الأوضاع الأمنية في العراق تتطلب من الجميع حمل السلاح، واستعادة الصورة السابقة بجعل بندقية"البرنو" في مهد الرضيع، و التقليد متوارث ويعود تاريخه الى عصور ما قبل التاريخ، ويقال ان العراقيين القدماء كانوا يحرصون على اقتناء السلاح، كجزء من متطلبات كمال الشخصية، والظهور بمظهر المحارب المستعد على الدوام للدفاع عن شرف الأسرة والعشيرة والآلهة،وأمن السلطة، ليبقى الحاكم متربعا على العرش،لحين إزاحته بانقلاب عائلي او بمؤامرة يدبرها المقربون وبتأييد من رجال المعبد لإزاحته، وإلحاقه بمنتدى المخلوعين او إحالته الى محكمة تقرر قطع راسه، ودفن جثته في مكان مجهول، لمنع تحويل قبره الى مزار عندما تكون المرحلة الجديدة اسوأ من السابقة، وعلى قاعدة التقدم الى الوراء، يترحم ابناء الشعب على الحاكم المخلوع او المقبور.
حالة التشبث بالماضي بوصفه افضل من الحاضر والمستقبل،لازمت حياة العراقيين،وترسخت في أذهانهم،منذ القدم، فاصبح التمسك بالماضي سلوكا، يعبر عن حالة اليأس، رافقه الشعور بالخوف والقلق، فولدت الحاجة الى البحث عن كل وسائل حفظ الأمن، بدءا من المكاوير وحتى البنادق باختلاف أنواعها وأشكالها، ففي مواسم الانفلات الأمني، وغياب دور المؤسسات الرسمية تصبح لغة البارود سائدة، واطلاق النار في مناسبات الأفراح والأحزان ظاهرة اجتماعية،يمارسها من يحمل السلاح، ليؤكد عشقه للبارود، ولا غرابة في الأمر، لان حامل الكلاشنكوف، رضع البارود يوم كان رضيعا في المهد.
ومنذ إعلان ولادة الخلافة الجديدة في المدن الخاضعة لسيطرة تنظيم داعش، ارتفعت أصوات أبناء العشائر من عناصر الصحوات والإسناد تطالب بدعمها بالسلاح، وعكست أحداث الضلوعية قدرة وإمكانية الجهد الشعبي على مواجهة الجماعات الإرهابية،والحد من تمددها نحو مناطق اخرى داخل حزام العاصمة، وكانت ولادة الحكومة الجديدة عاملا اخر ساعد على الاصطفاف مع قوات الجيش والشرطة لمواجهة التهديدات الأمنية، وبعض العشائر تناست خلافاتها مع الحكومة، لشعورها بان بلورة موقف موحد لردع خطر داعش يتقدم على كل الأولويات، وعلى أصحاب القرار استثمار هذا التحول الجديد لتحقيق إنجازات عسكرية على الأرض بدعم من طيران التحالف الدولي، لتحرير المدن الخاضعة لسيطرة الجماعات المسلحة.
ممارسات الحكومة السابقة، عطلت دور الصحوات، ومجالس الإسناد فتحولت الى واجهات لبعض زعمائها فسخروها لتحقيق مكاسب سياسية وشخصية، وفي اول"طكة"ظهر ان الصحوات كانت، مجرد قوة لحماية زعيمها، سرعان ما تخلى عن عناصرها عندما قرر الإقامة في بغداد وتفرغ للإدلاء بتصريحات للفضائيات، وتوجيه الاتهامات للآخرين، والمشكلة الاخرى ان الفريق الحكومي السابق كان يعتقد بان تزويد الصحوات بأسلحة حديثة سيجعل كل عشيرة تحتفظ بأسلحة ثقيلة، ليس من المستبعد استخدامها بقصف المنطقة الخضراء، والإطاحة بالنظام الديمقراطي بمدفع العشيرة.
مدفع العشيرة
[post-views]
نشر في: 19 أكتوبر, 2014: 09:01 م