أ.د. عبدالامير دكسن يعز علينا ان نقف هذا اليوم لنؤبن علما من اعلام الثقافة والفكر واستاذا كبيرا خدم الفكر بصدق واخلاص وكانت بصماته واضحة ودوره الفكري مرموقا فيما كتب وطرح من آراء وافكار. لقد عرفنا استاذنا المرحوم الدكتور فيصل السامر حين كنا طلابا في المرحلة الثانية في قسم التاريخ بكلية التربية في درس واحد فقط وقد ترك هذا اللقاء اثره فينا
حيث نصحنا نصائح ابوية اكد لنا اهمية العلم وان نركز عليه ولا ننساق الى الافكار المختلفة المطروحة في الساحة آنذاك لان كل شيء زائل سوى العلم. ونتذكر ايضا انه رأى مسبحة في يد احد زملائنا فقال هذه المسبحة وسيلة لالهاء الناس عن المهم من الامور ونصح بعدم استعمالها. ثم لم نره الاّ بعد سنوات اي في عام 1969 حين عيّن رئيسا لقسم التاريخ بكلية الاداب وكان اول انتمائنا للقسم فوجدنا منه كل رعاية ابوية صادقة وكان موجها لنا في خطانا الاولى. كان استاذنا المرحوم الدكتور السامر عالما، مفكرا، ودودا طيب القلب، رحيما، دمث الخلق، اديبا، فاضلا، رقيقا متسامحا حتى ان من كان ضده – وهم قلة- يعيب عليه هذه الرقة ويرى انها تجاوزت الحد. كان متسامحا الى حد كبير حتى مع من يعاديه واكثر من مرة سمعناه يقول اني املك خزينا من التسامح يجعلني انسى كل الاساءات وهذه احدى صفاته الفذة. كانت افكاره مثار نقاش وجدل شغلت الناس وكان له فضل الريادة فيها وقد لقيت مقاومة في بعض الاوساط العلمية لانها طرحت بشكل جريء وكانت تخالف الفكر السائد لذلك قوبلت بعنف وكان ذلك في مؤلفه عن ثورة الزنج ولم يكن يأبه لكل ما اثير حول افكاره من معارضيه بل ثبت على رأيه ودافع عنه شأنه شأن كل المفكرين في العالم الذين عانوا مقاومة الفكر الحر ولكن بعد ذلك اعترف الناس بصحة افكارهم وكان لهم فضل الريادة فيها. ولم نرَ استاذنا المرحوم الدكتور السامر ثار على معارضيه او جادلهم الاّ مرة واحدة وجدناه منفعلا، وقال بالحرف الواحد: الله يلعن الحركات الاجتماعية لقد بلينا بها ونحن لم نقل الاّ الحق. كنا نقرأ في كتب السير والتراجم عن سيرة العلماء والمفكرين ونجد هذه الكتب تصفهم بأوصاف كثيرة فنقول عن المترجم انه كان عالما، فاضلا، متسامحا كريما، محقا، ودودا، صبورا. انه اراد اختباري وبشكل غير مباشر، وكان هذا مدعاة فخر لي فقمت بقراءة الكتاب بدقة واضفت اليه معلومات واضافات تجاوزت الـ35 صفحة بالعشرات من المصادر والمراجع وفرحت كثيرا حين اثنى عليّ وعلمت انه راضٍ عن العمل وسمعت من اخي وزميلي أ.د عبدالامير دكسن انه مدحني وقال نحن جميعا في القسم نحتاجها وكان هذا موضع فخري واعتزازي. ومنحني ثقته حين رشحني لمناقشة اطروحة دكتوراه وانا مدرسة وفي مستهل حياتي التدريسية، مع كبار الاساتذة في القسم آنذاك وتلك هي مناقشة اختي وزميلتي الدكتورة ناجية عبدالله كان لي شرف العمل معه في تحقيق كتاب عيون التواريخ لمحمد بن شاكر الكتبي عملنا معا وكنت مدرسة وهو استاذ وكان يعاملني معاملة الند للند وتعلمت منه اشياء كان يطرحها عليّ بشكل غير مباشر فكان يعلمني وكأنه يتعلم مني. كنا نقتسم العمل بالنصف وكنت سعيدة بهذا العمل وفخورة به فهو دليل على مقدرتي في الكتابة وهي مسألة مهمة وانا في بداية حياتي التدريسية. اصدرنا ثلاثة مجلدات من عيون التواريخ وكانت سعادتي لاتوصف حين يصدر المجلد واقرأ اسمي معه على غلاف الكتاب. ومرة حين اصدرنا ج 20 من الكتاب نشر خبر في الصحف المحلية انه صدر الكتاب بتحقيق نبيلة عبدالمنعم داود والدكتور فيصل السامر وخجلت من هذا الامر لتقديم اسمي على اسمه وجئت اليه معتذرة خوفا من ان يظن اني اعطيت هذا الخبر ووجدته ضاحكا مبتسما يهون عليّ الامر، وقال انك تستحقين ذلك وليس مهما ان يتأخر اسمي لأنا شريكان في العمل وبالتساوِي. وواصلنا العمل بتحقيق ج 21 وكان الاستاذ الدكتور السامر مريضا جدا ورغم مرضه كان حريصا على ان يساعدني الاّ ان المرض منعه واكملت العمل وصدر الكتاب بعد وفاته رحمه الله وتوقف مشروعنا لاكمال الاجزاء الاخرى وظلت عيون التواريخ عليه تدمع.ثم واصلت العمل بمفردي وصدرت جزءا آخر اكراما لذكرى استاذنا الدكتور السامر. هذه كلمات متواضعة من سيرته رحمه الله لان الكتابة عنه هي السهل الممتنع لكثرة صفاته ولانه عالم فذ وانسان عظيم. نكتفي بهذا القدر من القول لا نقصا في الكلمات ولا ضيقا في الوقت ولكن شخص استاذنا المرحوم السامر اكبر من ان نستطيع إيفاءه حقه بكل ما نقول. رحم الله استاذنا المرحوم الدكتور السامر واكرم مثواه وجعل سيرته قدوة للاجيال القادمة. كلمة القيت في حفل احياء الذكرى السنوية 25 للراحل فيصل السامر
فيصل السامر استاذاً جامعياً
نشر في: 9 ديسمبر, 2009: 04:23 م