يحكى ان لصا في زمان سابق دخل على منزل ليسرقه مع رفاق له وبينما كان يفتش في احد إدراج المطبخ ، وجد كسرة خبز فسد بها جوعه وقبضت يده بالصدفة على مسحوق لم يتنبه في الظلام فذاقه ليتعرف على كنهه ...كان " الملح " هو ما ذاقه اللص ، وهنا ، ابلغ رفاقه بانسحابه لأن هناك ما يثنيه عن سرقة المنزل بعد ان اكل فيه " زاد وملح " ...ويروى ان لصا من الزمن الحاضر ، سرق كل ما يحلو له مع رفاقه من منزل عاش اصحابه لحظات السرقة برعب حقيقي تحت تهديد السلاح ، ولم ينس قبل ان يخرج ان يوزع طلقات نارية على افراده بالتساوي ليستمتع برؤيتهم وهم يفارقون الحياة ...
في قرى ونواحي محيط بغداد التي تتعرض لخطر هجوم داعش حاليا والتي اضطر اهلها الى مغادرتها في اسوأ حملة نزوح شهدها العراق ، في تلك المناطق ظهر لصوص من نوع جديد اذ لا يكفي ان يتجرع الاهالي مرارة مغادرة منازلهم والخوف من احتلالها من قبل المسلحين والاستقرار في اماكن بائسة بل تعرضت منازلهم للسرقة من ميليشيات دخلتها لا لتنظيفها من الدواعش بل من أثاثها وسيارات اصحابها التي تركها الاهالي مرغمين حين خرجوا تحت القصف وتبادل اطلاق النار بين المسلحين وقوات الجيش ..وهاهم النازحون يتجرعون مرارة اكبر تتمثل في استباحة املاكهم وحرق منازلهم خشية تفخيخها من قبل المسلحين او سرقة محتوياتها وبيعها في سوق اطلق عليه مؤخرا سوق ( الدواعش ) اشارة الى ان محتويات منازل النازحين محلل بيعها على اعتبار انهم جميعا من الدواعش ، لكنهم ليسوا كذلك ..انهم مواطنون آمنون تعرضوا لخطر هجوم الدواعش على مناطقهم فاضطروا الى مغادرتها ولم يفكروا في مؤازرتهم او الترحيب بهم لأنهم ادركوا حتى ولوبعد فوات الاوان ان مناطقهم اخترقت من الغرباء الذين استغلوا محاولتهم نيل حقوقهم من الحكومة فحولوا مااطلق عليها ثورة الى هجوم مسلح ومااطلق عليهم ثوارا الى دواعش لذا انسحب كل من ادرك اللعبة وسعى الى انقاذ عائلته من خطر قتل المدنيين الذين دفعوا حياتهم ثمنا للبقاء في منازلهم سواء بالبراميل المتفجرة او القصف المتبادل او الاشتباكات المباشرة ..
اليوم يتضاعف احساس النازحين بالمرارة والألم حين يشاهدون سياراتهم يقودها افراد من الميليشيات ويعجزون عن مطالبتهم بها او تمر امام اعينهم مركبات تحمل اثاثهم ومواشيهم ..انها نفس المرارة التي شعر بها كل من ترك منزله لتنظيم القاعدة خلال حملة التهجير التي شهدتها اغلب مناطق بغداد وبعض المحافظات في فترة العنف الطائفي وشاهد او سمع عن بيع ممتلكات اصحابها باسعار رخيصة على اعتبار انها غنائم ..
ماتحتويه منازل العراقيين ليس غنائم تحللها هذه الفئة او تلك بل هي عصارة كفاحهم وعملهم الجاد لبناء حياة آمنة يعيشونها مع عوائلهم تحت سقوف ثابتة لايزعزها تهديد او حرب مفاجئة ومااكثر التهديدات والحروب المفاجئة التي يعيش العراقيون تحت رحمتها ..لنتذكر اذن ان قاطع الرزق هو قاتل ايضا فماذا سنطلق عليه اذن حين يستبيح ممتلكات عراقيين مثله صنعوها من دمهم وعرقهم وتركوها هربا من جحيم لاقبل لهم بمقاومته او الصمود امامه؟
لصوص الأمس واليوم
[post-views]
نشر في: 17 أكتوبر, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 1
محمد سلمان
الاخت العزيزة ان ما اشرتي له يدلل على ان سنوات الحروب التي شنتها امريكا علينا نحن ابناء الشعب العراقي قد نجحت في زراعة وتربية اجيال الحروب على ان يكونوا بلا قلوب او ضمائر خالية كما هو الامريكي ايام الكابوي يسرق ويقتل بلا رحمة نعم علينا ان ندرك ان ما عملت