اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > ليست سرقة القرن!

ليست سرقة القرن!

نشر في: 15 أكتوبر, 2014: 09:01 م

20 دولة في العالم هي الأكثر فقراً بين أمم الارض، لا تزيد حصة الفرد من الناتج المحلي الإجمالي فيها عن 50 دولاراً أميركياً في الشهر. وفي أي من هذه البلدان لابدّ ان مبلغ 1.2– 1.6 مليار دولار يبدو فلكياً لأنه يعادل نصف أو ربع قيمة الموازنة السنوية للبلاد، كما هي الحال في جمهورية النيجر الأفريقية مثلاً.
لكن في بلد يصل دخله من النفط وحده الى 100 مليار دولار سنوياً، كالعراق، فان مبلغ مليار أو مليارين من الدولارات ليس مهولاً. انه مثل بحيرة بجوار محيط. وربما هذا هو ما يكون في بال الذين لا يتورعون عن رفع سقف سرقاتهم من مالنا العام الى المليارات.. انهم يعتبرون المليار والمليارين نقطة من بحر.. لكن المشكلة ان الذين يفكرون بهذه الطريقة ويعملون بها يتزايد عددهم عاماً بعد آخر، كل منهم يتعضّد بالآخر ويشجعه، ووصلت الحال الى شفط حصة معتبرة من عائدات النفط السنوية، ما جعل دولة الـ100 مليار دولار عاجزة عن أن تبني مستشفى عاماً بالمواصفات العصرية كل سنتين أو ثلاث، أو أن تجعل من المستشفيات الموروثة من النظام السابق نظيفة، أو أن تُشيّد مئة مدرسة في عشر سنوات، أو أن تُجدد شبكة الطرق البرية وخطوط السكة الحديد المنهارة، أو أن تُدخل الكهرباء الى بيوت المواطنين 12 ساعة في اليوم، أو أن تمكّن دوائر البلدية من تنظيف الأحياء السكنية والشوارع والساحات العامة ولو بنسبة 50 بالمئة .. أو .. أو!
في الأيام الأخيرة كُشف النقاب عن واحدة من عمليات السرقة لثروة الشعب العراقي الذي يكابد الفقر والبؤس والأمية وامتهان الكرامة الانسانية زيادة على معاناته من الإرهاب وعصابات الجريمة المنظمة... مبلغ السرقة يتراوح بين 1.2 و1.6 مليار دولار جرى نقله الى لبنان وتخبئته في قبو بإحدى المزارع.
المبلغ كبير بمقاييس دول أفريقيا وآسيا الفقيرة، لكنه بالنسبة لنا ليس سرقة العصر أو القرن، فالضائع من ثروة العراقيين كل عام، منذ 2003 حتى الآن، يفوق هذا المبلغ كثيراً.
ليس مثيراً للدهشة أن يكون كبار الواقفين وراء عمليات السطو الكبرى على المال العام هم مسؤولون كبار في الدولة، حكومة وبرلماناً، لكن ما يثير الدهشة، أو ربما لا ينبغي أن يثيرها أصلاً، ان أغلب هؤلاء هم من المتنفذين في أحزاب الاسلام السياسي تحديداً ممن يحملون المسابح بأيديهم ويضعون المحابس (الخواتم) في أصابعهم ويطلقون لحاهم كثة أو خفيفة.
إليكم مثالاً واحداً من مئات: منذ سنتين أقيل محافظ البنك المركزي سنان الشبيبي ومجموعة من أكفأ مساعديه بذريعة وجود حالات فساد مالي وإداري في البنك. القضية جرت على خلفية رفض الشبيبي إقراض الحكومة (السابقة) عدة مليارات من الدولارات، التزاماً منه بقانون البنك الذي يمنع عمليات من هذا النوع.
المهم انه لذر الرماد في العيون ولإخراج المسرحية في شكل مقبول (كان بائساً في الواقع) شكّل مجلس النواب (السابق) لجنة تحقيق برئاسة نائب رئيسه وقتذاك قصي السهيل.. حتى اليوم لم تُعرض نتائج التحقيق على المجلس، والآن عندما تسأل عنها لا تجد لها أي أثر داخل المجلس أو خارجه.
والسبب؟
السبب ان اللجنة وجدت ان حالات الفساد المالي والاداري لم يكن الشبيبي ومساعدوه متورطين فيها، وانما موظفون آخرون في البنك ومسؤولون في الدولة، بينهم نواب نافذون في مجلس النواب وفي أحزابهم الإسلامية، الشيعية والسنية سواء بسواء .. نعم، نعم، الإسلامية، وهذا هو سبب عدم إذاعة نتائج التحقيق.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 6

  1. مصطفى جواد

    المركزي له واجبات رئيسية منها المراقبة على المصارف الاهلية و لكن ملاك هذه المصارف يملكون المليارات من ودائع الزيائن وعملية مراقبتهم تتطلب قوة وشحاعة ونزاهة ولكننا لم نجد هذه الصفات منذ 2003 وضاعت حقوق الاف الودعين في المصارف الاهلية والحكومة في سبات من هذ

  2. مصطفى جواد

    طلب بسيط الى هيئة التحرير عندما نرسل تعليقاتنا الى صفحتكم تاخذ الكثير من الوقت للمراجعة ويؤسفني ان اقول لكم انني اعلق في اكثير من الصحف العالمية وبعضها ينشر مباشر والاخر لا يستغرق سوى دقائق وذلك يحقق مزيد من التفاعل ويزيد من القراء مع احترامي وشكري لكم

  3. عراقي متشرد

    عزيزي عدنان:تحياتي لك.عند ظهور تلك الفضيحة واطلاع العراقيين عليها،شاهدت نوري المالكي في التلفزيون وهو يقول:إن رئيس هيئة النزاهة في البرلمان وهو بهاء العرجي(لم يسمه)قد دفع مبلغ عشرة ملايين دولار لطمس تلك القضية.ولم يطلب من مجلس النواب المصون رفع الحصانة عن

  4. عراقي متشرد

    عزيزي عدنان:نسيت أن أذكر في تعليقي السابق أن المفتش الأمريكي العام في ضياع الأموال العراقية صرح قبل ثلاثة أيام أنه وأثناء التحقيقات تم العثور على مبلغ ملياري دولار وسبائك ذهبية قيمتها مائتي مليون دولار في أحد المزارع في لبنان وإنه طلب من المدعي العام اللب

  5. مجيب حسن

    كانوا على مَرِّ الزَّمانِ يُرونَنا فِعْلَ اللُّصوصِ.. ومَنطِقَ الزُّهّادِ ويُفَصّلونَ الدِّينَ حَسْبَ مَقاسِهم ثَوباً.. على جَسَدٍ مِنَ الإلحادِ! هؤلاء هم المناظلين في حزب الدعوة ،والمجلس الاعلى ،والاخوان المسلمين وغيرهم من اصحاب الجباه المسودة ،واللحى ،

  6. د عادل على

    كنا فى العهد الملكى وعصر عبدالكريم قاسم الدوله الاولى فى الشرق الاوسط-------الدينار العراقى كان اغلى من الجنيه الاسترلنك----عدد طلبتنا الدين كانوا يدرسون فى اوروبا وامريكا اعلى بكثير من كل الدول الاخرى المجاورة---------كل البضائع كانت متوفرة وبسعر زهيد---

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

العمودالثامن: إنهم يصفقون !!

قناطر: من وصايا أبي المحن البصري

العمودالثامن: إنهم يصفقون !!

 علي حسين كان الشاعر الزهاوي معروف بحبه للفكاهة والظرافة، وقد اعتاد أن يأخذ من زوجته صباح كل يوم نقوداً قبل أن يذهب إلى المقهى، ويحرص على أن تكون النقود "خردة" تضعها له الزوجة...
علي حسين

باليت المدى: على أريكة المتحف

 ستار كاووش ساعات النهار تمضي وسط قاعات متحف قصر الفنون في مدينة ليل، وأنا أتنقل بين اللوحات الملونة كمن يتنقل بين حدائق مليئة بالزهور، حتى وصلتُ الى صالة زاخرة بأعمال فناني القرن التاسع...
ستار كاووش

ماذا وراء التعجيل بإعلان " خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!!

د. كاظم المقدادي (3)ميزانية بائسةبعد جهود مضنية، دامت عامين، خصص مجلس الوزراء مبلغاً بائساً لتنفيذ البرنامج الوطني لإزالة التلوث الإشعاعي في عموم البلاد، وقال مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع في اَذار2023 إن وزارة...
د. كاظم المقدادي

السيستاني والقوائم الانتخابية.. ردٌ على افتراء

غالب حسن الشابندر منذ أن بدأت لعبة الديمقراطية في العراق بعد التغيير الحاصل سنة 2003 على يد قوات التحالف الدولي حيث أطيح بديكتاتورية صدام حسين ومكتب سماحة المرجع يؤكد مراراُ وتكراراً إن المرجع مع...
غالب حسن الشابندر
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram