رغم كل تحركات التحالف الدولي ضد داعش، وهي اقتصرت على الغارات الجوية غير المجدية، فإن هذا التنظيم الإرهابي، الذي يفخر علناً باستعباد النساء الإيزيديات، وبيعهن مع أطفالهن في سوق النخاسة، يواصل التقدم على أكثر من جبهة، فهو على وشك السيطرة على مدينة الكرد كوباني قرب الحدود السورية مع تركيا، فيما تشير الأنباء إلى انسحاب الجيش العراقي من قاعدته في هيت، وهي آخر مواقعه في محافظة الأنبار، وكانت تلعب دوراً في حماية سد حديثة ثاني أكبر سدود العراق، ما يعني أن دولة الخلافة في حال استكمال سيطرتها على هذه المحافظة، ستمتد من الرقة إلى مشارف بغداد، وهي تسعى للسيطرة عليها وإعلانها عاصمة للخلافة، وفي ذلك رمزية لا تخفى على أحد، وسيكون لذلك إن حدث ردود فعل ستقود المنطقة إلى الجحيم.
تركيا ترغب بشن الحرب على داعش، شريطة أن لا يخدم ذلك النظام السوري الذي تدعو لإسقاطه، كما أنها تخشى الدخول في حرب تستنزف إنجازاتها الاقتصادية التي تفاخر بتحقيقها، وهي رغم عضويتها في التحالف الدولي، تمتنع عن منح الطيران الغربي حق استخدام قواعدها العسكرية في الحرب الجوية القائمة ضد الدواعش، والدول العربية قلبت ظهر المجن لمن مولت نشأتهم لمحاربة الأسد، بعد أن تمرد المخلوق على خالقه، السعودية تستغل الموقف لتدعو إيران إلى سحب قواتها من سوريا والعراق واليمن، إذا أرادت أن تكون جزءاً من الحل، وطهران تعتبر أن أميركا وحلفاءها يحاولون إثارة العداء بين المسلمين، أكثر مما يريدون محاربة هذا الوباء، وواشنطن تدعو جهاراً لتشكيل جيش عالمي للتدخل في تفاصيل ما يجري في المنطقة، ما يعني أننا قد نكون على أبواب حرب تحرق نيرانها الجميع، وتؤكد أن نبت داعش الشيطاني يتمتع بداعمين كثر ومستفيدون أكثر ومتضررون يصعب حصرهم .
وكأن التخندق الطائفي ليس أصيلاً في النفوس، يلفت النظر في هذا البازار، موقف السياسي اللبناني الدرزي وليد جنبلاط، فهو يربط ما يجري حالياً باسقاط نظام صدام، معتبراً ذلك مؤامرة مدروسة، تتضمن الإصرار على تغييب الحل السياسي في سوريا، لتفتيتها وتحويلها إلى أشلاء لحماية إسرائيل، ، ويعتبر أن ما يجري ليس مصادفة أو تزامن أحداث عابرة، بقدر ماهو سياسة تعتمد تأجيج الأحقاد والكراهية بين المذاهب، وتثير علامات الاستفهام حول أهداف التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب، ويخلص إلى استنتاج، يقول إنه بعيد عن نظرية المؤامرة، ومفاده أنه من إسقاط بغداد الى إسقاط دمشق، فإن المسار واحد.
مع كل هذا اللغط يواصل داعش ضغوطه على مدينة بغداد عبر محاولته السيطرة على أكبر عدد من البلدات المحيطة بها، فيما كثف هجماته شرقاً وغرباً، ويركز على محاولة الاقتراب من البلدات المحيطة ببغداد، تمهيداً لمهاجمة العاصمة التي تنتشر فيها قوات أمنية كبيرة بالإضافة إلى المتطوعين والميليشيات، وقواته اليوم تحيط ببغداد من كل الجهات، ولو في شكل متقطّع، ويسعى لإثارة اضطرابات طائفية عبر تهديد المراقد الشيعية في سامراء وبغداد وكربلاء، لتمهيد الأرضية لدخول "عاصمة الخلافة"، ولعل من الضروري التذكير بأن هذا التنظيم نظّم استعراضاً عسكرياً في بلدة أبو غريب، قرب بغداد قبل شهرين من احتلاله الموصل، ثم اختفى من البلدة، لكن الواضح أنه لم يغادرها إلاّ ليعود إليها فاتحاً.
داعش يتمدد والنقاش مستمر من واشنطن إلى موسكو مروراً بطهران وأنقره وليس انتهاءً بعواصم العربان، وهو نقاش شبيه بذلك الذي دار حول جنس الملائكة، وهل هم ذكور أو إناث, ولعلنا نكتشف قريباً أن جهة ما استعادت حكاية حصان طروادة، لكنها سمته داعش.
داعش يستعيد حكاية حصان طرواده
[post-views]
نشر في: 15 أكتوبر, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 1
د عادل على
لننظر الى القريب ورائنا------غياب الاتحاد السوفياتى احدث فراغا دو ضغط منفى وهدا جدب الولايلت المتحده ورفيقاتها الاوروبيه الى اعلان الربيع العربى فى اقطار دكتاتوريه ولكن مناهضه للولايات المتحدة مثل ليبيا وشملت حكومات كانت صديقه لامريكا كمصر-----المغرب استث