هل أن الأميركيين ينتصرون أم يخسرون في عملية " الحل الجذري" – التي أطلقت على الحرب الجديدة ضد داعش ؟ انه ليس سؤالا مخادعا لإحراج ادارة أوباما، رغم كونه سؤالا يصعب الرد عليه. بإمكان الأشخاص العقلانيين ان يختلفوا في ذلك، لكن يجب التحقق من حالات ال

هل أن الأميركيين ينتصرون أم يخسرون في عملية " الحل الجذري" – التي أطلقت على الحرب الجديدة ضد داعش ؟ انه ليس سؤالا مخادعا لإحراج ادارة أوباما، رغم كونه سؤالا يصعب الرد عليه. بإمكان الأشخاص العقلانيين ان يختلفوا في ذلك، لكن يجب التحقق من حالات التفاؤل و التشاؤم. 

كانت إدارة أوباما على صواب في قولها أن الوقت مازال مبكرا للحديث عن كسب الحرب بشكل مؤكد و نهائي، فقد تعترضه انتكاسات تعبوية في الطريق. كان النقاد متسرعين في توقعاتهم بفشل جهود عام 2001 لإسقاط طالبان، و في تحذيراتهم من كون اجتياح العراق عام 2003 غير ناضج و سابق لأوانه . لكن الانتقادات الأخيرة أثبتت صوابها في أن حرب العراق كانت تتفكك في 2006 رغم اننا كنا نعتقد عكس ذلك في عهد إدارة بوش.
هناك سببان لضرورة معرفة ما اذا كنت منتصرا أو خاسرا. السبب الأول و الأكثر أهمية هو لأن الحروب لا يكسبها الطرف الذي يدخل الحرب بأفضل الخطط، و إنما الطرف الأفضل ابتكارا و استجابة للموقف الذي يتكشف لاحقا. ان مقولة " ليست هناك خطة دائمة عند الالتحام مع العدو " هي أمر بديهي في الستراتيجية و انها تعني ان الطرف الذي يبطئ في تعديل الخطط هو الخاسر.
الركيزة الأكثر أهمية في القوة العسكرية الأميركية هي ليست البراعة التكنولوجية، و انما القدرة على التعلّم و التعديل. يمكن لأي طرف ان يعدّل و يبتكر فقط اذا كان يمتلك آلية تقييم صحيحة و موثوقة ليعرف كيف يتصرف . السبب الثاني هو لأن الدعم السياسي – الذي يعتبر شرطا لأي ديمقراطية تخوض حربا متواصلة مثل هذه – يتوقف على ما اذا كان للرأي العام و ممثليه المنتخبين سبب وجيه للاعتقاد بأن جيشهم سينجح في إنجاز المهمة في نهاية المطاف . الخسائر البشرية التي لا مفر منها في الحرب مقبولة سياسيا اذا كانت المهمة ناجحة، و لكن اذا كانت المهمة محكومة بالفشل فحتى الخسائر القليلة تتعرض لانتقادات سياسية .
لغاية الآن لم تحدد الإدارة الأميركية أو توضّح معايير النجاح ( أو الفشل ) التي تعطي فكرة واضحة عما تتكشف عنه الحرب على داعش. لقد أكدت الإدارة على ان هذه الحرب ستستغرق وقتا طويلا و يجب ان نتوقع بعض الانتكاسات التعبوية ، لكنها لم تحل لحد الآن مسألة المعايير حيث أنها تواجه صعوبة في ذلك كما حصل في حرب العراق الأخيرة . ان تحديد المعايير المضللة أكثر سهولة من تحديد المعايير النافعة. ربما يكون عدد الفظائع التي ارتكبها تنظيم داعش و التي تمت تغطيتها إخباريا عددا مضللا و غير صحيح، و ربما سيستمر التنظيم لفترة طويلة بارتكاب أعمال رهيبة تهز الضمير الإنساني بعد ان شكّل تهديدا سياسيا قويا في المنطقة. و ربما يكون عدد العجلات التي دمّرها التحالف من خلال الضربات الجوية مضللا أيضا و أقرب الى الإحصاء الشائن للقتلى خلال حرب فيتنام.
ما نحتاج اليه هو معايير تتناسب مع الأهداف السياسية للحرب، و هذا له صلة بانتقاد وصف الهدف السياسي بأنه " إضعاف و من ثم تدمير " داعش، فالإضعاف ليس هدفا جيدا حيث انه قابل للتحقيق تعبويا لكن لا أهمية له ستراتيجيا، اما التدمير فانه مهم ستراتيجيا لكنه غير قابل للتحقيق تعبويا ( على الأقل على مستوى الجهد الذي نرغب القيام به ).
اذا ما حددت الإدارة الأميركية معايير جيدة و فاعلة تبدي تقدما تجاه النجاح حتى لو كان بطيئا أحيانا، و اذا كشفت المؤشرات بأننا نخسر – بشرط ان تقوم الإدارة بالتعديل المناسب – فسيحظى الرئيس أوباما بالدعم السياسي الذي يحتاجه لمراجعة هذه الحرب وصولا الى النتائج المتوخاة .
عن : فورن بوليسي