلاستك أمر لا يثير الفضول في العادة، لكن وجود ذلك الكيس في يد كيري وهو يسافر الى القاهرة، ذلك ما أثار الفضول وأشعل ذلك الحريق الإعلامي الذي لن تخمد ناره حتى يحدث أن يوجّه صحفي للوزير الاميركي في مناسبة قادمة سؤالاً عن محتوى الكيس.. هذا السؤال متوقع للغاية، فالصحفيون الجيدون فضوليون، ولن يهدأ بالهم، أو بعضهم، حتى يعرفوا، وينقلوا ما يعرفون الى جمهورهم، ما كان في كيس كيري.
الشيء بالشيء يذكر .. أتمنى على شركة الخطوط الجوية العراقية أن تسمح لركابها بحمل متاعهم الغذائي بأيديهم، في أكياس من النوع الذي حمله كيري، بديلاً عن الوجبات الباردة والبائسة والمثيرة للقرف التي تقدمها على متن طائراتها في رحلاتها الداخلية (لا أعرف شيئاً عما تقدمه في رحلاتها الخارجية لأنني لم أتجرأ بعد على السفر في واحدة منها).
كيس كيري
[post-views]
نشر في: 13 أكتوبر, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 2
ابو احمد
استاذ حسين حياك الله الله رحم بحالك لانك لم تسفر على متن الخطوط العراقية وكفا عليك بالسفر داخليا فقط , لانه خارجيا ليس هناك احترام للوقت مع الاسف وخاصة اذا كان هناك ترانسيت على خطوط اخرى.
رائد عمر
من المفترض ادبياً ان يكون التنقيح المفترض بالتنسيق وموافقة القارئ والذي هو الكاتب , او يكون حجب التعليق كخطوة ثانية .. lt تعقيب على الفقرة رقم 2 gt من شروط نشر التعليقات والتعقيبات , رغم الأعتقاد والتصوّر المسبقين بأنّ مثل هذا سوف لن يحصل