في نيسان 1927 قدم الشاب (حقي رشيد) وهو (الشبلي) نفسه عريضة الى (وزارة الداخلية الجليلية) جاء فيها (..نحن الموقعين ادناه نخبة من الشبيبة العراقية قد اتفقنا على تشكيل فرقة تمثيلية تدعى (الفرقة التمثيلية الوطنية) وغايتها تعضيد المنافع الخيرية، ورقي هذا الفن الجليل في العراق.. فالمرجو من معاليكم ان تتلطفوا علينا وتجيزوا لنا تشكيلها وتعاضدونا على رقي هذا الفن الخيري النافع للامة والوطن،
وسنستمر بعونه تعالى على هذا المشروع بصورة دائمة على اننا شكلنا في العراق فرقة تمثيلية حقيقية تعرض للشعب العراقي الكريم أجمل الروايات الاخلاقية والادبية، والتي تبث فيهم روح الاخلاص).. وذيلت هذه العريضة بنسختين من القانون الاساس للفرقة، وهو يتألف من سبع مواد، حددت الاولى منها اسم الفرقة، ورسمت الثانية ان الغاية من تأسيس الفرقة، ممارسة التمثيل باللغة العربية الفصحى ونشر الروح القومية والاصلاح الاجتماعي، واشارت المادة التالية الى ان الفرقة تتوسل لتحقيق اغراضها هذه بتمثيل الروايات الوطنية والاجتماعية والتاريخية.. واشترطت المادة الرابعة موافقة الهيأة الادارية للفرقة على قبول العضو الجديد، واعلنت المادة الخامسة ان الفرقة تتكون من الهيأة العامة واللجنة الادارية، وهذه الاخيرة تتألف من رئيس ونائب الرئيس والكاتب وامين الصندوق وثلاث اعضاء آخرين. ورغم ان هذه الاهداف التي حددها النظام الاساسي للفرقة، جاءت واضحة وصريحة، فان المادة السادسة اعلنت براءة الفرقة من اي نشاط سياسي وديني، ومن المؤكد ان هذه الاشارة قد ادرجت في النظام، تطبيقا لاحدى مواد قانون الجمعيات المعمول به رسميا في ذلك الوقت والصادر عام 1922. اما المادة السابعة والاخيرة، فقد نصت على مايلي: (لايطرأ تغيير على هذه الحدود الا بمصادقة ثلاثة ارباع الاعضاء العاملين.. الخ). ان الفرقة التمثيلية الوطنية قد باشرت نشاطها الفني اثر اجازتها، وكان نتاجها الاول مسرحية (جزاء الشهامة).. التي جرى عرضها على مسرح (رويال سينما) ببغدد، بعدها تواصلت عروض الفرقة، وكان الشبلي هو المخرج المعتمد، وهو الممثل الاول في هذه العروض التي شارك في اداء ادوارها فاضل عباس بهرام بك ومحيي الدين محمد وسليم بطي وفوزي محسن الامين واحمد حقي الحلي وخضر عبدالجليل ومحمد بابان.. ومديحة سعيد.. عند سفر الفنان الشبلي الى مصر، بصحبة الفنانة فاطمة رشدي، حدث انشقاق داخل الفرقة التمثيلية الوطنية، وبعد مضي اسابيع قليلة، على هذا الحادث، ارسل الشبلي مذكرة طويلة الى الجهات المختصة انذاك يطعن فيها بالاجراء اللا قانوني الذي اقدم عليه بعض اعضاء الفرقة، المتمثل باقصاء الشبلي من عضوية فرقته. وفي حينه احاطت هذه المذكرة تساؤلات حول الكيفية التي حصل فيها الشبلي، وهو في القاهرة على تفاصيل ابعاده عن الفرقة التي جاهد من اجل تكوينها وتثبيت اركانها في ذلك الوقت المتجهم ازاء الفن الرفيع. وعن تلك التساؤلات حدثني الفنان محيي الدين محمد – اواسط السبعينيات- وهو احد رواد حركة المسرح في العراق، ومن مؤسسي الفرقة التمثيلية الوطنية.. حيث قال: (انا الذي كتبت الى الشبلي وهو في القاهرة واخبرته بما جرى وقلت له.. ان فرقتي العصرية موجودة، وبامكانك العمل فيها عند عودتك الى بغداد).. وقال الفنان محيي الدين محمد، وبالفعل عاد الاستاذ حقي الشبلي من مصر، والتحق بالفرقة العصرية، مع الممثل بشارة واكيم الذي اقام في العراق بضع سنوات واصبحت هذه الفرقة كأنها فرقة الاستاذ حقي الشبلي وبموافقتي).. وبعد التحاق الفنان حقي الشبلي بالفرقة العصرية، جرى انتخاب هيأة ادارية جديدة في 12/ تموز/ 1930. تشكلت من السادة: 1-محيي الدين محمد- الرئيس. 2-عبدالله العزاوي- نائب الرئيس. 3-حقي الشبلي- المدير الفني. 4-السيد يوسف- امين الصندوق. 5-احمد عزت محمد- مدير الادارة. 6-عباس فضلي توفيق- السكرتير. 7-مصطفى حبيب- عضو 8-عبدالكريم خضر- عضو. ويبدو ان الحال الجديد، لم يرضِ الفنان الشبلي، العائد حديثا من اجواء الفن في القاهرة، والمتاثر- دون شك بالتقاليد السائدة في ارض الكنانة. فقد جمع الاعضاء المؤيدين له في الفرقة التمثيلية الوطنية، ودعاهم الى الانتساب الى (الفرقة العصرية).. ثم وفق الشبلي في دمج الفرقتين في فرقة واحدة دعاها (فرقة حقي الشبلي) التي حققت نشاطا منقطع النظير، وقامت بجولات عدة على مسارح بغداد وبقية المدن العراقية. ومن عروض (فرقة حقي الشبلي) مسرحية (الحاكم بأمر الله) التي قدمت على مسرح الثانوية المركزية، عام 1934، وكان من مشاهدي هذه المسرحية السيد ياسين الهاشمي رئيس الوزراء في ذلك الوقت، الذي اعجب بالعرض واشاد بجهد الشبلي وتعبيرا عن تقديره هذا اكد السيد الهاشمي على وزير المعارف، الاسراع بارسال الشبلي في البعثة العراقية لدراسة التمثيل خارج العراق. عن كتاب حقي الشبلي رائد المسرح العراقي والصادر عن نقابة الفنانين 1985