بديهي أن يسود القلق دوائر صنع القرار في الرياض، بعد تنامي نفوذ الحوثيين في اليمن الذي استمر لعقود كحديقة خلفية للسعودية تنفرد فيها بالنفوذ، بينما هي اليوم تجد نفسها بين فكين مفترسين أحدهما وأخطرهما مجاورة الموالين لطهران، وهم يسيطرون اليوم على واحد من المنافذ الحدودية معها، فيما اعتبره البعض مقدمة لغزو حوثي للسعودية، التي ظلت تفرض سيطرتها على الحدود لعدة أعوام، كانت علاقتها خلالها متوترة مع جيرانها العراقيين غير المتعاونين معها ،ومنعت خلالها عمليات التسلل من اليمن، وركزت نشاطها الأمني على منع العمليات الإرهابية على أراضيها، وهي تهدد اليوم بمهاجمة حاسمة ضد أية تجمعات مشبوهة قرب حدودها.
يقال إن السعودية تعتبر أن ما يجري في اليمن هو مجرد مشكلة داخلية، ناجمة عن ضعف الحكومة والتوازنات الداخلية، وأنها معنية بحماية وضعها الداخلي أكثر من اهتمامها بما يجري في اليمن وهو قول يُجافي الواقع، لأن نشوب حرب أهلية بات واقعاً، ويحظى أحد أطرافها بدعم إيران التي تعلن رسمياً دعمها للحوثيين، في ما تصفه بنضالها الحق الذي تخوضه، وتأمل أن تقوم جماعة الحوثيين في اليمن، بدور مماثل لدور حزب الله في لبنان، وهي حرب ستؤثر على السعودية في ظل ما تشهده مناطقها الشرقية من حراك، وهي لذلك تؤكد وقوفها إلى جانب اليمن حتى إن أحكم الحوثي قبضته، وترى أن الوضع في اليمن مؤسف، لكنه قد يكون بداية عملية لتصحيح الأخطاء، والخروج من لعبة الكراسي التي أنهكت العباد والبلاد.
استفاد الحوثيون من كل التناقضات، ولعبوا على كل الحبال، حتى تمكنوا من السيطرة على صنعاء, فهناك رئيس ضعيف حيّد الجيش وهو قائده الأعلى، ورئيس سابق أطيح به يواصل لعبة رقص الأفاعي، يزودهم بما استولى عليه من أسلحة الدولة قبل سقوطه، وبراغماتية فاقعة تحكم تصرفاتهم، فيتخلون ببساطة عن أصدقائهم ويبنون صداقات مصلحية عابرة وقصيرة، وبعيداً عن الأعين كانت سلطنة عمان تلعب دور وكيل طهران، ووقع الرئيس هادي في الفخ، ظناً منه أنه سيكون المستفيد الأول من تهميش الإخوان على يد الحوثيين، لكنه كان كمن يستجير من الرمضاء بالنار، ففقد دعم الرياض ولم ينل رضى طهران، وكانت الضربة القاضية لسياسته قراره برفع الدعم عن المشتقات النفطية، وكان الحوثيون بالمرصاد لخطوة غير شعبية كهذه، فانقضوا على العاصمة مستغلين لقرار يقال إنه كان متفقا عليه.
مهمة الملاحظة بأن سياسات بعض الدول الخليجية قضت على حضورها في اليمن، بدعمها للحوثيين لمواجهة تنظيم الإخوان، ومباركة اتفاق السلم والشراكة الذي أغفل أي ذكر للمبادرة الخليجية، وأسس للمرحلة المقبلة التي استهلها الحوثيون بمحاولة السيطرة التي يمنع استكمالها قتالهم مع القاعدة، وبعض القوى الرافضة لتمدد النفوذ الإيراني على أسس مذهبية، وهناك اليوم المخاوف من انفصال عرى الوحدة التي فرضت بقوة السلاح، فيما تسود حالة الترقب في الجنوب بعد سقوط صنعاء، وفقدان أية ثقة بهادي مع بروز نزعة انفصالية متجذرة لدى أهل حضرموت والمهريين، ورغم تنكر هادي للسعودية فإنها تخشى إطاحته وسيطرة الحوثيين الكاملة على السلطة، وما سيتبع ذلك من فوضى عند حدودها، تستقطب اهتماماً كان يتركز عند الحدود مع العراق.
داعش في العراق والحوثيون في اليمن وغليان في المناطق الشرقية، وحرب ضمن التحالف الدولي في أجواء سوريا وعلاقات متوترة مع تركيا، ويكابر البعض بالقول إن الوضع مستقر في مملكة الوهابيين.
الحوثي خطر جديد على السعودية
[post-views]
نشر في: 20 أكتوبر, 2014: 09:01 م