TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > لصوص الأمس واليوم

لصوص الأمس واليوم

نشر في: 17 أكتوبر, 2014: 09:01 م

يحكى ان لصا في زمان سابق دخل على منزل ليسرقه مع رفاق له وبينما كان يفتش في احد إدراج المطبخ ، وجد كسرة خبز فسد بها جوعه وقبضت يده بالصدفة على مسحوق لم يتنبه في الظلام فذاقه ليتعرف على كنهه ...كان " الملح " هو ما ذاقه اللص ، وهنا ، ابلغ رفاقه بانسحابه لأن هناك ما يثنيه عن سرقة المنزل بعد ان اكل فيه " زاد وملح " ...ويروى ان لصا من الزمن الحاضر ، سرق كل ما يحلو له مع رفاقه من منزل عاش اصحابه لحظات السرقة برعب حقيقي تحت تهديد السلاح ، ولم ينس قبل ان يخرج ان يوزع طلقات نارية على افراده بالتساوي ليستمتع برؤيتهم وهم يفارقون الحياة ...
في قرى ونواحي محيط بغداد التي تتعرض لخطر هجوم داعش حاليا والتي اضطر اهلها الى مغادرتها في اسوأ حملة نزوح شهدها العراق ، في تلك المناطق ظهر لصوص من نوع جديد اذ لا يكفي ان يتجرع الاهالي مرارة مغادرة منازلهم والخوف من احتلالها من قبل المسلحين والاستقرار في اماكن بائسة بل تعرضت منازلهم للسرقة من ميليشيات دخلتها لا لتنظيفها من الدواعش بل من أثاثها وسيارات اصحابها التي تركها الاهالي مرغمين حين خرجوا تحت القصف وتبادل اطلاق النار بين المسلحين وقوات الجيش ..وهاهم النازحون يتجرعون مرارة اكبر تتمثل في استباحة املاكهم وحرق منازلهم خشية تفخيخها من قبل المسلحين او سرقة محتوياتها وبيعها في سوق اطلق عليه مؤخرا سوق ( الدواعش ) اشارة الى ان محتويات منازل النازحين محلل بيعها على اعتبار انهم جميعا من الدواعش ، لكنهم ليسوا كذلك ..انهم مواطنون آمنون تعرضوا لخطر هجوم الدواعش على مناطقهم فاضطروا الى مغادرتها ولم يفكروا في مؤازرتهم او الترحيب بهم لأنهم ادركوا حتى ولوبعد فوات الاوان ان مناطقهم اخترقت من الغرباء الذين استغلوا محاولتهم نيل حقوقهم من الحكومة فحولوا مااطلق عليها ثورة الى هجوم مسلح ومااطلق عليهم ثوارا الى دواعش لذا انسحب كل من ادرك اللعبة وسعى الى انقاذ عائلته من خطر قتل المدنيين الذين دفعوا حياتهم ثمنا للبقاء في منازلهم سواء بالبراميل المتفجرة او القصف المتبادل او الاشتباكات المباشرة ..
اليوم يتضاعف احساس النازحين بالمرارة والألم حين يشاهدون سياراتهم يقودها افراد من الميليشيات ويعجزون عن مطالبتهم بها او تمر امام اعينهم مركبات تحمل اثاثهم ومواشيهم ..انها نفس المرارة التي شعر بها كل من ترك منزله لتنظيم القاعدة خلال حملة التهجير التي شهدتها اغلب مناطق بغداد وبعض المحافظات في فترة العنف الطائفي وشاهد او سمع عن بيع ممتلكات اصحابها باسعار رخيصة على اعتبار انها غنائم ..
ماتحتويه منازل العراقيين ليس غنائم تحللها هذه الفئة او تلك بل هي عصارة كفاحهم وعملهم الجاد لبناء حياة آمنة يعيشونها مع عوائلهم تحت سقوف ثابتة لايزعزها تهديد او حرب مفاجئة ومااكثر التهديدات والحروب المفاجئة التي يعيش العراقيون تحت رحمتها ..لنتذكر اذن ان قاطع الرزق هو قاتل ايضا فماذا سنطلق عليه اذن حين يستبيح ممتلكات عراقيين مثله صنعوها من دمهم وعرقهم وتركوها هربا من جحيم لاقبل لهم بمقاومته او الصمود امامه؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. محمد سلمان

    الاخت العزيزة ان ما اشرتي له يدلل على ان سنوات الحروب التي شنتها امريكا علينا نحن ابناء الشعب العراقي قد نجحت في زراعة وتربية اجيال الحروب على ان يكونوا بلا قلوب او ضمائر خالية كما هو الامريكي ايام الكابوي يسرق ويقتل بلا رحمة نعم علينا ان ندرك ان ما عملت

ملحق منارات

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: صنع في العراق

 علي حسين اخبرنا الشيخ همام حمودي" مشكورا " ان العراقي يعيش حاله من الرفاهيه يلبس أرقى الملابس وعنده نقال ايفون وراتبه جيد جدآ ، فماذا يحتاج بعد كل هذه الرفاهية. وجميل أن تتزامن...
علي حسين

قناطر: في البصرة.. هذا الكعك من ذاك العجين

طالب عبد العزيز كل ما تتعرض له الحياة السياسية من هزات في العراق نتيجة حتمية لعملية خاطئة، لم تبن على وفق برامج وخطط العمل السياسي؛ بمفهومه المتعارف عليه في الدول الديمقراطية، كقواعد وأسس علمية....
طالب عبد العزيز

تشكيل الحكومة العراقية الجديدة.. من يكون رئيس الوزراء؟

إياد العنبر يخبرنا التراث الفكري الإسلامي بأن التنظير للسلطة السياسية يبدأ بسؤال مَن يحكم؟ وليس كيف يحكم؟ ولعلَّ تفسير ذلك يعود لسؤالٍ مأزومٍ في الفقه السياسي الإسلامي، إذ نجد أن مقالات الإسلاميين تبدأ بمناقشة...
اياد العنبر

هل الكاتب مرآةً كاشفة للحقيقة؟

عبد الكريم البليخ لم يكن الكاتب، في جوهره، مجرد ناسخ أو راوٍ، بل كان شاهداً. الشاهد على لحظةٍ تاريخية، على مأساةٍ إنسانية، على حلمٍ جماعي، وعلى جرحٍ فردي. والكاتب الحقيقي، عبر العصور، هو ذاك...
عبد الكريم البليخ
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram