TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > مرحبا..... مــرارة طــريــق الــهــجـــرة

مرحبا..... مــرارة طــريــق الــهــجـــرة

نشر في: 9 ديسمبر, 2009: 04:47 م

ترجمة: ايمان قاسم ذيبان رومانسية قصة هذا الفيلم التي تتحدث عن صبي في العاشرة من العمر، يسافر في ظروف مروعة ومخيفة حيث يتوجب عليه عبور نهر المانش سباحة لتطأ قدماه الأرض التي عشقها منذ صغره: إنجلترا. حملت هذه الرحلة الكثير من الأحداث المأساوية ليس لهذا الصبي فحسب بل لمجتمع صغير من المهاجرين الذين تكوروا هناك في انتظار الأمل والهجرة.. أو العودة.
 في بادئ الأمر، تشدنا يوميات الصبي (بلال) الذي مثل دوره الفتى الكردي المنفي (فرات ايفيردي) الذي جسد صفات البطل ذاتها من رأي صلب وعناد متواصل وروح مفعمة بالجد والعزم. عاش بلال في فرنسا اليوم وجعله الفقر والحرمان أداة طيعة في خدمة مشاعر التمرد والغضب والعداء للسلطات التي جردته من حقوقه البسيطة. ونجح المخرج في توظيف هذه المشاعر لتصبح فيما بعد سلاحاً بحد ذاته، سلاحاً انبثق من الرغبة في تقديم هذا التمرد وهذا الغضب على حد سواء. كما استخدمها المخرج لإضفاء الدور الإنساني وشيء من الواقع على فلمه. ويصور (مرحباً) عالماً يعج بالبائسين حيث يغلف الرجال والنساء والأطفال رؤوسهم بحقائب جلدية ولعدة دقائق لكي لا يلاحظوا من قبل الدوريات المجهزة بالأسلحة المتقدمة والضرورية لنصب أفخاخ لهؤلاء الذين لا يملكون شيئا لإثبات هويتهمً –بغية إجبارهم على ترك المكان وعدم التفكير بالعودة إليه. إزاء هذه الحراسة، لا يكون للمرء سوى حلين أولهما التظاهر بعدم رؤية أي شيء وهذا الأمر ينطبق على الساكنين في هذه المنطقة وثانيهما المعاناة أو المضايقات إذا أغاث أحد الساكنين هؤلاء المهاجرين. وعلى هذين المحورين يرتكز هذا الفيلم. فقد قرر معلم السباحة سيمون الممثل (فينسنت ليندن) المحب للتسلط والحياة المختلفة عن الآخرين ان يحذو حذو الكثيرين من أبناء بلدته وأن لا يرى شيئاً أو يسمع شيئاً. إلا إن حياته انقلبت رأساً على عقب بعدما التقاه بلال القادم من مكان بعيد، الغلام المتحمس الذي لا هم له سوى تعلم السباحة ولمسافة طويلة تتجاوز الثلاثين كيلو متراً وسط مياه متجمدة ووحوش صغيرة تسمى بالصهاريج. وبصحبة هذا الصبي واجه سيمون الاضطراب والفوضى اللذين كادا يوديان بحياته. ومع ذلك يقرر تعليم الصبي العوم وسط المناخ المتردي والأحوال الجوية السيئة. واندفع سيمون بحماسة لهذه الفكرة تماماً مثلما فعل المخرج (فيليب لوريه) وكادره ليطلقوا العنان لمغامرة فريدة من نوعها، تلك التي أضفت عليها مرور الأيام شيئاً من الخصوصية لتكون مختلفة تماماً عن الأفلام السينمائية الأخرى التي طرحت الفكرة ذاتها بأسلوب سطحي واستنتاج عابر. ولا يختلف اثنان على أن قصة مرحباً التي وصفت قضية المهاجرين المحجوزين على الضفاف الفرنسية لنهر المانش على أمل العبور إلى انجلترا قد أثارت العديد من الجدل والنقاش لاسيما من قبل السلطات الفرنسية التي وصفت الأمر بالاعتداء على أراضيها وأصدرت أوامر صارمة لكل من يحاول مساعدة المهاجرين أو إيوائهم. إلا إن الرياح جرت بما لا تشتهي سفن هذه السلطات، إذ لم يتوقف الأهالي عن دعم المهاجرين سراً أو علانية. وما موقف السيدة مونيكا بوي ربة البيت، ببعيد عنا، حيث تعيش هذه السيدة البالغة من العمر التاسعة والخمسين في نورون فونت بالقرب من بيتون تحديداً وقد وضعت هواتفها النقالة تحت المراقبة، ولم يكن هذا الحادث من دون سبب. ففي الخامس والعشرين من شهر شباط الماضي، طرق شرطة الحدود بابها وفرضوا عليها تسع ساعات من الحراسة المشددة. وبات الكل يتساءل عن جريمة هذه السيدة المعروفة بطيبة قلبها وحسن معشرها. ولم تكن تلك الجريمة سوى إعادة شحن الهواتف المحمولة لعشرين مهاجراً يستوطنون مخيمات نورن فونت. وأقرت السيدة مونيكا بأنها تذهب إلى هناك كل يوم تقريباً، لتلتقي المهاجرين وتساعدهم على الاتصال بأصدقائهم أو بعوائلهم، لا بل وحتى بالأشخاص الذين يترقبون مجيئهم في بريطانيا. واستاءت كثيراً عندما علمت أن الشرطة صادرت هواتفها النقالة الثلاثة ثم أعادوها إليها بعد وضع أجهزة التصنت فيها بحجة أن هذه الأجهزة تخدم المهاجرين الذين يقومون بنزع البطاريات منها ووضعها على أجهزتهم. قبل هذه الحادثة، كانت مونيكا تعلم قاضي التحقيق بوجود مهاجر جريح أو مهاجرة في حالة طارئة أما اليوم فقد قررت ألا تقول شيئاً على الإطلاق. وبمرور الوقت شعرت أن صبرها بدأ ينفد على أمل إقناع قاضي التحقيق بوجهة نظرها ورفع هذه الحراسة التي وصفتها بـ(العبثية والمرهقة). جوهرياً يعتمد (الفيلم) على وحدات ثلاث ألا وهي القانون والأدغال والمطاردات. ولدعم هذه القضية، توجه جمع من الصحافيين إلى هذا المكان وأطلعوا بأنفسهم على أوضاع هؤلاء المهاجرين المتناثرين في الغابات وفي التلال وعلى امتداد ساحل (اوبال) أو بالقرب من الأهالي المتطوعين الذين حاولوا مواساتهم والتخفيف من معاناتهم ليقارن هؤلاء الصحافيين بين الفيلم الذي شاهدوه وبين الحقيقة الماثلة أمامهم. إذاً فالمخرج لم يحل بلقطة كاميرا سحرية مسألة معقدة مثل هذه، فهو يشدنا لأنه مصنوع من لحم ودم أو بالأحرى من عاطفة تجسدها شخوص رحلت من هذا المكان أو انزوت في تلك الزاوية...الخ. وهنا، يدعى البطل (بلال)، الصبي الذي ينتمي لعائلة كبيرة استقر أغلبها في (غاليه) وغالباً ما يشاهدون هائمين في شوارع المدن في شمال البلاد لاسيما بمحاذاة الأرصفة

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

بغداد/ المدى تنطلق فعاليات الدورة الخامسة من معرض العراق الدولي للكتاب، في الفترة (4 – 14 كانون الأول 2024)، على أرض معرض بغداد الدولي.المعرض السنوي الذي تنظمه مؤسسة (المدى) للإعلام والثقافة والفنون، تشارك فيه...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram