TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > مدفع العشيرة

مدفع العشيرة

نشر في: 19 أكتوبر, 2014: 09:01 م

الأوضاع الأمنية في العراق تتطلب من الجميع حمل السلاح، واستعادة الصورة السابقة بجعل بندقية"البرنو" في مهد الرضيع، و التقليد متوارث ويعود تاريخه الى عصور ما قبل التاريخ، ويقال ان العراقيين القدماء كانوا يحرصون على اقتناء السلاح، كجزء من متطلبات كمال الشخصية، والظهور بمظهر المحارب المستعد على الدوام للدفاع عن شرف الأسرة والعشيرة والآلهة،وأمن السلطة، ليبقى الحاكم متربعا على العرش،لحين إزاحته بانقلاب عائلي او بمؤامرة يدبرها المقربون وبتأييد من رجال المعبد لإزاحته، وإلحاقه بمنتدى المخلوعين او إحالته الى محكمة تقرر قطع راسه، ودفن جثته في مكان مجهول، لمنع تحويل قبره الى مزار عندما تكون المرحلة الجديدة اسوأ من السابقة، وعلى قاعدة التقدم الى الوراء، يترحم ابناء الشعب على الحاكم المخلوع او المقبور.
حالة التشبث بالماضي بوصفه افضل من الحاضر والمستقبل،لازمت حياة العراقيين،وترسخت في أذهانهم،منذ القدم، فاصبح التمسك بالماضي سلوكا، يعبر عن حالة اليأس، رافقه الشعور بالخوف والقلق، فولدت الحاجة الى البحث عن كل وسائل حفظ الأمن، بدءا من المكاوير وحتى البنادق باختلاف أنواعها وأشكالها، ففي مواسم الانفلات الأمني، وغياب دور المؤسسات الرسمية تصبح لغة البارود سائدة، واطلاق النار في مناسبات الأفراح والأحزان ظاهرة اجتماعية،يمارسها من يحمل السلاح، ليؤكد عشقه للبارود، ولا غرابة في الأمر، لان حامل الكلاشنكوف، رضع البارود يوم كان رضيعا في المهد.
ومنذ إعلان ولادة الخلافة الجديدة في المدن الخاضعة لسيطرة تنظيم داعش، ارتفعت أصوات أبناء العشائر من عناصر الصحوات والإسناد تطالب بدعمها بالسلاح، وعكست أحداث الضلوعية قدرة وإمكانية الجهد الشعبي على مواجهة الجماعات الإرهابية،والحد من تمددها نحو مناطق اخرى داخل حزام العاصمة، وكانت ولادة الحكومة الجديدة عاملا اخر ساعد على الاصطفاف مع قوات الجيش والشرطة لمواجهة التهديدات الأمنية، وبعض العشائر تناست خلافاتها مع الحكومة، لشعورها بان بلورة موقف موحد لردع خطر داعش يتقدم على كل الأولويات، وعلى أصحاب القرار استثمار هذا التحول الجديد لتحقيق إنجازات عسكرية على الأرض بدعم من طيران التحالف الدولي، لتحرير المدن الخاضعة لسيطرة الجماعات المسلحة.
ممارسات الحكومة السابقة، عطلت دور الصحوات، ومجالس الإسناد فتحولت الى واجهات لبعض زعمائها فسخروها لتحقيق مكاسب سياسية وشخصية، وفي اول"طكة"ظهر ان الصحوات كانت، مجرد قوة لحماية زعيمها، سرعان ما تخلى عن عناصرها عندما قرر الإقامة في بغداد وتفرغ للإدلاء بتصريحات للفضائيات، وتوجيه الاتهامات للآخرين، والمشكلة الاخرى ان الفريق الحكومي السابق كان يعتقد بان تزويد الصحوات بأسلحة حديثة سيجعل كل عشيرة تحتفظ بأسلحة ثقيلة، ليس من المستبعد استخدامها بقصف المنطقة الخضراء، والإطاحة بالنظام الديمقراطي بمدفع العشيرة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram